الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وماذا بعد كورونا ؟؟؟

بات واضحاً أن خط الدفاع الاول ضد هذا الڤايروس ، هو الفرد في التزامه البقاء في المنزل ، والابتعاد عن التجمع وكثافة التواجد ، والالتزام بالوقاية والطرق الصحية التي باتت معروفة للجميع ، مع الإرادة والصبر والتحمل ...

ما اثبت انتشاره بتلك السرعة اكثر من اي وباء اخر في التاريخ ، هو بسبب وسائط النقل السريعة بين القارات، والاستهانة بقدرات هذا الڤايروس من حصد الارواح ، ثم تأخر معظم الدول في اتخاذ تدابير العزل والاحتياطات اللازمة ...

الجانب الاخر الذي ربما لم نتناوله بهذه الجدية ،هو الحيطة والانتباه للأمور الصحية الاخرى ، فعند المرض الاعتيادي ، او الإصابات وحالات الطوارئ ، سيكون وقعها ربما أسوأ من الكورونا حيث لن يجد المريض مكاناً في المستشفيات نتيجة الزخم الهائل، ونقص المعدات والكوادر الطبية...

كما ان الشعور بالمسؤولية ، هو أمر حيوي للتعاضد الوطني والاجتماعي ، فالابتعاد عن الاحتكار سوف يساعد على تطبيق منع التجمعات والتزاحم ،علماً ان المصانع والمزارع ، لن تكون بنفس المستوى الانتاجي السابق على المدى القريب ...

هذه التجربة التي أرخت بظلالها على العالم ، تحفزنا لأن نتعلم منها درساً بعدم التهاون امام ما يصدر عن المصادر العلمية ، وعدم التأخر او التستر على مثل هذه الكوارث من اية جهة كانت ، وهذا ما جعل الكرة الارضيّة وكانها توقفت عن الدوران ، فهدأ صخب المركبات ، وخمد أزيز الطائرات وتلاطمْ امواج البحر مع السفن العملاقة وعابرات المحيطات ، وكانها البدايات الاولى لسيادة صوت المحركات قبل اكثر من قرن ، على وقع القوائم والخطوات ...

وقف نبض العالم ومراكز إنبهاره ، فهذا سور الصين العظيم ينفض غبار الزمن ، تلاشت الكتل البشرية فوقه للتعرف على بلاد التنين ، ينادي على ساحة الفاتيكان التي تصدح فيها صدى النواقيس الحزينة ، تشرأب قمة أيڤل بنظرة أسى الى إنسياب مياه السين المتثاقلة ، ودقات ساعة بيغ بنغ ، تناجي أجراس سوق المال الخاوية في نيويورك عاصمة المال، تنظر اليها من بعيد اضواء دزني الساطعة ، تنعكس على الفراغ ، تواسيها قباب الساحة الحمراء التي تتحسر على ما تعودته من أنظار مُسمّرة وأعناق مشرأبة ، هائمة بمنظرها الخلاب ...

ضربة ماحقة من عدو العالم كله ، لا يُرى ، ولكنه الأكثر عدوانية وتدميراً...

من المفيد ان نعلم بوجود مجموعات كبيرة من جيوش تعيش بيننا ، هي البكتريا والفايروسات والفطريات ، انه عالم بحد ذاته ، وعلم يشغل جهد وبحوث العلماء ، بالاستعانة باحدث الأجهزة المختبرية والحيّز الأكبر من الوقت والتجارب ...

وبعملٍ دؤوب وتفانٍ وتضحية ، أُكتشفت لقاحات للكثير من الأمراض كالحصبة والجدري والتدرن وشلل الاطفال والملاريا وغيرها ، فهي نتائج تظافر جهود العلماء التي انقذت ملايين البشر بمختلف الإعمار ، ونتيجة التعاون بين الدول في السباق لمحاربة تلك الأوبئة ...

ما نحتاجه الْيوم هو الاقتداء بأولئك العلماء الذين ، وبجهود فردية لقسم منهم ، اخترعوا لقاحات انقذت حياة الملايين ، ولا زالت تسمى باسمائهم كلقاح سالك ( نسبة الى الطبيب الاميركي الذي اكتشف لقاح شلل الاطفال، ومن ثم طوره العالم الامريكي ألبرت سابين كقطرات تعطى عن طريق الفم ) ومثال اخر هو لقاح الجدري قبل مائتي عام والذي اكتشفه العالم الإنكليزي ادوار جينر ...

إنها مسؤولية الفرد في

هذا العالم الغير مرئي ، المتعدد الفصائل ، يجعلنا نفكر بِما هو قادم من سلالات جديدة اخرى ، وكيفية التصدي لها بمثل تلك التضحيات التي انبرى لها العلماء في السابق ومن مختلف الجنسيات، دون حسابات الربح والخسارة ...

انه الصمت المخيف الآن ، له رهبة اكثر بكثير من الانهيار،

الانظار تتوجه وتستنجد بشركات الأدوية ...وما أن أعلن عن إمكانية استخدام علاج ، كان مخصصاً منذ سنوات لمعالجة الملاريا , ( يعتبر دواء قديم خارج الاستعمال ) كال( hydroxychloroquine)حتى تهافت الناس في بعض الدول على الصيدليات للبحث عنه دون دراية او مقدمات ...

بعد هذه الخسائر بالأرواح ، وهذه الانتكاسة الاقتصادية الرهيبة ، وتسريح ملايين العمال ، وغلق المعامل والكثير من الاعمال ،

ما هي ملامح المرحلة القادمة ؟ أهي علامات السباق وحرب تنافسية استباقية بين الدول لسرعة انتاج لقاح ، او علاج فعال ؟ وكيف سيكون الحال اذا ظهر ڤايروس آخر دون سابق إنذار ؟

سناريوهات كثيرة قد نصادفها اذا لم يقف العالم بأسره صفاً واحداً للتصدي لهذا الطارئ الجديد ، وإذا لم يتوقف الصراع المادي الذي يستهين بارواح البشر ...

إنه درس لدفع عجلة العلم والتطور اكثر من اي وقت مضى ...الى النضال من اجل تغيير النظرة الى الحياة ، الى السعي لكلما يعزز كرامة الإنسان ومستلزمات العيش الكريم والآمن بعيداً عن هاجس البحث عن لقاح جديد وكفوف وكمامة والقبول بالعزلة والاختباء ...

لنصلي وندعو بالسلامة لكل الأطباء والكوادر الصحية وكل العاملين في هذه الاوقات الصعبة، وهم يحاربون بشجاعة ونكران ذات في الصفوف الأمامية ، والى كل البشرية لتتخطى هذه المِحنة ، وتنتصر إنسانيتها ونخوتها ، قبل الانتصار النهائي على هذا الوباء...

  كتب بتأريخ :  الإثنين 23-03-2020     عدد القراء :  1911       عدد التعليقات : 0