الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مفارقة في موقف نبيل تجاوزت الخصومة السياسية (5)
بقلم : سعيد شامايا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في 1960 كثرت نشاطاتنا الادبية والفنية في القوش العزيزة وكانت تؤوَل (من قبل البعض المحافظ ) بنشاطات يسارية وكرد فعل استغلها الامن فبرزت متابعاته ومضايقاته  ومراقبته لها، يوما قاد شرطي باسم الامن أحد أصدقائنا(سعيد ميخا زَراكا) الى المخفر بتهمة وجده يقرا كتابا شيوعيا في البيدر، ولم يتوانى مأمور المركز بل وجدها فرصة لاحداث القلق في التلدة تجاه السياسين، وأضاف الشرطي : ومن بعيد وجدت معه القصاب من اهل موصل، غادره قبل وصولي،(صاح المأمور بوجهه: أثول كان عليك ملا حقة الاخر كي تنال مكاقأة مو دجيبلي هذا اللي نعرفه)وسأل المأمورصاحبنا متهكما: استاذنا بيا موضوع كنتم تجتمعون؟ أجأبه: لا إجتماع ولا موضوع فثط عبر الرجل وسألني عن طريق الدير فاشرت له وعبر دون أن يتوقف .  قاد المأمور  صديقنا الى المحكمة لتأمر بتوقيفه، حين اصغى القاضي وعرف أن الرجل يحمل كتابا مستعارا أفرج عنه، لكن مأمور المركز طالب بتوقيف سعيد شامايا صاحب الكتاب، عندها طلب القاضي من الحاجب احضار سعيد الذي كان يمارس عمله في مدرسته،،،

وسألني القاضي: هل أنت مالك الكتاب ؟  قلت له نعم واسمي عليه، وسأل :ما الغاية من ترويج قراءته ؟ قلت : مجرد كتاب أدبي لجورج حنا يباع في المكتبات استعاره صديقي للتسلية .

قال : ممثل الامن يتهمك بترويج الافكار السياسية، مع ذلك ترى المحكمة أن تدقق الجهات المسؤولة فيما إذا كان الكتاب ممنوعا، عليه ستخرج الان بكفالة لحين وصول الجواب، هذا قرار المحكمة، هنا قال المأمور واقفا: لا سيدي ارجو بقاءه في الموقف حتى ظهور النتيجة، ابتسم الحاكم قائلا لي عُد الى مدرستك بعد أن توفر كفيلا عنك .

هنا دخل المرحوم الياس حنو وقال :سيدي أنا اكفل استاذ سعيد بالمبلغ الذي ترونه . امتعض المأمور صائحا: لك الياس هذا شيوعي عدوك وانت بارتي كيف تكفله ؟ اشر الحاكم متذمرا قائلا  لمأمور المركز: تروّ ! أنت في المحكمة، خذ الكتاب وقم بواجبك فقط،، وتمت الكفالة، بينما انتظر المأمور ليعاتب سيد الياس الذي رد عليه قائلا : سعيد إبن بلدتي أدافع عنه في المظالم وأن اختلفت أفكارنا  اعرفوا هذا . وكانت مفارقة استحسنها ابناء البلدة وخلقت جوا من الالفة .

يومها كانت العلاقات الاجتماعية عند الضرورة تتجاوز الخلافات في الافكار او في الانتماء الحزبي عند المتمسكين بتلك القيم، ويعتبرون الذي تجرفه دوائر الامن عميلا خائنا ،

ومرت ايام دون أن تظهر أية نتيجة، في صباح يوم جمعة والساعة لم تصل السادسة بعد مرور أكثرمن شهرعلى القضية، طرق بابنا الشرطي حبيب بابلا(سورو) وهو من عائلات مرموقة في القوش يعمل كشرطي كاتبا في المركز، قال بجد : سعيد اخبرك أمرا مهما بالنسبة لك دعه سرا بيننا و حذار أن تفشيه لاحد لان ذلك خيانة لواجبي، لقد عاد كتابك مع رسالة مختصرة (الكتاب ليس ممنوعا وقراءته ليست محذورة) . وكانت هذه أيضا مفارقة شكرته كثيرا ووعدته خيرا .

ومرت ثلاثة اسابيع، مساء ونحن نغادر المقهى مجموعة من الاصدقاء لاحظت المأمور جالسا في دكان بقالة همست لاصحابي أن ينتظروا منشغلين مع بقال صديق مقابل الدكان حيث المأمور لانني سافجر قنبلة مسالمة لكنها قوية، وتقدمت الى المأمور، حييته وصاحب الدكان ممثلا الود  وقلت برفق: منذ مدة وأنا انتظر جواب المحكمة لأحرر صديقي الياس من كفالته ولاستلم كتابي إن كان الجواب خيرا بالنسبة لي.,,, قال بصوت عال مقاطعا : هذا جزائي يا استاذ سعيد لانني وجدت في كتابك ورقة صغيرة كانت رسالة حزبية أخفيتها عن الحاكم ؟ قلت ايضا بهدوء : علام تخون واجبك، م

  كتب بتأريخ :  السبت 13-06-2020     عدد القراء :  1479       عدد التعليقات : 0