الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
غياب البديل

الشعوب كلها تسعى للتقدم والتغيير نحو الأفضل، ومنها الشعب العراقي الذي عانى خلال المئة عام المنصرمة من حياته شتى انواع الأضطهاد من قبل السلطات، ومجازر الحروب الداخلية والخارجية التي ادت الى الأخفاق تلو الأخفاق وصولاً لما نحن عليه اليوم.

ومن بين اهم مستلزمات التغيير هو معرفة وتحديد البديل. وان يكون هناك شبه اجماع على الأقل حول منحى التغيير المطلوب. فحينما رمى احد الضباط البواسل رصاصات الغضب على لوحة صدام الجدارية على ابواب البصرة بعد هزيمة حرب الخليج الثانية والخسائر البشرية الكارثية بسب حرب قامت لطموحات شخصية ونعرة بدوية، لم يكن على بال ذلك الضابط الجسور سوى ان يلعن صدام علناً، ولو يتمكن لقتله بنفس الطريقة التي رشق بها صنمه الجداري. والكل يعلم مالذي حدث بعد ذلك من فشل للانتفاضة الشعبانية عام 1991.

بعد ذلك نشطت العديد من المنظمات في خارج العراق تحت تسمية المعارضة وعقدت عدة اجتماعات توحيدية في فينا وبيروت واربيل وآخرها في لندن قبل دخول التحالف بقيادة الولايات المتحدة المريكية في عام 2003 لتحرير عفواً لاحتلال العراق، وتهافتت القوى المعارضة في الخارج من علمانيين ورفحاويين ودعاة دين وغيرهم مضافاً اليهم الناهضين من الداخل والذين لم يحسب احد حسابهم (الصدريين)، وعودة الميليشيات الشيعية من ايران وزحف البشمركة على وادي نينوى وكركوك، وترشيح شخصيات سنية من السعودية ودول الخليج (غازي الياور) وتقمص الكثير من البعثيين اقنعة جديدة لكنها شفافة لا تخفي الذي خلفها (اياد علاوي). كل هذه المكونات الغير عقائدية سياسياً لأن معظمها مبني على ولاء شخصي ولأنها مبنية على المكونات الطائفية والعرقية والمناطقية، جمعهم بريمر تحت رايته وانظوا تحتها، ليجد انهم ليسوا متفقين سوى على شيئ واحد هو نهب وسلب العراق، وهذا ما وافقت شنة طبقة عليه. وعليه مشروع اسقاط صدام وحكم البعث كان غاية وهدفاً في آن واحد وبالتالي لا يهم ما يحدث بعد ذلك، وهذا ايضاً ما ادى الى ما نحن عليه.

الشارع العراقي اليوم وخلال الستة عشر سنة الماضية يتكلم بحرارة وبصدق وبمرارة عن الفساد والنهب والطائفية وتخلف الخدمات الصحية والتربوية ووووووو. ولكن لم اسمع اي منهم يتحدث عن البديل!  وعليه كل دورة انتخابية نتصور ان الناخبين سيزيحون الفاسدين من سدة الحكم، ولكن ما يحدث هو العكس. ونتصور من ان " المجرب ، سوف لا يجرب" ويحدث العكس، وحينما يتغير رئيس الوزراء سيتغير كل شيئ ولكن العكس هو الصحيح.

اين البديل؟ وهل البديل هو شخص منقذ مثل نوري السعيد او عبد الكريم قاسم؟ ام نظام سياسي ديمقراطي وصارم في آن واحد مثل تركيا او ايران؟ ام نظام ملكي يستند الى نظام عشائري ودستوري شكلي كنظام الأردن والسعودية؟ ام نظام ديمقراطي اشتراكي مبني على الحقوق القصوى للأنسان ونظام مبني على الثقافة والمثل الأنسانية العليا مثل الدول الأسكندنافية؟

للأسف الشديد فإن الدول النامية عموماً وليس العراق فقط لم يعثر على النموذج الخاص به والمناسب لطبيعة تكوينه. العراق كغيره مستهلك لتجارب ونظم الآخرين وليس منتجاً لتجربته الخاصة. لذلك كثرة الحديث عن سوء حال هذا العهد اوذاك غير مجدية او نافعة قبل الحديث عن البديل سواء كان البديل شخص او حزب او نظام او فلسفة يتفق عليها غالبية ابناء الشعب الواحد.

المشكلة عندنا هي طريقة التفكير وهو اننا نفكر بالماضي وليس بالمستقبل. وهذا امر سهل جداً. الأمر الصعب والذي يتطلب عناءاً وتفكيراً ودراسة ومفاوضات وحلول وووووو، هو التفكير المستقبلي. سألت العديد من اصدقائي في داخل العراق وفي المهجر. اذا لم يعجبك عادل عبد المهدي فمن هو البديل المناسب؟ صمت وتردد في الكلام لأن البديل غير معلوم. حتى ان المتظاهرين الذين رفعوا شعارات لا كم ولا حصر لها، إلا انهم لم يستطيعوا ان يرشحوا اي شخصية عراقية لتحل محل عادل عبد المهدي بعد استقالته. واليوم الكاظمي يبدأ مشواره التجريبي الذي لا جديد فيه، لأن الخطاب السياسي للجميع متشابه، ولكن العبرة بالتطبيق وليس بالوعود. المشكلة لن ولم تحل حتى تبحث الأوطان جميعاً ومنها العراق عن نموذج مناسب لطبيعتها وطبيعة سكانها وامكانيات اقتصادها وعاداتها وتقاليدها والقدرات النفسية والأجتماعية للتغيير، لأن الله لا يغير في قوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم.

محمد حسين النجفي

الأول من تموز 2020

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 30-06-2020     عدد القراء :  3411       عدد التعليقات : 6

 
   
 

محمد حسين النجفي

عزيزي استاذ نجاح
اتفق معكم في معظم اضافاتك القيمة، ولكني اؤكد من ان الطروحات المقدمة من قبل المتظاهرين او المكونات السياسية المعارضة ومنها اليسار والقوى المدنية، مازالت قاصرة عن تسميتها بدائل وطنية متكاملة، وانما هي شعارات مرحلية لمقارعة الفساد والمحاصصة. القوى الفعالة الناشطة عليها ان ترسم الخطوط العريضة لبديل متفق عليه لحل محل البديل الحالي. اكاد ان اراهن من ان الانتخابات المبكرة القادمة ستكون مثبطة للعزائم لان البديل غير واضح للناخب العراقي. خالص تحياتي


Guestنجاح يوسف

لا يمكننا الحديث عن طبيعة البديل، أي بديل، دون أن نشخص بشكل جلي ميزان القًوى ومستوى الوعي في المجتمع.. قبل سقوط النظام الصدامي عن طريق الحرب والاحتلال، كانت معظم المعارضة العراقية تعيش خارج العراق وحُدد لها دورها من قبل الولايات المتحدة عند حلول ساعة الصفر.. القوى الفاعلة الرئيسية في الداخل، كانت القوى الكردستانية والشيوعيين بحكم وجود البيشمركة المسلحة في كردستان العراق الشبه مستقلة، إلى جانب وجود القوى الشيعية المتواجدة في ايران والمدعومة عسكريا وتسليحيا وسياسيا منها.. لذلك فإن البديل المشوٌه الذي تأسس من هذا التنوع الغير منسجم ومحاولة الاحتلال تقسيم الشعب العراقي قوميا وطائفيا لكي يسهل عليه تطويعه عبر مجموعة من الاجراءات وشراء ذمم الكثيرين من أقطاب هذه ( المعارضة) .. ورغم أن هذه العملية أصبحت كارثة سياسية واقتصادية ومجتمعية ، إلا أن تلك القوى الطائفية والعرقية استساغتها ودافعت ولا تزال عنها بسبب الاموال الطائلة التي دخلت إلى جيوبها بينما غالبية الشعب يعاني الأمرٌين، كما أن العراق أصبح بفعل ذيلية معظم القوى الشيعية إلى عمق استراتيجي سياسي واقتصادي ومالي لا تريد خسارته .. وعند انبثاق انتفاضة تشرين الباسلة وتقديمها الشهداء البررة ، لم يكن لها قيادة واعية بخطورة المرحلة، وبقيت شعاراتها تطالب باستقالة رئاسة الوزراء وشعار مركزي مهلهل ( نريد وطن) .. ما شكل هذا الوطن، وما النظام السياسي الاقتصادي والاجتماعي الذي يرغب به المنتفضون؟ وبسبب ضعف الوعي السياسي الوطني ، ورغم ظهور شعارات ناضجة من قبل اليسار العراقي الذي وكما يبدو من شعاراته بأنه يريد نظاما ديمقراطيا وعدالة اجتماعية ، وهذا بحد ذاته شعار لا يحدد طبيعة القوى التي يمكن التعويل عليها لبنائه ، سيما أن الشريحة الكبيرة من المنتفضين ما زالت تعول على موقف المرجعية الدينية وتراهن على لعبها الدور الريادي في التغيير .. وهذا الموقف يحمل ضعفا وقوة في نفس الوقت، وهنا تبرز حذاقة قوى التغيير الاستناد على قواها الذاتية، وهي ليست قليلة وبرهنت قوتها، والضغط على المرجعيات الدينية وخاصة في النجف من أجل تحمل مسؤوليتها تجاه الشعب، وكما فعلت عام 2005 عندما دعمت القائمة الشيعية 555 وبرهنت على فشلها وانتقالها الى الفساد ونهب الثروات ورهن حاضر ومستقبل العراق الى ايران، ينبغي أن تقوٌم المرجعية موقفها وتنحاز الى الشعب دون مواربة وتأويل.. فهذا البديل (التغيير) الذي لم تظهر بعد ملامحه ، ولكن تم طرح طريقة وإسلوب الوصول الى الهدف وهو الانتخابات المبكرة ومجموعة من المطالب التي شخصتها القوى الواعية من المنتفضين..


Guestمحمد حسين النجفي

عزيزي سامي اعتقد نريد اكثر من تسع طلقات لأن الخونة كثرُ. افهم ما تريد ان تصل اليه. ولكن يبقى السؤال من يحل محلهم؟ وما هي نوعية النظام الذي سيحمي الشعب من الحكام الجدد؟ ما هي طبيعة النظام السياسي المناسب والذي سيتفق ويرضى به كل عفواً غالبية العراقيين. تحياتي


Guestمحمد حسين النجفي

اخي حسام حب الوطن والأخلاص متطلبات تسبق البحث عن البديل. ولكن الوطن ك "ليلى" الكل يدعي حبها، ولكنها والوطن لا يقر لهم بذلك. اتفق معك في موضوع حب الوطن اساس. فحينما خسرت تركيا واليابان والمانيا الحب، اعادوا بناء بلدانهم افضل من السابق لانهم خسروا حرب ولم يخسروا الوطن. تحياتي


حسام عناني

محبة الوطن بكل مواطنيه هية الخطوة الاولى للبحث عن البديل. شكرا علا المقالة الحلوة اللتي تحثنا لما هو أحسن.


Sami

البديل في راي لبلد العراق : اذا اردت بناء وطن ،وضع عشر رصاصات في مسدسك تسعة منها للخونة من ابناء بلدك وواحدة للعدو.
فلولا الخونة من بلدك لما تجرأ عليك العدو من خارج بلدك.