الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بمناسبة رحيل ابنة الشعب المناضلة زكية خليفة
بقلم : الدكتور جبار ياسر الحيدر
العودة الى صفحة المقالات

زكية خليفة تقول ... بيكم ريحة اهلنا



عرفتها عن بعد ومن خلال الشاشة الصغيرة منذ النصف الثاني من الخمسينات في القرن الماضي ومن خلال بعض الشخصيات التقدمية في بغداد وريف العمارة بانها من عائلة مناضلة ودورها الفاعل في استنهاض الوعي والحس الوطني والثقافي في الحركة الفلاحية التقدمية ، ثم ازدادت معرفتي بها من خلال نشاطات اتحاد الطلبة العام قبيل ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وبعدها في بداية الستينات في تقديم العروض المسرحية الهادفة في الكليات مع مجموعة من اشهر الفنانين وعلى رأسهم الاستاذ يوسف العاني والاستاذ سامي عبد الحميد وناهدة الرماح والمرحومة زينب وكثير غيرهم ... كانت ادوارها مميزة وتتسم ببساطة وطيبة المرأة الريفية العراقية حيث دخلت في قلوب المتلقين العراقيين واصبح اسمها مقترنا باسماء المبدعات والمبدعين في فرقة المسرح الحديث ... وبعد حصول كارثة الشعب العراقي في الثامن من شباط الاسود 1963 علمت انها اعتقلت وتعرضت الى صنوف التعذيب الوحشى والسجون حالها حال كل النساء العراقيات الشريفات المناضلات وانقطعت عني اخبارها حتى سفري الى المملكة المتحدة في عام 1969 لدراسة اختصاص الجراحة ... وفي لندن علمت من احد الاصدقاء بقصتها المؤلمة واخبارها العائلية وانفصالها عن زوجها الشخصية السياسية المعروفة .؟

وبعد سنوات قليلة من عودتي للعراق في منتصف السبعينات وحينما كنت اقوم بتأدية واجبي في العيادة الاستشارية الجراحية في مستشفى الكندي التعليمي / بغداد تفاجئت بدخولها للعيادة وكانت بصحبة اختها وابن اختها سعدية الزيدي ، ورحبت بها وفرحت لرؤيتها وهي بكامل عنفوانها وشخصيتها القوية وقلت لها " الحمد لله بعدج عدلة !! " فاجابتني " ده تشوفني مثل الصل !! " واخبرتني بمقتطفات عما جرى لها من مآسي .. وقالت الان وبعد تحسن الاوضاع عاودت الى العمل المسرحي في التلفزيزن والراديو .. وبعد ان فحصت ابن اختها واعطائه العلاج اخبرتها بانني حاضر لكل مساعدة او استشارة طبية سواء اثناء الدوام الرسمي او في عيادتي الخاصة في ساحة الوثبة " حافظ القاضي سابقا " ولم تنقطع عن زياراتها لي او للمرحوم الوالد في محله في شارع النهر وحتى بداية الثمانينات حين احكم المقبور صدام قبضته واستبداده بالحكم وتدهورالوضع السياسي والحرب العراقية الايرانية ثم انقطعت اخبارها كليا .... وفي نهاية الحرب العراقية الايرانية فاجئتني في عيادتي الكائنة في شارع السعدون / ساحة النصر وهي في اسوأ حال حيث تغيرت ملامحها وبان عليها الحزن والتعب وتدهور حالتها الصحية .. رحبت بها وسالتها عن حالها وحال عائلتها فاجابتني كنت مطاردة من قبل السلطات الامنية والجيش الشعبي والمعتقلات بين فترة واخرى ، او متخفية عن الانظار ( ماخذة الراك الراك !!؟ ) وقد استشهد ابن اختي الطيار اثناء الحرب ، ومما زاد في تدهور صحتي هو غياب اهلنا ورفاقنا وقد واسيتها على ما هي فيه وبعد اجراء كافة الفحوصات الطبية اتضح انها مصابة بهشاشة العظام وضغط الدم العالي وفقر الدم ونصحتها بالزيارات الدورية المنتظمة واعطيتها بعض الادوية ... وبقيت مواظبة في زياراتها المنتظمة وبعض افراد عائلتها لي وللمرحوم الوالد وحتى خروجي من العراق في نهاية 2002 وكنت دائما اوصيها باخذ الحيطة والحذر لان تحركها مرصود من قبل البعثيين فتجيبني ( لا تخاف علي .. انا متحذرة ولكني ارى في زياراتي لكم شفائي لان بيكم ريحة اهلنا !!!؟ ) ... ومرت الايام فتكحلت عيونها بالتغيير وسقوط الصنم وكنت اتابع اخبارها من خلال الشاشة الصغيرة وانا في كندا حيث لاحظت فيها ذلك العنفوان والهيبة والنشاط المتميز مع رفاقها في مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد وشهادتها على التاريخ ودورها البارز في تنشيط رابطة المرأة العراقية ومؤتمراتها وندواتها في شمال العراق وجنوبه .. كم فرحت حينما علمت بانها احدي المرشحات للمجلس النيابي العراقي لانها تستحقه بجدارة !؟

لقد صدمت يوم امس وحزنت كثيرا وانا اتصفح المواقع العراقية برحيل المناضلة الفنانة الرائعة زكية خليفة بصمت وهي في ديار الغربة ، ولكن سيبقى اسمها ومبادئها الانسانية خالدة مع الخالدين الى ابد الآبدين ... ولعائلتها وذويها ومعجبيها الصبر والسلوان

  كتب بتأريخ :  السبت 20-02-2010     عدد القراء :  3279       عدد التعليقات : 0