الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رأي حول أزمة الإعتراف الطبي

في العراق عدة مجالس للاعتماد الوطني للبرامج والكليات منها المجلس الوطني لاعتماد كليات الطب، ومهمته هي اعتماد (accreditation) كليات الطب "وفقًا للمعايير الوطنية العراقية وتماشياً مع المعايير الإقليمية والدولية وذلك من ضمن الصلاحيات الممنوحة له من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية"، وبناء على اجراءات محددة يتم منح الكلية الطبية اعتمادا وطنيا لبرامجها اذا ما استوفت شروط الاعتماد.

ولكي يحصل المجلس الوطني لاعتماد كليات الطب على قبول وموافقة دولية اتجه نحو الاتحاد العالمي للتعليم الطبي (WFME) لغرض الحصول على اعتراف(recognition) منه. ولربما يصح القول ان المجلس منذ تأسيسه يحاول الحصول على هذا الاعتراف، ومستمر في محاولاته بالرغم من الصعوبات التي واجهته ولازالت تواجهه، ويبدو انه تخطى مرحلة الاهلية والجدارة (eligibility) ودخل المرحلة الاخيرة وهي الاعتراف الرسمي.

لا يقوم (WFME) باعتماد كليات الطب مباشرة وكل منها على حدة، هذه ليست مهمته، ولكن من خلال برنامج الاعتراف بمجالس الاعتماد يقوم بتقييم الوضع القانوني وعملية الاعتماد، ومراقبة عمليات صنع القرار لمجلس الاعتماد (الوطني) لكليات التعليم الطبي. ويمنح اعتراف (WFME) للمجلس الوطني حالة فهم بأن جودة التعليم الطبي في الكليات الوطنية المعتمدة من قبل مجلس الاعتماد هي في مستوى مقبول وصارم.

المجلس الوطني لاعتماد كليات الطب العراقية بدأ فعلا في منح الاعتماد لكليات الطب العراقية. وبالرغم من انه لا يزال في طريقه للحصول على اعتراف (WFME) فقد تم منح الاعتماد لكلية طب الكوفة وكلية طب بغداد ولربما في طريقه لمنح الاعتماد لكليات اخرى ولكن ذلك يعتمد على مدى تطبيق معايير الجودة من قبل هذه الكليات.

الاعتماد بصورة عامة ليس حكرا على المجالس الوطنية وانما يمكن لاي برنامج او قسم او كلية ان تحصل على اعتماد خارجي، وهذا ما دعونا اليه منذ بداية تطبيق نظام ضمان الجودة في العراق والذي ساعدنا في ادخاله للجامعات العراقية، ولكن دعوتنا كانت الى حصول البرامج العراقية على اعتماد من مجالس عالمية راقية (اوربية او امريكية) وليس من مجالس اقليمية او عربية فهذا لن يزيد من جودة البرامج والشهادات، ولربما سيفقد الثقة بقدراتنا الوطنية على تكوين مجلس وطني كفوء وقادرعلى منح الاعتماد وبالتماشي مع المعايير العالمية.

اصبح في المجال الطبي حصول البرنامج او الكلية على الاعتماد من قبل مجلس معترف به من قبل (WFME) ضروريا بسبب التهديد الذي تناولته الاوساط الطبية بأنه في عام 2024 لن يتم الاعتراف عالميا وبالخصوص في امريكا بالشهادة الطبية مالم تكون الكلية التي منحتها معتمدة من قبل مجلس معترف به من قبل (WFME).

لجوء بعض الكليات الطبية العراقية الى المجلس الطبي الاردني للحصول على اعتماد لن يغير كثيرا من الوضع الحالي، وهو انه في الوقت الذي يستمر المجلس العراقي لاعتماد الكليات الطبية في محاولاته للحصول على الاعتراف فأنه على الكليات العراقية الاستمرار في تحسين جودة برامجها وفقا لمعايير عالية ومقبولة دوليا. ولا اعتقد ان معايير المجلس الوطني الاردني اقل صرامة وشفافية ومرجعية من المعايير العالمية التي تتبناها المجالس المماثلة العربية او العالمية ولا تلك التي يتبناها المجلس العراقي حتى تتسهل مهمة الكليات العراقية في حصولها على اعتماد.

لذا نهيب بكليات الطب العراقية بالتكاتف والتعاون مع مجلس اعتماد الكليات الطبية وبلجنته الحالية وبتطعيمه بخبراء الجودة والاعتماد من داخل وخارج العراق لغرض اكمال المهمة التي بدأها المجلس بالحصول على اعتراف (WFME)، والعمل على تكثيف جهودها لتحسين جودة برامجها للحصول على الاعتماد من هذا المجلس، ولربما ايضا من مجلس عالمي اخر طالما ان الكلية تشعر بأن جودة برنامجها تستحق اعتمادا عالميا ووفق تقارير خبراء عالميين في الجودة والاعتماد وبما يتفق مع أفضل الممارسات وإجراءات تحسين الجودة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 22-05-2023     عدد القراء :  981       عدد التعليقات : 0