الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إنسانية بلا حدود

بين مشهد الطفلة التي قام والدها "الهمام" بتهشيم رأسها وكسر أضلاعها لأنها ظهرت عن طريق الخطأ في موقع "تيك توك"، ومشهد الفتاة الصغيرة التي تبكي على حصانها الذي فقدته. الفيديوهان ظهرا في بلاد العجائب والغرائب العراق .

ستكون حصيلة الفديو الأول، حتما تبرأة الأب من جريمته البشعة، فهو قتل ابنته وهي ملكه الشخصي، ولأننا نعيش في بلاد يرفض مجلس نوابها تشريع قانون العنف الأسري، لأن البعض من النواب "الأفاضل" يخافون على تماسك الأسرة، لكنهم غير معنيين بتماسك الوطن، ولأنهم يعتقدون أن الدفاع عن المرأة والطفل جريمة لا تغتفر ومؤامرة إمبريالية .

في هذا المناخ الفاشي ضد الأطفال والنساء، لم يعد عداد الانتهاكات يشغل أحداً، كما أن منظر مقتل الفتاة الصغيرة لم يهز وجدان الجهات المسؤولة ، ولا وجدان الأحزاب الرافضة لقانون العنف الأسري ، لا يهم أن تقهر المرأة ويعذب الأطفال!!، المهم أن تعيش التقاليد والأعراف .

في مقابل فيديو الجريمة،كان هناك خبر ينتصر للحياة وللطفولة، حين قرأنا أن الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات، تأثر وهو يشاهد فديو لطفلة عراقية تبكي على حصانها الميت، فقرر ان يهديها مجموعة خيول، ووجه بدعمها لإنشاء مركز تدريبي للخيول خاص بها.. هكذا هو المسؤول الذي يعرف قيمة الحياة، ويدرك أن مهمة الحاكم هي رعاية الناس حتى وإن لم يكونوا من مواطنيه .

في كل مرة يطلُّ فيها الشيخ محمد بن راشد ليزرع الأمل في نفوس بعض العراقيين ، يؤكد لنا أنه أستاذ في الإنسانية والحياة وفي السياسة.. ويثبت وبجدارة أن المسؤولية خليط من العدالة والمحبة ورضا الناس .

كان حاكم دبي قبل سنوات قد منح جائزة صناع الامل للعراقي المثابر هشام الذهبي ، وبعدها تبرع للطفلة العراقية " لافين إبراهيم جبار"، بدواء تجاوزت كلفته المليونين دولار، وبمحبته الغامرة للعراق كتب بعد فوز العراق ببطولة الخليج هذه الكلمات المؤثرة: "فرح العراق اليوم بعد طول صبر وانتظار وفرحت معه الشعوب والقلوب، كلنا اليوم عراقيين في الفرحة، كلنا اليوم عراقيين في الانتصار".

في كل هذه اللفتات الانسانية نجد ان هناك دوما الحجم المعنوي الذي تتخذه اليوم دولة الامارات بكل جدارة واستحقاق، متجاوزة الحيّز الجغرافي والعدد السكاني، لكي تلعب دور البلاد المحبة لجميع العرب ، والشقيقة التي تشارك الاخرين افراحهم واحزانهم .

نكتب عن تجربة الامارات وحكامها لأن الأمر يستحق منا أن نلتفت لهذه التجربة ولأننا سوف نعرف مدى الفرق بين انتباهة حاكم لطفلة عراقية، وبين جهات رسمية تعجز عن حماية اطفالها من العنف والعوز في بلاد نهبت فيها مئات المليارات من أجل أن نثبت للعالم أننا نعشق "السيادة"، لكن في الوقت نفسه حُرم المواطن البسيط من أن يتمتع ولو بشيء بسيط من الرفاهية الانسانية .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 25-07-2023     عدد القراء :  606       عدد التعليقات : 0