في كل يوم نشاهد العشرات من الشيوخ يتحدثون في صورة قاطعة، حاسمة، مؤكِّدة، في مصائر الناس، فمنهم من حاول أن يستأجر معمماً آخر ليقول إنه رأى بالمنام أحد الأئمة الصالحين يوصيه ، بأن يذهب إلى الشيخ فلان ، ويخبره بأنه سيداوي آلام جميع أبناء الأُمة الإسلامية ،
فما كان من الشيخ " صاحب الكرامات " إلا أن وضع المنديل على عينيه وأخذه في نوبة بكاء مصطنع ، طبعاً لست خبيراً في ما يفعله شيوخ التيك توك او جماعة الفيسبوك ولا ما يريدون منا ان نفعله ، لكنّي قرأت في سيرة الشيخ محمد رضا الشبيبي، وهو العالم الجليل، أنه قدّم في العهد الملكي مشروعاً لقانون يحترم العلم والعلماء ، وان العلامة السيد هبة الدين الشهرستاني، اتحف هذه البلاد بمجلة اسمها " العلم وكان الشهرستاني رجل العلم والمعرفة والسياسة . لكن البعض من شيوخ التيك توك ، بفرعيها السُّني والشيعي، مخلصون لتربية جعلت منهم تروساً في ماكنة الخرافة ورفض العلم باسم الاخلاق والفضيلة ، فهؤلاء جميعاً يرون في العلم نوعا من انواع المعصية يجب محاربته .
مَن المسؤول عن بثّ هذه الخرافات، الشيخ ، أم ذلك الإنسان البسيط الذي قرّر أن يبني جزءاً من حياته على جواب " خرافي " ؟ لسنا "الشعب الوحيد" الذي يعيش في عصر شيوخ الخرافة ، لكننا الشعب الذي يعيش في قلق توتُّرهم واستخفافهم بعقول الناس .
سيقول البعض يارجل مالك تقلب بدفاتر بعض الشيوخ ، ولا تريد أن تلاحق المثيرمن أخبار ” التكنوقراط ” الشيخ علي حاتم السليمان .
كنتُ قبل سنوات قد قرأت كتاباً بعنوان " رحلتي من الشك إلى الإيمان " للمصري مصطفى محمود ، حيث يذكر فيه أن أحد أئمة الجوامع وصف له أيام كان صبياً وصفة للقضاء على الصراصير والحشرات في منازلهم ، ملأها مزيجاً من الأدعية والطلاسم، ثم قال له: إلصق هذه الورقة على الحائط وسوف تكتشف أن الصراصير سوف تموت موتاً شنيعاً!
لكنّ الصبي مصطفى محمود، الذي آمن بالتجربة ، خاب ظنه وانهار مقام الشيخ عنده بمجرد أن أخضع طريقته للاختبار، فقد تزايدت الصراصير وأصبحت أضعاف ما كانت قبل طريقة الشيخ، حسب قول مصطفى محمود في كتابه !
والحقيقة أن شيوخ " المعجزات " اليوم لن يكونوا استثناءً ، وتأثيرهم ممتد حتى هذه اللحظة بملايين التابعين لأفكارهم، التي تبعد الناس عن القضايا الحقيقية التي جاء من أجلها الإسلام ، وأعني بها قضية العدالة الاجتماعية وحب الخير وإعلاء قيمة العمل.