الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تجارب نضالية
بقلم : قادر رشيد ( أبو شوان )
العودة الى صفحة المقالات

الإضراب الجماهيري في مدينة أربيل  سنة 1965

لجنة المکتب المحلى للحزب الشيوعي العراقي في هولێر
م.حمد أمين ، م....  ، مجيد عبد الرزاق)، مام قادر )من اليمين، قادر رشيد ، شيخ "سنة 1965
قادر رشيد ( أبو شوان )
في نيسان 1965، كانت الحركة الكردية المسلحة وحركة الجماهير التحررية في تصاعد مستمر، وفي نفس الوقت كانت العلاقة النضالية بين الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني، على الصعيدبن السياسي والعسكري في تحسن لصالح الشعبين العراقي والكردي.
كانت آنذاك العملية التفاوضية بين حكومة عبد الرحمن والحركة الكردية المسلحة بين مد وجزر، فقد بدأ عبد الرحمن عارف يتراجع تدريجيا عن وعوده من توقيع الإتفاقية بينهما لمصلحة الطرفين المبرمة في المفاوضات.
وكانت العلاقة بين الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني في تعاون وتنسيق بين تنظماتيهما بجناحيها العسكري والمدني، وكان الطرفان لهما علاقات واسعة مع الجماهير في داخل المدن وفي الريف. وكنا نحن الشيوعيين نعمل داخل تنظيماتنا في المدن والقصبات وعلى ضوء متابعتنا لتلبية مطالب شعبنا السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، في المجال العسكري ربطنا  نضالنا المدني في المدن بحركة الأنصار في الجبال، ولهذا بادرنا نحن وبالتنسيق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني  فرع أربيل بالتحرك  ضد سياسة المماطلة لدى الحكومة العراقية لتلبية  مطالب الشعب الكردي.
بادرنا باللجوء إلى إضراب جماهيري عام في مدينة هه ليرو للدفاع حقوق الشعب الكردي المشروعة و تضامننا مع نهج  سياسة حركتنا الأنصارية المسلحة، ولإنجاز مهمتنا ميدانيا، كنا في المكتب المحلي لمدينة أربيل للحزب الشيوعي العراقي كل من مجيد عبد الرزاق (مام قادر)، والشهيد شيخ علي برزنجي، و قادر رشيد، اجتمعنا بعد مداولات مع حلفائنا (ح د ك) وتمت موافقتهم لإنجاح المهمة، وقررنا دراسة فكرة الإضراب واجتمعت اللجنة المحلية لدراستها وفق توجهات اجتماع المكتب المحلي، وتم لقاؤهم بحلفائنا، وبعد مناقشات جدية  حول كيفية البدء بالإضراب وبعد التنسيق مع (فرع هه ولير لحدك) أقر بالإجماع وبثقة كاملة بقدراتنا الجماهيرية واستعداد الطرفين  لتحقيقها وتم تشخيص قادر رشيد ليكون ممثلا لحزبنا وتوزيع العمل مع حلفائنا. وكلف الرفيق جبار حسن والذي كان عضو قضاء في الحزب ويعمل في مجال العلاقات الوطنية بأن يلعب دوره وفق توجهات الحزب.
بدأت المشاورات  والتنسيق مع ممثلي حدك وكان (عبد الواحد أحمد) من أجل أنجاح الإضراب، وتم الاتفاق على الشكل التالي:
1- يقوم پيشمرگة (حدك)صباح يوم الإضراب بوقف السير في طريق موصل وكركوك، كويسنجق، شقلاوة وفروع أخر? نحو مدينة هه ولير.
2- تحديد يوم الإضراب ويكون في يوم دوام رسمي " للأسف لم تساعدني الذاكرة في تذكر يوم تأريخ الإضراب بالضبط" .
3- من مهمات محلية أربيل لحشع  تحريض وتهيئة الجماهير داخل المدينة وتعليق الشعارات المتفق عليها في الساحات العامة والأماكن الحساسة وحمايتها، وإشعار الجماهير وطلاب المدارس وأصحاب الدكاكين وعمال المعامل وأهالي القرى القريبة بضرورة الإضراب وعن مطالبنا وشعاراتنا وعن هدفنا بشكل عام، وأن يكون الإضراب سلمياً ضد حكومة عبد الرحمن عارف، وقبل بدء الإضراب بيوم واحد أبلغناهم بشراء احتياجاتهم استعدادا للطوارئ.
وكانت أهدافنا من الإضراب هي:
تنفيذ بنود الاتفاقية المبرمة بين عبد الرحمن عارف ومصطفى البارزاني  ممثل الشعب الكردي، ووقف سياسة المماطلة والتراجع. معالجة البطالة المزمنة و بناء مشاريع صناعية وزراعية، ومساعدة الفلاحين بمستلزمات الزراعة والثروة الحيوانية، وشراء منتجاتهم من قبل الحكومة، وبناء السايلوات لخزنها وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي رقم90 . وبناء مشروع للألبان. وتغيير قانون العمل وحرية الاختيار للعمال لتأسيس نقاباتهم وبإرادتهم ودون تدخل، أسوة بحكومة عبد الكريم قاسم.
4- زيادة عدد باصات المصلحة (عربات النقل العام) داخل المدينة.
5 - الاهتمام بالسياحة وتوفير الكازينوات والكابينات السياحية في شقلاوه، وبيخال  وجنديان،  أسوة بمصيف صلاح الدين و سه ري ره ش.
6 - وقف الاعتقالات والأعمال الإرهابية ضد المواطنين.
وكانت هذه المطالب وغيرها مكتوبة ضمن الشعارات.
وكنا قد اتخذنا كل الاحتياطات لأية طارئ، في حالة تدخل القوات الحكومية عن طريق العنف لكسر الإضراب أو محاولة إجبار المضربين للعودة إلى مكان عملهم.
في يوم الإضراب انقطعت جميع طرق السيارات إلى داخل المدينة، وكانت الجماهير تقرأ الشعارات المعلقة في الأماكن العامة، وأنقطع السير داخل المدينة بالكامل، بما فيها سيارات المصلحة الحكومية. وأغلقت المدارس ودوائر ومؤسسات الدولة والمعامل ..ألخ .
وقامت مجموعات من آفاقنا والإخوان في "حدك" بالحضور في الساحات والشوارع لمراقبة أي تدخل أو أي طارئ قد يحدث من قبل السلطة الحاكمة  بالانتقام من المضربين، والتهيئة لتحول الإضراب إلى مظاهرة جماهيرية  أمام المتصرفية.
ولكن بسبب ضخامة الإضراب الشامل، لم تجرأ قوات الحكومة بالتدخل. ولكن كانت لديهم نية مبيتة بعد الإضراب ليقوموا بحملة اعتقالات ضدنا وضد المضربين. كانت الاتصالات مع قوات "البيشمرگة" في القرى القريبة من المدينة مستمرة.
لقد أخذ إضراب أهالي المدينة بالأتساع وبمعنويات عالية، وقد ازدادت ثقتهم بأنفسهم وبقيادة حركة الإضراب، وسجلوا مأثرة بوقوفهم ضد سلطة عبد الرحمن عارف ودفاعهم عن حقوقهم المشروعة، وكان حدثا تاريخيا لا ينسى، وأستمر الإضراب من الصباح إلى المساء دون أية خسائر. وكان قرارنا هو الإضراب ليوم واحد فقط.
لقد كانت اللجنة الفرعية للحزب الديمقراطي الكردستاني في هه ولير مكونة من خورشيد شيره ، ملا محمد ملا قادر، عبد الواحد أحمد وكان عزيز عقراوي مشرفا على المنظمة.
في اليوم الثاني قمنا نحن في هيئة الإضراب بإبلاغ، قيادة البارزاني وقيادة الحزب الشيوعي العراقي في درگلة "منطقة بالكايتي" بنجاح الإضراب، وأشعرناهم بالنوايا السيئة المتوقعة من السلطة الحاكمة للانتقام من الجماهير المنتفضة، وأثر ذلك أرسل البارزاني قوة من البيشمرگة  بقيادة إبراهيم عزو إلى مدينة هه ولير وقام باعتقال بعض العناصر الشرسة من أزلام السلطة، وكان هذا الإجراء بمثابة  دعم للإضراب ووقف أية نية للانتقام وهو دعـم لتلبية مطالب الجماهير الغاضبة.
كانت سياسة حكومة عبد الرحمن عارف سياسة غامضة وغير واضحة تجاه  القضية الكردية،  غم ذلك  كان هنالك أمل لاستمرار العلاقات بينهما، واستمرت حركة النضال  الجماهيري بشتى الطرق مطروحة في الساحة.
إن العلاقة النضالية بين الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني، كانت علاقة تحالف ميداني متوازنة  وموضع ارتياح من قبل الشعب الكردستاني والقوى السياسية، والمثال على ذلك كان لدى الحزب الشيوعي العراقي  مقرات عسكرية للأنصار الشيوعيين، منها:      1 - قاعدة (به رسرين) وبالكايتي، تسمى قاعدة ازادي الرئيسية بقيادة  فاخر ميرگه سوري و بإشراف رئيس كمال، وهو من الضباط الأحرار في ثورة 14 تموز.
2 – قاعدة أطراف هه ولير في قرية لاجان.
3 – قاعدة پيرموس.
4 – قاعدة سماقولى بقيادة أبناء (مامه رضا) كاكه حه مه  ووكاك حميد شقيقه .
5 – قاعدة (داربه سه ر) مقرها في (سه روچاوه ) بقيادة ملازم أحمد الجبوري.
6 – مقر قيادة ئاوه گرد العسكرى والسياسي.
7 – قاعدة  قلعه دزه بمسؤولية عريف عثمان  وم.عزيز.
8 – قاعدة قرداغ  بقيادة وإشراف سعيد مطر وهو من الضباط الأحرار في ثورة 14 تموز وعبد الله  ملا فرج (ملا علي) كادر عسكري. هذه القوات كانت متضامنة مع قوات ثورة أيلول، وقد أنجزوا مهمات عسكرية  ضد سلطة عبد الرحمن عارف، منها معركة هه ندرين و سه ري حسن بگ وسفين ..الخ . وهي خير شاهد عيان على التضامن  بينهما.
هذه الذكريات جزء من النضالات المشتركة بين الحزبين (حشع وحدك) ومناضليهم، وهي موضع تقدي  من الجميع.
أشكر الرفيق مجيد عبد الرزاق(مام قادر) سكرتير محلية هه ولير آنذاك ودوره النضالي، وقد ذكرني ببعض المعلومات القيمة.
كما أشكر وأقدر الرفاق والأصدقاء  الذين ساهموا في إنجاح  الإضراب  في مدينة هه ولير في نيسان سنة 1965 والذين لم يتسع المقال لذكر أسمائهم جميعا، كما أتمنى منهم  مشاركتهم بكتابة المزيد من  المعلومات التي لديهم لتكون أرشيفا للأعلام ليستفيد منها أجيالنا مستقبلا وليعرفوا تفاصيل هذا الحدث التاريخي.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 07-05-2010     عدد القراء :  3832       عدد التعليقات : 0