الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
عادل المُلا عمران .. فنان فطري من مدينة الناصرية ؟
الأربعاء 31-12-1969
 
صالح البدري
من حقه علينا أن نذكره كممثل وفنان مسرحي ولو متأخراً .. لقد زرع البسمة على الشفاه ، وبرهن على طيبة نادرة وروح مرحة في معاملة الآخرين وحبه لهم وتواضعه معهم على الخشبة أو خارجها ، 
إضافة الى حبه الكبير والواضح للمسرح - وخاصة المسرح الكوميدي - وما يتمتع به من ( حضور كوميدي ) بين زملائه ومحبيه  في الحياة الأجتماعية ، ومن خلال إلتزامه الدقيق بالحضور في الوقت المطلوب وحفظه السريع للنص المسرحي بما تتطلب منه الشخصية المراد تمثيلها وإهتمامه وأحترامه للملاحظات التي تعطى له
من قبل المخرج وتجسيده للشخصية التي يتقمصها بحرفية عالية وبأمانة وأخلاص ، على الرغم من أنه لم يدرس فن التمثيل المسرحي ، لكنه وبفطرته وأستعداده الطبيعي ورغبته القوية وحبه للتمثيل ، إقتحمه كأي محترف متمكن على خشبة المسرح وبثقة فائقة ، يذكرنا بالفنان والمبدع والمخضرم الأستاذ ( عبد الرزاق سكر )  وما له من دور في الحركة المسرحية في محافظة ذي قار/ الناصرية ، منذ العام 1948 ، كفنان وممثل فطري ومؤسس أيضاً ، نتمنى له ولنا ، طول البقاء والعمر المديد . والفنان الفطري  (عادل الملا عمران ) موضوع كتابتنا هذه ، فقد مَّثل في أكثر من مسرحية ( بالفصحى أو العامية ) بأقتدارٍ عالٍ ، وعلى خشبة المسرح في مدينة الناصرية في ستينات القرن الماضي  . ولم لا  ، وهو من عائلة أغلب أعضائها من الفنانين والممثلين المسرحيين !  وحيث لم يمهله المرض الشرس الذي هاجمه فجأة وأطفأ شمعة حياته في منتصف السبعينات على ما أذكر ، ففقدت الناصرية طاقة مسرحية وشخصية محبوبة بين الناس وصديقاً طيباً للجميع ، وللأسف. وبمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة أخيه الفنان الراحل عزيز عبد الصاحب ، كتب الصديق الفنان والشاعر داود أمين ( وفي موقع أنكيدو وغيره من المواقع كالناصرية.نت ) بتاريخ 2007.10.21 : (( يعتبر بيت  (الملا عمران ) واحداً من أشهر بيوت الناصرية ، طوال فترة الخمسينات والستينات والسبعينات  ....... فهذا البيت الواسع الذي كان يقع في منطقة (السِيف) ، ضمَّ عائلة كبيرة من الأخوة والأخوات وأولادهم وأحفادهم ، وكان للعديد من أبناء هذا البيت حضورهم المتميز في المدينة ونشاطاتها المتنوعة ، فبينهم الفنانون المسرحيون كالفقيد عزيز عبد الصاحب وأخويه الفقيدين عدنان وعادل ....)) .   وعادل ، هو  فناننا الفطري الممثل المبدع عادل الملا عمران طبعاً .
كما كتب الفنان والصديق ( جواد الزلفي ) إستذكاره الوافي وجهده الواضح في ( موقع ناصرية.نت وبعض المواقع الأخرى) عن ( كاظم العبودي .. الفنان الذي مات قهراً)  وعن الحركة المسرحية في مدينة الناصرية : (.... أما في المرحلة الثانية من الدراسة ، فلم أحصل على النشاطات التي شارك فيها خلال هذا العام ( ويقصد الفنان الراحل كاظم العبودي ) ... أو عند عودته للناصرية في العطلة الصيفية ، شارك في عملين مسرحيين :
1- مسرحية ( أغنية على الممر ) ........
2- مسرحية ( إنسان جديد ) تعريق صالح البدري عن مسرحية (مولد إنسان) للدكتور حسين مؤنس . إخراج: راجي عبدالله / الممثلون : صالح البدري ، كاظم العبودي ، راجي عبدالله ، عادل عبد الصاحب ( عادل الملا عمران )....... - شخصية رجب - . ويضيف الكاتب الزلفي متحدثاً عن شقيقه الفنان الراحل كاظم العبودي وفي نفس المصدر / الجزء الأول : (( وأثناء وجوده في الناصرية في العطلة الصيفية (عام 1969) شارك في مسرحية ( حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) للمؤلف السوري سعد الله ونوس ، وإخراج صالح البدري والتي قدمت على مسرح ثانوية الجمهورية بأسم مديرية التربية . الممثلون : كاظم العبودي ، داود أمين ، عادل الملا عمران ، صالح البدري ، عبد على اللامي ، عبد المطلب السنيد ، حكمت داود ............ وممثلون كثيرون ......)) .
 وقد مثَّل فيها ( عادل الملا عمران )  شخصية الفلسطيني المهاجر مع عائلته إثر (النكسة 1967) بفهم واضح للشخصية المغبونة والمشردة  وبحس مأساوي معبر عن معاناتها بعد الأحتلال الأسرائيلي للأراضي العربية ، شارحة مأساة شعبها الذي ظلم ! إلا أن مايجب قوله عن الفنان عادل الملا عمران هو مبادرته الرائعة والتي لاتنسى للقيام بالصرف ومن جيبه الخاص لأنتاج مسرحية (حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) وتغطية كل نفقات إنتاجها !! حيث كان يعمل حلاقاً في صالونه الذي يعتاش منه وحيث لم أجد وقتها من يقوم بالصرف وإنتاج هذا النص المسرحي بعد أن ألغى مدير تربية ذي قار تبني موافقته على إنتاج العمل في وقتها وشطب على كلمة : موافق ، وكتب مكانها : أستغفر الله !! ولكنني إستطعت أن أقنع المدير بتبني هذا العمل دون أن تتحمل مديرية التربية نفقات إنتاجه وأعطي النص للمفتش التربوي القدير الأستاذ كاظم الكاتب لقرائتة وأستحصال الموافقة عليه ، حيث أعجب بالنص وحاز على رضاه وموافقته . وهكذا إستطعنا وبفضل مبادرة الفنان عادل الملا عمران من تقديم العمل على الخشبة وبتكاليف بسيطة تحملها الفنان المذكور والذي أعجبه النص أيضاً  وقال لي بالحرف الواحد :  (ولايهمك . المسرحية تقدم ، ولازم تقدم ). وهذه شهادة للتاريخ تحسب لهذا الفنان المحب والعاشق للمسرح ! وفعلاً قدمت المسرحية على مسرح متوسطة الجمهورية للبنين عام 1969 ومجاناً ودون أن يسترجع الفنان عادل ، فلساً واحدا مما أنفقه عليها . إنها تضحية نادرة حقاً في ذاك الزمان الصعب من فنان كادح !!  ذكرتني  بقيام  (الثقافة اللاجماهيرية) وفي بداية السبعينات ( أيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ! ) بتبني عملاً مسرحياً قمت بأخراجه ونستعد لتقديمه في موعده على خشبة المسرح وفي الناصرية أيضاً وبعد تمرينات طويلة ومتواصلة وآمال كبيرة في تقديم هذا العرض الجاد والذي كان يحترم عقلية المتفرج ، ألا وهو مسرحية الشاعر والكاتب المسرحي الراحل رشيد مجيد  (إنشودة الخلاص) وتمثيل نخبة رائعة من الفنانين المسرحيين الشباب ، لكنها ألغت تبنيها  حيث طلب مني مديرها  إعادة مبلغ نفقاتها التي بلغت حينها أربعون ديناراً ، فقط لأننا قمنا بكتابة إعلانات ورسم بوسترات عن المسرحية المذكورة ( أنجزها الفنان والشاعرعبدالله الرجب ) عن موعد عرض المسرحية وتعليقها في بعض من شوارع المدينة والذي قال لي - أي المدير - : لقد أمرت برفع جميع الأعلانات المسرحية من جميع الشوارع . ثم أضاف : هل تريدون من (الشيوعيين) أن يحضروا العرض المسرحي !! مما إضطرني حينها لأخذ سلفة من نقابة المعلمين في الناصرية - والتي كنت عضواً فيها - وإسترداد المبلغ المذكور الى مديرية الثقافة  (اللاجماهيرية) وتقسيطه على راتبي ،  والتي لم أكن عضوا فيها طبعاً ، ولكن مقتضيات العمل الجبهوي - آنذاك - إقتضت ذلك ، كما وعلى مسرح ثانويةالجمهورية للبنين ، قمنا بعرض المسرحية المذكورة بتاريخ 1973/6/28 بأسم مديرية تربية ذي قار وليوم واحد في مناسبة لاأذكرها . مما أغاظ معاون مدير التربية حينها وبدأ يصرخ بوجهي وأمام مدير التربية شخصياً  وهو يتخذ هيئة الملاكم ويوجه قبضتيه الى وجهي بعد أن خلع سترته - حيث كنت حينها مسؤولاً عن قسم المسرح في هذه المديرية - وقال : ليس هذا هو النص الذي أجزناه ! فأجبته : إنني لم أغيّر حرفاً واحداً مما أُجيز . فرد عليَّ بغضب : لا .. في الأخراج .. في الحركات .. في إستخدامك الحبال .. إنت تلاعبت بالنص !! 
وأستطعنا تقديمها بعد ذلك في جمعية التشكيلين العراقيين في بغداد وليوم واحد وبدعوة منها وحيث تطوعنا جميعاً - بدفع أثمان تذاكر القطار من الناصرية الى بغداد وبالعكس - لتقديمها في حديقة الجمعية المذكورة ، ومجاناً أيضاً ولم أستعد فلساً واحداً مما أعدت لمديرية (السخافة) إياها ! . وكانت المسرحية من تمثيل كل من الفنانين : حازم ناجي ، داود أمين ، كريم حيال ، خليل إبراهيم ، محمد رويِّح ، رعد عرب ، وشاكر طالب ، وممثلون آخرون لاأذكرهم للأسف - (وجوقة الأطفال الرائعة من براعم الناصرية) - حيث ناضل الجميع فعلاً لتقديم هذا العمل المسرحي ، بل .. وكل عرض مسرحي نروم تقديمه للجمهور في مدينتا الكئيبة الصابرة بحب وأصرار وتعاون لامثيل له ! ، ولا أنسى مشاركة الفنان الراحل أحمد كنو ، للعزف على الدرام والصنج ، والمسرحية كانت من ألحاني أيضاً . وحيث لم يكن الطريق أمامنا مفروشاً بالورود ! وكنا ننحت في الصخر ، لنقدم ما هو أفضل وأحسن !!   
 ونعود الى مسرحيتنا ( حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) والتي كان رد فعل الجمهور كبيراً وأقبالهم عليها مشجعاً ومستحسناً عرضها ومضمونها الجرئ ، حيث كانت الصالة تمتلئ بالجمهور ومن مختلف الشرائح  الأجتماعية مساء كل يوم ، وقد كُتب عنها في الصحف والمجلات العراقية - آنذاك - وأشادوا بها وخاصة الناقد الدكتور حسين السلمان . والتي قام المخرج الراحل الأستاذ جاسم العبودي بعد سنوات بأخراجها للمسرح القومي في بغداد . إن (التكنيك الكتابي) للمسرحية أتاح لي كمخرج أن أستفيد من كل المساحات الأرضية بأستغلال قاعة المسرح أيضاً وتوزيع الممثلين مابين الجمهور ويجلس معه ،  ليشعر هذا الجمهور بأنه هو المعني بالقضية التي تجري أحداثها أمامه وليحكم بفكره على جميع الشخصيات والأحداث خاصة وأن المسرحية تناقش موضوعاً مهماً من خلال طرح سؤال مهم : ماذا علينا أن نفعل ؟؟ لقد فجَّر الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس قنبلته الدرامية على مسرح الناصرية عام 1969 ولأول مرة في تاريخ المسرح العربي ! وكتبها بأسلوب ملحمي وأحتفالي بارع ، وهي أولى مسرحياته الطويلة التي كتبها إثر النكسة بعد نصوصه القصيرة وذات الفصل الواحد ، مثل : جثة على الرصيف والفيل ياملك الزمان وغيرهما الكثير. 
ولاأنسى الليلة الأخيرة من العرض المسرحي والذي دام لأسبوع حين إفترش الفنان الراحل عادل الملا عمران ، أرضية الخشبة وأخذ يجهش بالبكاء ويسألني : هل حقاً إنها الليلة الأخيرة للعرض ؟ ولم يغادر القاعة إلا بعد أكثر من نصف ساعة ، بعد أن غادر جميع الممثلين والعاملين في هذه المسرحية ، ثم أخذ بعد ذلك يصف فرحته بأنجاز هذا العمل وإستجابة الجمهور له وتصفيقه المتواصل للممثلين وعن المشاكل التي واجهناها في تقديمه . لكن الموت لم يمهله للتواصل مع زملائه الفنانين المسرحيين وهم كثر في محافظة ذي قار. وظلت ذكراه خالدة في سجل الفنانين المسرحيين العراقيين من الذين عملوا على دعم الحركة المسرحية في المحافظة وفي عراقنا الجميل ، على الرغم من قصر دوره في الحياة المسرحية العراقية آنذاك .
النرويج

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
الحكم بالسجن 15 سنة لعميد كلية الحاسوب في جامعة البصرة
سكان قرية كوردية يتحدون للتخلص من كهرباء المولدات نحو الطاقة البديلة
حدث غير مسبوق في السعودية.. عرض أزياء بملابس البحر في فعاليات "أسبوع الموضة في البحر الأحمر"
بعد إخفاقه بانتخاب رئيسه.. الكتل البرلمانية تناقش تأجيل الجلسة والاستعانة بالمحكمة الاتحادية
الهجرة "عمود فقري" للاقتصاد الأميركي رغم الخطاب المناهض لها
قتال عنيف في رفح بعد دخول أول شحنة مساعدات عبر الميناء العائم
من العراق إلى غزة.. طبيب أمريكي يطلق نداءً من خان يونس: أوقفوا الحرب
في اربعينية كوكب 12 ايار/مايس هذا النص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة