الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
وداعـا غـازي شـــفـّو .. وداعا للقلم السـاخر
الأربعاء 31-12-1969
 
كمال يلــدو :
تمـاما مثل الطيور، تقضـي حياتها بالفرح  والصـخب ولكنها حينما تغادر فأنهـا ترحـل بصـمت .هكـذا كانت رحلة الفقيد الغالـي الأخيرة غـازي شــفو "ابـو شــروق"، حيـن توقف قلبه الكبير يوم الثلاثاء العاشـر من شــباط 2009  بعدما تمكن منـه المرض والوحـدة. 
عـرف "ابو شــروق" بكتاباتـه ذات الاسـلوب الســاخر حيـث  اسـتخدم  فيها موروثـه الكبير من اللهجـة البغدادية المحببة لديه والامثال العراقية وما اكثرها، فكان يســقطها بقلمـه الماهر على الظواهر التي تطفـوا على سـطح الاحداث  في  واقـع جاليتنا العراقية  بالمـهـجر الامريكي أو على الوضع العراقي. ابتـدأ رحلته مع الكتابة  منذ ايلول عام 1970 حينما خصص له الاستاذ فـؤاد منـّا  حقلا خاصا في صحيفـة الهدف التي صدرت في ديترويت آنذاك وبعنوان "حـديقة المـلا"، وواصـل  الكتابة بعدها في معظم صـحف المهجـر، حتى حـط رحـاله في مجلة المنتدى الغراء والتي اســسها ايضا الاستاذ منــّا ، ليحرر فيها حقـلا خاصا بـه ســماه " حجـايات المـلا جـونيـر" ولغاية كانون ثان 2008، حين توقفت "المنتدى" عـن الصدور. كتب عشــرات، لابل مئات المقالات والزوايا الصحفية على امتداد 34 عاما، وحســنا فعل قبل ســنين قليلة حينما جمع بعضـا منها في كتاب صدر له بعنوان "اوراق من دفاتر المـلا" ، باع منـه القليل ، ووزع منــه الكثيرلكـنه يبقـى اثـرا طيبا يـذكرنا بـه دائمـا .

ولـد غازي شــفو عام 1934، وما ان  بلغ ســن الشـباب حتى وجـد نفســه في صـفوف الوطنيين والمدافعين عن المثل الانسانية، ودفع لـذلك ثمنـا كان اغـلاه عليه هـو مغادرتـه العراق والتوجه للولايات المتحدة - مشكان عام 68 ، عمـل بعدها في شــركة "كوكا كولا" ليتقاعـد  بعد اكثر من ثلاثة عقود من العمل. كان وطنيا مخلصا وبأمتياز، ولـم يتوان ابدا في دفاعـه عن المثل الانســانية ، وحرص  دائما على حضور المناســبات الوطنية والاماســي السياسية والثقافية  وابدى في الكثير منها بآرائـه  ومواقفـه . لــم يغب العراق عنه ابدا، لابل ان اصراره على الكتابة باللهجة البغدادية لم تكن الا صـورة من صور حبـّه للعراق وربمـا تعويضـا عن غربتــه وملامســة لســني طفولته وشــبابه  وانعكاســا داخليا لحالة فريدة في التعبير عن الالتصاق  بالوطن الام.وانســجاما مع منظومتـه الفكرية واحلامـه بعراق جميل لم يبخـل جهدا في  المســاهمة مع النخب الخيرة ومنذ اوائل السبعينات في تشــكيل تجمع ثقافـي اختياري وبجلســات تواصلت  وثبتت بشــكل  اســبوعي و مازالت حتى اليوم مستمرة وتســتقطب حولها مجموعـة طيبة من ابناء جاليتنا تســمى "جماعة المنتدى"، توافدت عليها الـوفود والشخصيات العديدة ، ولايمكن لأي من الزوار الا وان يكون قـد انتبــه الى "ابو شــروق" ، اما من خلال صـوته المتميز او طروحاتـه و مواقـفـه العصامية وامانتـه للمثل الانســانية التي شــاب عليها وبقت ملاصـقة له.

   قليلـة  ســتكون كلمات الرثاء بحــق "ابوشــروق" مهما كثـرت، فقـد عاش هذا الانســان بسيطا ومتواضعـا، يصـغي لأصـغر المتحدثين ويحترم الآراء حتى وان اختلف مع  اصحابهـا. كان باحثا جادا عن الحقيقة ومجادلا صلبا، وســريع البديهيـة  ونبهـا  فـي التقاط الظواهر التي لاتبـرح الا وترتمـي تحت نار قلمـه وأســلوبـه السـاخر المتميز لتمســي مادة دســمة في عموده الصحفـي .
ســيمر وقت طويل قبل ان تتمكن "جماعة المنتدى" وكل محبــي  " ابو شــروق" من تصديق الحقيقــة المؤلمــة من ان هـذا الانســان قد رحل هكــذا بصـمت ..رحل ولــن يعود.... وان مقعده ســيكون منذ الآن شــاغرا، وان الجلســات حتى وان كانت متكاملة فأن عبير أبو شــروق سيكون مفقودا منهــا ،  فـقـد كان مواضبا عليها وحريصـا على ان لاتفوتــه الجلســات الا ما نـدر وكانت وان حصلت فأنما بسـبب اعتلال الصحة ليس الا.
 ســيصعب على ابو جبران وطلال وعضيد وأبو آزاد وطلعت وعنان وولسـن وعادل وأثير وبدري وفؤاد زورا وكثيرين غيرهم حضور جلسات "المنتدى" دون ان تـدمـع عينهـم او يشــرد خيالهم  بعيدا بفقيدهم الغالـي.
   هكـذا اذن، نرثــي نفســنا ، نرثـي الأحبـــة في "جماعة المنتدى" وكل من عرف  واحب وتعلق بأبو شــــروق ،الشــمعة الوقادة ذات الوهـج الجميـل.
 الـذكــر الطيب لهـذا الانســأن النبيل ، غـازي شــفـّو " ابو شــروق".

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
من العراق إلى غزة.. طبيب أمريكي يطلق نداءً من خان يونس: أوقفوا الحرب
في اربعينية كوكب 12 ايار/مايس هذا النص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة