لم يكن " أبو ديار " قريبا الى قلبي وحسب، بل كان صديق عمر ورفيق درب، ارتبطنا بعلاقة امتدت لعقود، وأحس بعمق صداقته، بالضبط كعمق انتمائنا لطريق حرية الإنسان ورفع مكانته، وحفظ كرامته. كانت علاقتنا قوية، بقوة انحيازنا لليسار، حيث القلب، و تحمل" ابو ديار" من اجل ذلك، كل صنوف الاضطهاد، وواجهة بشجاعة جريمة الأنفال، كما تعرض للأسلحة الكيماوية. ولم يتنازل عن مبادئه التي آمن بها، وكان هاجسه الدائم، الإنسان وكرامته، وعاند وعاندنا الصعاب، وتعلقنا بأهداب الحياة.
افترقنا كثيرا، وابتعدنا مسافات، كما هي طبيعة الأحوال في العراق، تبعد بين الأحباب، لكن بقت علاقتنا الإنسانية تتواصل، حيث تتجدد كلما تسمح الظروف، وهكذا عدنا الى لقاءاتنا المتواصلة في أربيل مرة أخرى. أطمئنه على أوجاع قلبه ويطمئنني على أوجاع قلبي، وغادرني الى رحلة علاج قرب عائلته. لم نتفق ان نلتقي مرة أخرى، لكن في قرارتنا سنلتقي بالتأكيد كما هو عنادنا لمناكدات الدنيا وأوجاعها، لكن " ابو ديار" رحل وحرمني من لقائه مرة أخرى.