الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
لقاء مع الملحن العراقي كوكب حمزة
الأربعاء 31-12-1969
 

بغداد من قحطان جاسم جواد
لم يزل اسم كوكب حمزة عالقا بذهني منذ طفولتي، حيث كنا نردد اغنية «يا نجمة» ونعرف انها لملحن هرب من العراق اسمه كوكب,,, كنت صغيرا انذاك ثم كبرت، وبعد ثلاثين عاما عاد كوكب حمزة لاجدني امامه في حوار عن المنفى والموسيقى والغناء:
لنبدأ من لحظة خروجك من العراق، هل كان هذا الخروج اضطراريا او اختياريا؟

بالتأكيد كان خروجا اضطراريا، حيث جاءني في يوم ما وليد الاعظمي عضو فرع الاعظمية لحزب البعث وقال لي: اخرج من العراق في اقرب فرصة! اذ كانت تربطني به علاقة صداقة قديمة في اليوم التالي ذهبت الى مقر الحزب الشيوعي وطلبت منهم تدبير زمالة الى جيكوسلوفاكيا، وبالفعل تم ذلك وخرجت بعد ايام قليلة.
في أي يوم تحديدا؟
- هذا هو التاريخ الوحيد الذي لن انساه,,, في يوم 21 يوليو 1974.
في هذه المدة لم تكن تصفيات الشيوعيين قد اخذت نطاقا واسعا، فهل كان هذا استشرافا من قبلك لما سيأتي؟
- كلا، كانت هناك مقدمات كثيرة، وقتها كنت استاذا في جامعة البصرة، وبدأت تأتيني بعض القصائد الرديئة عن حزب البعث لتلحينها، كقصائد محمد جميل شلشل، فكلما يكتب اي قصيدة جديدة كانوا يبعثونها لي لالحنها، وهي من الرداءة ما لا توصف، وكانت تأتيني عن طريق رئيس الجامعة وبالتأكيد كنت ارفض حتى جاء امر بنقلي من تدريس الى موظف في الصادر والوارد, حتى اعطوني اجازة مفتوحة ونقلوني الى بغداد التي كان فيها ناظم كزار ومن حظي الكبير ان لي صديقا حزبيا يخشى علي من سلطته!!.
ما اهم محطات كوكب حمزة بعد خروجه من العراق؟
- ذهبت في البداية الى جيكوسلوفاكيا ومن ثم الى الاتحاد السوفياتي السابق، بعدها درست الموسيقى في اذربيجان ومنها الى كردستان وسورية واميركا,,, وكان استقراري في الدانمارك منذ العام 1989.
اكثر الذين خرجوا من العراق، خصوصا الى الدول الاجنبية عبروا عن منفاهم بشكلين اما ان يتحول هذا المنفى الى منفى جمالي ابدعوا من خلاله وازداد فيه نشاطهم، او يتحول هذا المنفى عند بعضهم الى عزلة نفسية ابعدتهم عن مواطن الابداع، فكيف كان المنفى لدى كوكب حمزة؟

- اظن ان تأثير المنفى اكثر من ذلك بكثير، كان باستطاعتي العمل ليل نهار كما حصل في سورية، لكنك هناك تشعر بحصار حقيقي، خصوصا في الدول العربية! فعندما تكون ضد سلطة بلادك، تكون في المنفى ضد كل السلطات، مع اختلاف في وسائل التعبير بين الطرفين: انت وهم ، حيث كنا خارج الزمان والمكان.
خلال وجودك في المنفى، كيف كنت تنظر الى العراق، والعراقيين؟
- كنتم تعيشون في كوخ رديء، وكنا نعيش في تابوت نظيف، الغربة اينما كانت تأتي انظمة تافهة تحرمك من حبلك السري فتقطع بغمضة عين كل جذورك,,, كانت المعادلة صعبة حيث انك تفقد عمودك الفقري وانت هناك, وهنا في العراق - بقية عظامك، علام اذن ذهبت الى هناك وعلام خسرت وطنك ولم تحفظ حتى كيانك,,, كلاهما ضائع في المنفى: انت والوطن!
لنعد الى كوكب حمزة «الفنان، كيف بدأ مع الموسيقى؟ وكيف انتبه الى موهبته في التلحين؟
- لم يكن بذهني قط ان اكون ملحنا، لكنني عينت في مدرسة المربد في البصرة وكان معي زملاء عازفون، مقتنعون بأن كل من تخرج في معهد الدراسات الموسيقية يجب ان يكون ملحناً وبعد الحاحهم علي لحنت نشيدا وتورطت نعم انها ورطة! اما انني فكرت بأن اكون ملحنا فلم يكن هذا.
اذا كانت البداية صدفة، كيف استطعت برمجة شخصيتك حتى اصبحت ملحنا متفردا؟
- بدأت الورطة مع اول قطعة موسيقية حيث كنت اعزف الناي في الفرقة البصرية واول من كتب عني كان قاسم حول، حيث بدأ بـ «الخديعة» الفنية لأعزف ضمن العازفين والملحنين الشباب المهمين، ثم بدأت انظر الى رتابة الاغنية العراقية التي كانت مخنوقة بالمقام والموال والبستة باستثناء اغنية فاضل عواد «لاخبر» على العكس من تطور الاغنية المصرية الهائل وبدأت افكر بخلق اغنية عراقية حديثة تواكب الاغنية العربية، واستنتجت بأنني لا يمكن ان اخلق اغنية حديثة بأدوات قديمة والبحث عن نصوص سهلة وعميقة في الوقت نفسه سمعت في تلك المدة اغنية «يانجمة» وأردت ان اقدمها بشكل ولحن جديد وبصوت جديد ايضا وبعد لقائي الاول مع حسين نعمة اخترته ليؤدي هذه الاغنية.
مع من تعاملت من الشعراء والمطربين في بداياتك؟
- لم اكن ابحث إلا عن الجديد، ان كان على مستوى الشعر او الصوت ومازالت هذه اللوثة متوغلة فيّ، منهم ابو سرحان الذي لم يلحن له سابقا، وحسين نعمة وكامل العامري واغنية «بهيجة» لكريم العراقي و«سورة» لعريان السيد خلف، فلم يكن النص يأتي او المطرب ولكن كنت اركض خلف كل جديد.
من هو اول مطرب لحنت له وعرفت من خلاله؟
- حسين نعمة بالتأكيد، فبعد ان غنت لي غادة سالم «مربية» ولم تنجح بسبب التشكيلات الموسيقية التي وضعتها فيها، فقد كنت احاول ان اضع كل ما سمعته ودرسته في هذا اللحن، لهذا لم ينجح.
نلاحظ ان اغنية «يانجمة» اديت بهدوء رائع فهل هذا الهدوء يرجع لكوكب حمزة ام لحسين نعمة؟
- لا لكوكب حمزة ولا لحسين نعمة، بل للسجناء السياسيين الذين كانوا في «نقرة السلمان» ولملحنها الاصلي ومن ثم ان هذه الاغنية اخذت اساسا من اغنية فلكلورية.
كيف استعطت التخلص من تأثير اللحن الأول «يانجمة»؟
- لقد بنيت لحنها على اللحن الاول، ولكن ليس كنقل حرفي بل وضعته الاساس وزاوجته مع رؤيتي مع اضافة آلات جديدة والموشح الاندلسي.
سمعنا قبل مدة انك لحنت اغنية «ضيعني الضباب» من كلمات رياض النعماني للمرطب سعدون جابر؟
- لم الحن لسعدون جابر اي لحن فقد التقيت به في المانيا في التسعينات وطلبت منه ان يعيد تسجيل جميع الحاني وبإشرافي على ان نلتقي في سورية ومنها: «هوى الناس» و«ياطيور الطايرة» وغيرهما، إلا انه سرق هذه الاغنية وسجلها باسم كاظم فندي واغنية «ضيعني الضباب» لحنتها لصوت نسائي فقط إلا انه اخذ مجموعة من الاغاني وسجلها باسم غيري ونفذها بمنتهى الرداءة على صعيد اللحن والاداء مع تغيير بعض الكلمات بشكل سطحي وساذج، ومن حسن حظي انه لم يسجلها باسمي.
من المعروف ان الاغاني التي اداها سعدون جابر كان كوكب حمزة قد لحنها لحسين نعمة وبسبب خلاف بينهما اعطاها لسعدون؟
لا,,, صحيح هذه المعلومة هناك اغان لحنتها لحسين نعمة فمثلا «»وينه يالمحبوب» اعطيتها فيما بعد لفؤاد سالم، ولكن «ياطيور الطايرة» لحنتها لفاضل عواد وهي تنتمي الى طبقته الصوتية وسعدون جابر عرف كيف يأكل كتفي ويسرقها وكذلك اغنية «مكاتيب».
جميع الاغاني التي لحنتها في العراق هي عراقية مئة في المئة خلال وجودك في الخارج,,, هل استفدت او تأثرت باللحن الغربي؟
- بالتأكيد فقد عايشت شعوبا مختلفة واماكن مختلفة فمثلا عشت مدة في المغرب فيكف لا تدخل المفردة المغربية الى قاموسي، ومدة في مصر ومدة في سورية، فجميع هذه التغييرات اثرت فيّ لكني في اوروبا عدت إلى عراقيتي اكثر مما كنت هنا، حيث انك هناك تتعمق وتتوغل مع حبلك السري الذي يربطك بالوطن، تعود الى المقام العراقي الى اصوات الباعة الى المواكب الحسينية الى كل شيء عراقي احسست بعطش حقيقي لعراقيتي.
نرى ان هذه التأثيرات كانت موجودة في العراق إلا انك قفزت قفزة واضحة في اللحن العراقي، فما التراكمات التي ادت الى هذا التطور او القفزة لدى كوكب حمزة، هل هي الموسيقى المصرية، ام ان هناك اكثر من ذلك؟
- الثقافة العامة لها دور كبير في هذا التطور واهم كتاب قرأته هو تأليف الموسيقى الذي يتحدث عن النمط الرومانسي النابع من الروح الذي يمثله موزارت والبنائين الذي يمثله بيتهوفن لكن اكثر ما اثر فيّ مقدمة الاطلال للسنباطي التي تحمل بناء ميلوديا رائعا، صنعت سيناريو كاملا للحن.
بعد تلك الغربة الطويلة وعودتك للعراق، هل لديك مشاريع جديدة ستقدمها قريبا؟
- لدي كبت عمره ثلاثون عاما ولكني لم اخطط لشيء بعد، فقط اريد ان انتج، اريد ان اقدم كل ما لدي لهذا الوطن.
**********
نبذة عن الملحن كوكب حمزة

الموقع الشخصي: http://kawkabhamza.net

ملحن عراقي من مواليد محافظة بابل ناحية القاسم في العراق. درس في معهد الفنون الجميلة في بغداد. وأكمل دراسته في جامعة كييف، الاتحاد السوفيتي سابقاً
أصبح ملحنا معروفاً منذ ستينيات القرن العشرين، وكانت أولى ألحانه مقطوعة موسيقية بعنوان "آمال".
يعد أحد رموزه الحركة الوطنية العراقية كما ويعد أحد رموز الثقافة العراقية.
أغنياته صارت جزءاً مهماً من ذاكرة ووجدان الشعب العراقي.
له العديد من الأغاني التي أثرت بتغيير ذائقة المستمع العراقي مثل
مر بيَّ - غناء غادة سالم
همه ثلاثة للمدارس يروحون - تأليف الشاعر ذياب كزار (أبو سرحان) وغناء المطربة العراقية مائدة نزهت،
أفيش - ياطيور الطايرة - بساتين البنفسج - مكاتيب - من تمشي - غناء سعدون جابر،
محطات - كلمات زهير الدجيلي،
القنطرة بعيدة - كلمات ذياب كزار أبو سرحان،
يا نجمة - كلمات كاظم الركابي، غناء حسين نعمة،
شوق الحمام - غناء فاضل عواد،
تانيني - وين يا المحبوب - غناء فؤاد سالم،
أطلق النقاد على الملحن كوكب حمزة لقب (مكتشف النجوم) فهو من اكتشف أفضل الأصوات العراقية مثل حسين نعمة، رياض أحمد، ستار جبار، سعدون جابر والمطرب الشاب علي رشيد، كما واكتشف المطربة المغربية أسماء المنور، فهو أول من قدمها للجمهور، حين لحن لها أغنية "دموع إيزيس" عام 1997 والأغنية من كلمات الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، وقدمت الأغنية في القاهرة بمناسبة الإحتفاء بالشاعر أحمد فؤاد نجم وبمناسبة عيد ميلاده السبعين.
لحن للعديد من الفنانيين العراقيين والعرب مثل مائدة نزهت ، سعدون جابر ، حسين نعمة ، ستار جبار، فاضل عواد، كريم منصور، فؤاد سالم، المطربة أصالة نصري حين كانت في بداياتها، المطرب الكويتي عبد الله رويشد وغيرهم الكثير .
له العديد من الألحان التي وضعت للمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية

لمشاهدة فديو حكاياتهم - كوكب حمزة - المنفى والوطن لمحات من حياته وفنه
http://www.youtube.com/watch?v=gVlGQ-2Kgjc&feature=player_embedded#at=213

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
انتفاض الطلاب الجامعيين ينتقل من جامعات أميركا إلى باريس، رفضاً للسياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين وقطاع غزة
اتفاقية إدارة الموارد المائية مع تركيا تثير غضب خبراء المياه في العراق
تصاعد التوتر في جامعات أميركية وسط تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين
مراسم "طواف كرجال" عند الإيزيديين في دهوك
ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
اتفاق بين العراق وتركيا.. تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود
أردوغان يعلن نقطة تحول في العلاقات مع العراق ومباحثات واتفاقات تخص العماليين والمياه
العراق وتركيا وقطر والإمارات.. توقيع مذكرة تفاهم رباعية للتعاون بـ"طريق التنمية"
زيارته الأولى منذ 13 عاما.. ماذا يحمل إردوغان في جعبته للعراق؟
الفصائل تتمرد على الحكومة وعلى تفاهمات واشنطن: يدانا ليست مكبلة بالأوامر الرسمية !
يوم الأرض العالمي، 22 نيسان 2024
شقيقة الباحثة الإسرائيلية المختطفة بالعراق "تهاجم" السوداني في واشنطن
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة