أكثر من اسم مطروح لشغل منصب امين بغداد خلفا لصابر العيساوي، ففي حين تتمسك كتلة المواطن بالمنصب، يرشح رئيس مجلس المحافظة كامل الزيدي اكثر من ثلاثة اسماء لشغل المنصب, من سيفوز بمنصب الامين في نهاية الصراع؟  فقد كشف مصدر من داخل أمانة بغداد عن تكليف عبد الحسين ناصر المرشدي

لتولي منصب أمين بغداد وكالة خلفاً لصابر العيساوي، مؤكدا ان "امر رئيس الوزراء نوري المالكي وصل صباح امس الأربعاء، ويتضمن الكتاب تولي  وكيل امانة بغداد للشؤون الادارية عبد الحسين ناصر المرشدي مهام امانة بغداد بالوكالة خلفاً للسابق صابر العيساوي الى حين اختيار شخص اخر تتفق حوله الاطراف لتولي المنصب ". وبين المرشدي ان " رئيس الحكومة نوري المالكي قد كلف رسميا عبد الحسين المرشدي وهو احد ابرز المقربين لحزب (الدعوة)، الذي يتولى المالكي قيادته، رغم انه كان يشغل منصب وكيل الامانة للشؤون الادارية بتكليف طوال السنوات السابقة دون المصادقة عليه من قبل مجلس لثلاث مرات متتالية ".  هذا وكشف مصدر مسؤول في المجلس الاسلامي الاعلى رفض الكشف عن اسمه لـ "المدى", ان "القيادي في المجلس الاعلى معين الكاظمي ورئيس هيئة خدمات بغداد محمد جابر العطا هما الاوفر حظا لتولي منصب امانة بغداد خلفا للمستقيل صابر العيساوي". ويشغل معين الكاظمي منصب عضو في مجلس محافظة بغداد، بينما كان رئيسا له في الدورة السابقة.  ويضيف المصدر ان "امانة بغداد هي من حصة كتلة المواطن النيابية ولابد ان يكون بديل الامين المستقيل شخص ترشحه نفس الكتلة، الا ان التوافقات السياسية قد تؤخر التصويت على الاسم الذي سيطرح ".واشار الى ان "منصب امين بغداد طرح على رئيس كتلة المواطن النيابية بيان جبر الزبيدي والنائب وعبد الحسين عبطان ولكنهما رفضا المنصب ". وبين ان "رفض الزبيدي لتولي المنصب لكونه قد شغل منصب اكثر من وزارة في حين ان عبد الحسين عبطان هو نائب عن محافظة النجف".  وتابع المصدر ذاته "ان كتلة المواطن لا ترشح الا الاشخاص الكفوئين واصحاب الخبرة في مختلف جوانب العمل الذي يتطلبه منصب الامين". الى ذلك اكد النائب عن كتلة المواطن عزيز العكيلي  في تصريح لـ "المدى",  "عدم وجود قانون خاص بامانة بغداد هو مدعاة لخلط الاوراق وسبب لتصدي اكثر من جهة لعملية التعيين مثل رئيس مجلس محافظة بغداد وغيره من الشخصيات والكتل الطامحة الى الاستحواذ على الامانة ". واضاف العكيلي ان "رئيس الوزراء هو المعني الاول بعملية اختيار المرشح ونحن في كتلة المواطن وضعنا الكرة في ملعبه من خلال عدم طرح اي اسم بشكل علني لنرى مدى وفائه لكثير من مواقف المجلس الاعلى على مر السنوات الماضية وفي احلك الظروف حيث وقفنا بجانبه في السراء وعليه ان لايبخس حق المجلس بمنصب الامين لبغداد".

وبين ان " اسم محمد جابر العطا رئيس هيئة خدمات بغداد غير مطروح اطلاقا, اما عضو مجلس محافظة بغداد معين الكاظمي وبصراحة هو يسعى الى شغل المنصب واسمه يتداول في اروقة كتلة المواطن".وتابع ان "كتلة المواطن لديها الكثير من الشخصيات القادرة على ادارة ملف الامانة على اكمل وجه ولكن في نفس الوقت لايمكن لنا تقديم التنازلات للحصول على استحقاق من العدالة ان لا نساوم عليه". هذا ونفى عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي تكليف رئيس مجلس محافظة بغداد بمنصب أمين بغداد وكالة .

وقال الربيعي في تصريح  لـ"المدى"، ان "تكليف المناصب بالوكالة تأتي من رئيس الوزراء"، مضيفا ان "كامل الزيدي هو رئيس مجلس المحافظة ولا يمكن أن يكون أمينا لبغداد". النائبة عن العراقية فائزة العبيدي ذكرت من جانبها في تصريح لـ "المدى"، إن "منصب أمين بغداد هو من حصة المجلس الأعلى، وأن الأمر لا يزال مبكرا على ترشيح بديل عن العيساوي". واكدت العبيدي أن "مستوى الخدمات في بغداد تراجع إلى حد كبير، والعاصمة تحتاج إلى شخصية كفوءة ومهنية ونزيهة لإدارة الخدمات". فيما شدد عضو كتلة "المواطن" المنبثقة من المجلس الاسلامي الاعلى بزعامة عمار الحكيم عبد الحسين عبطان، على ان "منصب أمين بغداد هو من حصة المجلس الأعلى ولا نسمح بأن يشغل من جهة أخرى". وأكد عبطان في تصريح لـ "المدى"، "نحن في المجلس الأعلى لدينا الكثير من الشخصيات المعروفة للمواطنين بنزاهتها وكفاءتها ولا نحتاج إلى شخص آخر يشغل المنصب ".

التاريخ يؤرشف منصب الأمين

يقول أستاذ التاريخ جمال عبد الكريم الاعظمي ان "منصب امين بغداد تقلده شخصيات مهمة في تاريخ العاصمة ومن هؤلاء من ترك بصمة واضحة نتيجة الجهد والمثابرة والامانة التي عمل على خدمتها بمنتهى الشفافية امثال الاستاذ امين المميز وغيرهم كثيرون ".

واضاف " ان سنوات الحصار والحروب اخذت الكثير من ملامح بغداد بما جرت عليها من ويلات وحروب واهانة للفرد البغدادي الذي بدوره فقد روح المواطنة والانتماء لعاصمة هي قبلة لكل المثقفين والادباء والشعراء من كل العالم , مما صنع حاجزا بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها وبها ". ويأمل الاعظمي في تصريح لـ "المدى"، ان " يكون منصب امين بغداد لشخص بغدادي يستطيع ان يخدمها بشكل جيد ويعيد ولو بعض ما كانت تمتاز به من جمالية اخاذة ونظافة لاتجدها الا في الدول المتقدمة وهي جديرة بذلك".

أهالي بغداد لا يتمنون مصادرة استحقاقهم

صلاح محمد قاسم من أهالي العاصمة بغداد ذكر في حديث لـ "المدى"، ان" وقت السبعينيات من القرن المنصرم هو الفترة الذهبية للعاصمة بغداد وما زالت صورة بغداد في ذلك العهد نسخة في ذهني حيث كانت من اجمل المدن في الشرق الاوسط حسب رأيي، فالحدائق وقتها في كل مكان والخدمات على احسن ما يرام مثل الماء الصافي للشرب او الخابط للسقي والشوارع مكسوة بطريقة جميلة جعلتها الى الان مقاومة وصالحة للاستخدام رغم مرور اكثر من ثلاثة عقود على انشاءها". ويضيف قاسم " في السنوات الاخيرة وبعد عام 2003 تحديدا نرى ان توجه امانة بغداد الى تقديم خدمات تفتقر الى التخطيط المسبق وذلك بهدر اموال طائلة هي ميزانيات الامانة ولسنوات متتالية على خدمات اقل من ان تسمى مشاريع ويلاحظ ذلك بشكل واضح على ارض الواقع فلاوجود لشوارع جميلة او مناطق خضراء او بنى تحتية تستطيع خدمة الفرد البغدادي".

أمانة بغداد تفشل في مهامها

الاستاذ الجامعي في كلية التربية بجامعة بغداد محمد حماد استبعد وجود القناعة والثقة لديه بمهام امانة بغداد التي انهت فصلا من حياة البغداديين دون تقديم ابسط الخدمات. ووصف حماد "(امانة بغداد) بـ "العرجاء" في كل ما تحمله الكلمة من معنى والشركات التي تعاقدت معها لم تقدم شيئا.. الا فسادا يملأ جيوب السراق وعلى اعلى المستويات ,ومنذ خمس سنوات تزداد القمامة والنفايات في شوارع بغداد واصبح المنظر كارثيا.. ففرق صيانتها لا تعمل وعجلات كبس النفايات معطلة وغير قادرة على رفع القمامة من بيوتنا وازقتنا ". ويضيف " انا شخصيا عندما اطلع على ارشيف العاصمة من الصور لا اصدق ما اراه لسبب بسيط هو ما موجود من خراب لايمت للماضي بصلة واتساءل هل تستحق بغداد منا كل هذا الاهمال ".

المنصب لبغداد

في كتابه بغداد في العشرينيات يذكر المؤرخ عباس بغدادي ان منصب امين بغداد استحدث في العشرينيات وكان اول من تقلد هذا المنصب السياسي العراقي المعروف محمود صبحي الدفتري الذي يذكر في مذكراته انه  تولى  امانة العاصمة مرتين وكان ذلك في نهاية  العشرينيات وبلغ مجموعها خمس سنوات. ويضيف الدفتري  " كنت اشعر خلال ممارستي لاعمالها بشعور خاص يربطني بها وربما كان سبب ذلك يكمن في الجذور التاريخية لاسرتنا حيث ان جد والدي ابراهيم الدفتري هو اول من تولى رئاسة بلدية بغداد عند بدء تأسيسها في عام 1285هـ - 1868م في عهد ولاية مدحت باشا وبقي يشغلها تسع سنوات حتى وفاته، وكانت بلدية بغداد تشغل نفس مبنى امانة العاصمة اليوم، ومازالت احدى الغرف التي بنيت في عهده قائمة حتى الآن وسقفها مبني على شكل (طاق عكادة) ويشغلها الآن ـ النائب الفني لامين العاصمة ـ على ما اظن ".  فيما يذكر المؤرخون ان الشخصية الوطنية المعروفة كامل الجادرجي تولى المنصب اكثر من مرة، كما تولاها فخري الفخري وجميل المدفعي وشخصيات سياسية معروفة ويذكر عبد الرزاق الحسني ان منصب امين العاصمة كان حكرا على الشخصيات البغدادية المعروفة والتي لها حضور في المجتمع البغدادي.