الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
العطيفية أقدم أحياء بغداد عُرفت باسمها منذ مطلع العصر العثماني نسبة إلى عطيفة الحسني
الإثنين 05-11-2012
 

العطيفية أقدم أحياء بغداد عُرفت باسمها منذ مطلع العصر العثماني نسبة إلى عطيفة الحسني

أبو جعفر المنصور وضع اللبنة الأولى لمدينة بغداد عند موقع جامع براثا

د. أكرم عبدالرزاق المشهداني

وأنت تمر عبر منطقة العطيفية الشهيرة ببساتين نخيلها، وبكورنيشها الجميل، وشاطئها الرملي، وجسر الصرافية الحديدي الذي شطرها شطرين، تسير تأخذك روائح الخضروات التي تميزت بزراعتها بساتين نخيل العطيفية، روائح مميزة مثل ألكرفس، الريحان، النعناع، المعدنوس، الخس، والسلك والفجل، وصورة الفلاحات اللواتي يقمن بحصد الخضراوات وربطها بورق سعف الخيل، على شكل باقات تمهيدا لضخها للاسواق ؟تعود ذكرياتي في منطقة العطيفية الى أواسط الخمسينات يوم انتقل الوالد من منطقة سوق الجديد بالكرخ، بعد أن تم استملاك دارنا القديم في السوق الجديد من قبل الدولة وفق مشروع مجلس الإعمار لإنشاء أكبر مستشفى تقام مكان موقع مستشفى خضر الياس بسوق الجديد، ولكن المشروع فيما بعد نقل الى الرصافة مكان مستشفى المجيدية، واصبح يدعى فيما بعد بـ مدينة الطب وهو من مشاريع مجلس الإعمار العراقي الشهير أوائل الخمسينات برغم توزيع مبالغ الاستملاك المجزية حينها على أصحاب الدور المشمولة بالاستملاك من قبل الدولة الا ان عملية هدم الدور المستملكة لم تبدأ الا بعد سنوات طويلة، ثم تغيرت بعد 1979 الى مشروع سمي صدامية الكرخ حين أمر صدام حسين بإعتباره أحد ساكني الكرخ وسوق الجديد وخضر الياس ، بأن تشيد بدل الدور القديمة المزالة مدينة سكنية متكاملة على امتداد الكرخ من منطقة سوق الجديد وموقع مدارس التربية الاسلامية امتداداً حتى ساحة الصدر حماد شهاب كما وتم استملاك دور مناطق سوق حمادة والست نفيسة والشيخ صندل وغيرها المتصلة بموقع عمارات شارع حيفا، وسميت صدامية الكرخ وتضم دورا سكنية ومساجد ومدارس وغيرها، تم تخصيصها لمن هدمت دورهم من الاحياء السابق ذكرها؟العطيفية منطقة بساتين النخيل الكثيفة تمتد مع امتداد النهر وامتداد شارع موسى الكاظم من ساحة حماد شهاب بالكرخ، الى ساحة عبدالمحسن الكاظمي، وقد شطرها مشروع جسر الصرافية الحديدي للسيارات وسكك القطار أواخر الأربعينات الى شطرين سمي الشطر الجنوبي منها بالعطيفية الأولى حيث كنت اسكن، والجهة الأخرى الشمالية من شارع الدامرجي والى عبدالمحسن الكاظمى اطلق عليها العطيفية الثانية.منطقة العطيفية الأولى إحتوت مثل أختها منطقة حي دراغ، بالمنصور، الكرخيين الذين استملكت دورهم ضمن مشروع مجلس الإعمار، حيث توزع الكرخيون غالبا على منطقتي العطيفية الأولى وحي دراغ بالمنصور ونقلوا جيرتهم من درابين وازقة الكرخ الى شوارع عريضة وقصور مرفهة في الحيّين المذكورين، وهناك منهم من سكنوا في حي الحارثية وقسم منهم ذهبوا الى حي المأمون، ولكن الأغلبية من أهل الكرخ الذين استملكت دورهم، توزعوا على العطيفية الأولى وحي دراغ بالمنصور، وتميزت العطيفية بغلاء ثمن اراضيها ومحدودية مساحاتها 300 متر مربع بينما كانت اسعار الاراضي في حي دراغ اقل ومساحاتها بمعدل 600م2 ، . وكانت ميزة الجيرة هذه قد اضفت على علاقات السكن والجيرة وزيادة الوشائج بين الساكنين الجدد في العطيفية، فلم يشعروا بالغربة لأنهم انتقلوا مع عاداتهم وعلاقاتهم الحميمة الى هذه المناطق المستحدثة . لم تكن العطيفية قبل الخمسينات سوى بساتين نخيل ومزارع للخضار وكان يسكنها عدد من العوائل يُعدّون بعدد اصابع اليد، وكانت البساتين ومازالت ملكاً لعائلة كظماوية شهيرة تسمى بيت آل الطعمة ومازالت بساتين النخيل تسمى باسم بيت الطعمة ولكن الخمسينات شهدت نهضة عمرانية في منطقة العطيفية من قبل الساكنين الكرخيين الجدد الذين استثمروا اموال مبالغ تعويض الاستملاك ببناء بيوت كانت وقتها تسمى قصورا .

ساحة حمادي شهاب

أما أصل تسمية العطيفية، فكما يذكر المؤرخون البغداديون ومنهم المؤرخ الشهير الاستاذ الدكتور عماد عبدالسلام بأن العطيفية إنما عرفت بهذا الاسم منذ مطلع العصر العثماني حينما اقتطعت السلطات العثمانية هذه الارض من عطيفة بن رضاء الدين الحسني المتوفي سنة 924هـ فسميت بالعطيفية نسبة الى مالكها.يقال أن أبو جعفر المنصور أول مابنى بغداد فإنه بناها من منطقة العطيفية وتحديدا عند موقع جامع براثا الشهير، كما أن محطة التبديل ل الكَاري الشهير، الذي عرفته بغداد أواخر الحكم العثماني وكان يربط الكرخ تحديدا منطقة جسر الشهداء بالكاظمية بعربات تجرها الخيول وتديرها شركة تركية بريطانية، وكانت محطة الاستراحة والتبديل للخط الصاعد والنازل، في منطقة البراثا المنطكة . كما يروى ان غابات بساتين النخيل الكثيفة كانت تسمى بمنطقة الباغات وهي تسمية تركية تعني الغابات ومازال اهل العطيفية يطلقون اسم الباغات على الجزء الفاصل بين العطيفية الثانية ومنطقة الشالجية والاخيرة هي الخاصة لإسكان موظفي السكك الحديدية الشالجية تنسب لمالكيها القدماء وهم آل شالجي موسى أحدى الاسر التجارية في بغداد. وكانت هناك محطة صغيرة جدا لوقوف خط قطار تدعى الباغات، كما كان هناك مخفراً للشرطة باسم مخفر شرطة الباغات.

وجاء مشروع جسر 14 تموز الذي يربط بين الاعظمية والكرخ في اواخر السبعينات ليشطر منطقة العطيفية الثانية الى شطرين، حيث قام البعض يطلق على الجزء المشطور من العطيفية الثانية بعد الجسر الجديد وحتى ساحة عبدالمحسن الكاظمي تسمية العطيفية الثالثة، وإن كان ليس بذلك الوسع والانتشار.

إذن العطيفية تبتدئ بالأولى من ساحة حماد شهاب وملعب نادي الزوراء وبداية كورنيش العطيفية الذي افتتحه عبدالكريم قاسم في الذكرى الاولى لثورة تموز 1959 وتنتهي مع جسر الصرافية لتبدأ بعدها العطيفية الثانية التي تشتهر بسايلو الحبوب وبشارع الدامرجي وسوق المعلمين ودور المعلمين ومستشفى الرازي الاهلية، وجامع الدولة ومسجد وضحة الشاوي في الباغات، وكانت العطيفية الثانية وتسمى لدى البعض بالدامرجي، تضم أعدادا كبيرة من دور المُسفرين من التبعية الايرانية. كما تضم العطيفية الثانية الكراج رقم 4 لمصلحة نقل الركاب بالمنطكة مقابل جامع براثا، وتضم مطبعة الادارة المحلية التي حلت محل مبنى الثانوية العربية للبنين القسم الادبي من ثانوية الكرخ للبنين وهي الثانوية التي اكملت فيها دراسة الثانوية عام 1966

أما أبرز العوائل والشخصيات التي سكنت العطيفية فهي عوائل وشخصيات معروفة ومرموقة أتذكر منهم دار المرحوم احمد حسن البكر على النهر وسكنها من بعده ولديه عبدالسلام وهيثم، ودار المرحوم أحمد عبدالستار الجواري وشقيقيه كل من الدبلوماسي عبدالوهاب الجواري والمحامي عبدالخاق، كما سكنها المرحوم حماد شهاب، وسكنها لفترة قصيرة طالب شبيب وزير خارجية حكومة 8 شباط، ود. عبدالكريم العلي وزير التخطيط حينها، وعضو القيادة القطرية عبدالحسين مشهدي الذي أعدم فيما بعد، والاستاذ العلامة القانوني عبدالأمير العكيلي على الكورنيش وهو رئيس الإدعاء العام زمن قاسم، والذي درّسني في كلية الحقوق فيما بعد، وأولاده كل من القاضي المرحوم سامي، وعدنان ورياض وهم من أعز الأصدقاء الذين نشأنا معهم ويتميزون بالطيبة والتواضع والخلق العالي، وهناك بيت القاضي المعروف محيي الدين السعدي، وبيت جرجيس أبو عبدالقادر، واولاده خالد وسعد وباسل وجمال، وبيت ال بابان، وبيت الزنكي، وبيت حداد، وبيت إسماعيل آل بابير، وعوائل سامرائية كثيرة ومن اصدقائنا القدامي في العطيفية الاعلامي الاكاديمي الشهير د كاظم المقدادي . كما شهدت العطيفية الأولى في الستينات وجود مبنى سفارة مبنى الجمهورية العربية المتحدة، بعد 8 شباط 1963 يوم كان السفير أمين هويدي وكانت تشغل دارا بسيطة، وكانت له علاقات جيرة طيبة مع السكان، قبل ان تنتقل الى مبناها الشهير في الوزيرية الذي صار فيما بعد اكاديمية الفنون الجميلة . يتوسط منطقة العطيفية الأولى مسجد السيد عبداللطيف المدلل، وكان إمامه الشيخ عبدالودود رشيد المشهداني يحفظه الله، الذي كان احد اساتذتي في التربية الاسلامية وكان المرحوم عبدالسلام عارف كثير الصلاة فيه وخاصة ايام الجمعة في هذا الجامع، كما ظل المرحوم الدكتور احمد عبدالستار الجواري يرتاده بانتظام دائمي لجميع الاوقات لحين وفاته يرحمه الله. كما سكن في العطيفية المرحوم القارئ الشهير الحافظ خليل اسماعيل شيخ التلاوة البغدادية. تميزت العطيفية الأولى عن العطيفية الثانية، بصغر مساحتها المحصورة بين نهر دجلة وبساتين آل طعمة التي يشقها شارع موسى الكاظم الممتد من جسر الشهداء حتى الكاظمية، كما يحصرها جسر الصرافية عن العطيفية الثانية، لذلك تمتعت العطيفية الاولى بخصوصية نادرة في تآلف وتعارف ابنائها وساكنيها الذين هم امتداد لمناطق الكرخ القديمة المستملكة سوق الجديد وسوق حمادة والست نفيسة والتكارتة والجعيفر والشيخ علي وغيرها من مناطق الكرخ القديمة، لذلك بقيت علاقات المعرفة والجيرة والمحبة والتآلف بين ساكنيها ومعرفة بعضهم ببعض من سنين طويلة وجود العطيفية على نهر دجلة جعلنا نتمتع في فصل الصيف بالسباحة في النهر وجميع شبان العطيفية تقريبا يتقنون السباحة بسبب قرب النهر ووجود مسابح تعلم السباحة منها رسمية كمسبح التربية ومنها اهلية او شخصية تعلم الصغار السباحة وانا شخصيا تعلمت السباحة على يد الرياضي المعروف حينها ياسين الصدر الذي كان له جرداغ بالعطيفية لتعليم الصغار السباحة وهذا كان عام 1958

كورنيش العطيفية أحد معالم المنطقة المهمة، افتتحه عبدالكريم قاسم في العيد الأول للثورة وشهدت افتتاحه ورأيت قاسم حين افتتح الكورنيش المبتدئ من ساحة الربيع ملعب الزوراء حاليا والذي ينتهي مع انعطافة جسر الصرافية ويلتقي مع خط السيارات النازل من جسر الصرافية باتجاه الكرخ ويشتهر اليوم بالمطاعم الفاخرة والعوامات ومراسي الزوارق

وعلى ذكر جسر الصرافية الحديدي الذي انشئ اواخر الاربعينات وافتتح عام 1952، من قبل الملك الشاب المرحوم فيصل الثاني، وكان يمر عليه خط سكك الحديد القادم من المحطة العالمية والمتجه الى محطة شرقي بغداد ومن ثم الى كركوك، وكان ينقل صهاريج النفط من كركوك الى بغداد، فضلا عن قطارات المسافرين، وبعد الغاء الخط المترى وتحويل خط قطار كركوك بعقوبة الى محطة شرقي بغداد، تم تحويل خط السكة ايام المرحوم احمد حسن البكر الى قطار لنقل الطلاب من المحطة العالمية بالكرخ الى منطقة مجمع الكليات بمنطقة الباب المعظم سمي وقتها قطار الثورة وكان ينقل الطلبة بسعر رمزي مخفض جدا. تربطني بجسر الصرافية ذكريات عزيزة، فهو رابطتنا بالرصافة، نعبر عليه مشاة أو راكبين، فقد كنت استخدمه للعبور على دراجتي الهوائية الى منطقة باب المعظم ومن ثم لزيارة سوق السراي وشارع المتنبي كما ذكرت ذلك في مقالتي عن سوق السراي وشارع المتنبي كما كنت استخدمه للعبور بدراجتي ذهابا الى ثانوية الاعظمية للبنين التي امضيت فيها سنة دراسية واحدة 1963 ثم انتقلت بعدها الى الثانوية العربية القريبة من دارنا . كما أنني عبرته بسيارتي الخاصة لأول مرة عام 1970 بعد أن تعلمت السياقة وكان المشهور حينها أن من يجتاز جسر الصرافية بنجاح يعتبر سائقا متمكنا نظرا لضيق الجسر بممرين لعبور السيارات وممر للمشاة وخط سكك القطار قبل ان يتم تعريض الجسر بعد الغاء خط القطار. منذ انتقلنا الى العطيفية صار القطار معلما من معالم العطيفية، حيث يمر القطار مع صافرته المتميزة في أوقات ثابتة تهتز بيوتنا لمروره، وكان مروره توقيتا ثابتا لايخطئ بحيث كنا نوقت ساعاتنا على مرور القطار لدقة مواعيده ايام الخمسينات والستينات. اتذكر حين كنا قبل 1958 ننتظر مرور موكب الملك فيصل الثاني قادماً من قصر الرحاب باتجاه البلاط الملكي في الكسرة، بحدود الساعة 11 صباحا يوميا دون اي تاخير ولا تقديم، ويعود الى قصر الرحاب عبر جسر الصرافية الساعة الواحدة ظهرا، وكنا نحرص انتظار مرور الملك في ذهابه للبلاط وعودته منه، وكان يرد على تحياتنا بالتأشير بيديه محيياً.

جامع براثا الشهير المنطكة

كان في العطيفية الاولى مقهى شعبية واحدة مقابلة لجامع المدلل، وهناك مقهى عند محطة بزينخانة المنطكة، ثم افتتحت كازينو القبطان على نهر دجلة عند مبدأ منطقة العطيفية الأولى، وكانت تجمع الشباب من كل نوع، من يريد المطالعة فهناك أجواء للمطالعة، ومن يريد لعب الورق والدمينو فهناك مجال لطاولات اللعب، ولم يكن اللاعبون يؤثرون على الدارسين، واتذكر انني كنت استخدم مقهى القبطان مكانا للدراسة و للتحضير لامتحانات الثانوية 1966. ورغم ان مقهى القبطان مازالت قائمة لحد اليوم الا ان الكورنيش قد تغيرت ملامحه بالكامل بعد انتشار المطاعم النهرية والعوامات ومراسي الزوارق، التي تسهر حتى الصباح.. فأضفت جوا من الصخب والضجيج على منطقة هادئة لم تكن تعرفه من قبل. وتقدم هذه المطعم مختلف اواع الاطعمة المتميزة.

في العطيفية يوجد جامع براثا او ما تسمى بالمنط ة، وكانت محطة تبديل الكاري قبل الاربعينات،

وقد جاء في موسوعة ويكبيديا العطيفية هي منطقة سكنية في بغداد بجانب الكرخ وهي الموضع الذي بنى فيه ابو جعفر المنصور مدينته المدورة وشكلت نواة لبغداد الحديثة، وتشتهر مدينة العطيفية بجامعها الشهير براثا. و هو جامع اسلامي كان بالأصل ديراً نصرانياً في الماضي ويحوي مقبرة، ويقع على جانب الكرخ في منطقة العطيفية، حاليا في بداية الطريق بين بغداد ومدينة الكاظمية، وتبعد براثا حوالي 10 كم عن مركز المدينة. براثا أصلا هو اسم باني الدير ومعنى براثا بالسريانية ابن العجائب وفي اللغة العربية تعني الأرض الرخوة الحمراء . تضم منطقة براثا في الوقت الحاضر مسجداً كبيراً في أعلاه مئذنتان بنيتا سنة 1375 هـ ومكتبة قديمة وحرم للصلاة مع صحن واسع وبئر يعرف باسم بئر الامام علي ومقبرة قديمة. يتناقل المؤرخون بأن لهذا الموقع أهمية تاريخية خاصة أنه يقال أنه قد زاره العديد من الأنبياء والصالحين ومنهم إبراهيم الخليل، والنبي دانيال ذو الكفل، كما قيل أن الأمام علي عندما عاد من قتال الخوارج في معركة النهروان، وحصل تحاور بين الراهب المسؤول عن الدير ويسمى حباب كانت نتيجته إشهار الراهب إسلامه وتحويل الدير إلى مسجد. عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن جابر الانصاري أنه قال صلى بنا عليّ ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته فقال من عميد هذا الجيش؟ فقلنا هذا، فأقبل إليه فسلم عليه فقال يا سيدي أنت نبي؟ فقال لا، النبي سيدي قد مات، قال فأنت وصي نبي؟ قال نعم، ثم قال له اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة ، فقال له علي فمن صلى ههنا؟ قال صلى عيسى بن مريم وأمه فقال له علي أفأخبرك من صلى ههنا؟ قال نعم، قال الخليل ابراهيم ومسجد براثا واقع في محلّة براثا طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محوّل، وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية، مرّ بها علي بن ابي طالب ترهات لقتال الحروريّة الخوارج بالنهروان وصلّى في موضع من الجانب المذكور، وتعرّض هذا المسجد عدّة مرّات للهدم، لاجتماع قوم من الشيعة فيه، هدمه الراضي بالله حتّى سوّى به الأرض، ثمّ أمر بجكم الماكاني أمير الأمراء ببغداد بإعادة بنائه. تعرض جسر الصرافية في 2007 الى تفجير هائل وقد كتبت بالزمان حينها معزيا جسر الصرافية. لا ندري من هو الإرهابي الذي إرتكب نسف جسر الصرافية، هذه الجريمة البشعة ، جريمة اغتيال جسر موطن أجمل الذكريات البغدادية والعراقية، فبعد أن إغتالوا ذاكرتنا، وحاولوا تشويه علاقاتنا وأواصرنا، هاهم يجربون اليوم تدمير مواطن ذكريات المحبة والوئام ، وليفصموا العرى بين جوانبنا الجميلة، إنه جسر الصرافية ، أو كما سماه البغداديون الجسر الحديدي، أو جسر القطار، أو جسر العطيفية، أو الجسر الجديد تمييزا له عن الجسرين الأقدم منه الشهداء والأحرار أو سمّه ما شئت ،فقد تعددت الأسماء، والمسمى الحبيب الفقيد واحد جسر الصرافية ، الذي عنده فتحنا عيوننا للحياة، وعلى حديده .. طبعنا أجمل الآثار وعلى ركائزه كتبنا أجمل الأشعار. منذ افتتاحه عام 1952 كان قطعة جمالية رائعة من معالم بغداد الجميلة . يمر القطار العابر من سكك الشالجية ببغداد بإتجاه محطة باب المعظم ثم بإتجاه بعقوبة وكركوك، وكنا نعرف مواعيد مروره بالضبط، بل كان مروره وصافرته المتميزة، المتعبة، تؤشر لنا الوقت الصحيح فنصحح ساعات بيوتنا عليها. كبُرْنا، وإستهلك الزمان ما فينا وما عندنا.. لكن حديد الجسر كان أقوى من الزمان، وكلما عبرنا على الجسر الحديدي إسترجعنا ذكريات عقود من الزمن الجميل. كان الجسر ، وحتى يوم جريمة نسفه الشنعاء، رابطة للمودة والمحبة بين أرجاء وأطراف مناطق ومحلات الكرخ كافة وبين مناطق ومحلات جانب الرصافة.. تتهاوى عليه المركبات بانسياب ، تنقل مئات الألوف كل يوم من الطلبة والموظفين والعمال ومن كل الأعمار، وعلى ممره الحديدي الرائع ممر المشاة سارت أقدام الملايين.. تطبع عليه ذكرياتها.. ولكن الحديد وجسر الحديد كان أقوى من كل مؤثرات وعوامل الزمن..حين أفتتح 1952 كان جسرا لعبور القطارات والعربات والمشاة، ثم في السبعينات بعد إلغاء الخط القديم المتري للقطار ألغيت سكة القطار وبقيت بمكانها.. وبعد حرب 1991 تم تفكيك جسر القطار المتروك وإستخدام حديده في مشاريع أخرى، وتم توسيع الممر الخاص لعبور السيارات فصار الجسر لعبور المركبات وبقي ممر المشاة كما هو…إنه جسر الذكريات الجميلة..فعند الجسر كان النهر الخالد، يتلوى بدلال رائع.. من كَسْرَة النهر، فإنعطافة العطيفية، بإتجاه كرخ المنصور.. وتحت الجسر كان الناس يتجمعون.. وعلى ركائز الجسر الجميل ترك عشاق الجسر كتابات خالدة محفورة لم تستطع السنون القاسية التي مرت بالبلاد، وبالجسر العتيد، أن تمحوها.. هناك تحت الجسر تعلمنا السباحة، والتجديف، والسهر.. وكانت الكرخ كلها تجتمع عند ضفاف دجلة الخالد تحت الجسر الحبيب، شيبا وشبابا يتلمسون عطر دجلة ونسيم العطيفية والكسرة والصرافية..عند الجسر تلاقينا، وعليه فتحنا عيوننا، وعلى حديده خططنا أجمل ذكريات العمر.. تبا للمجرمين يقولون شاحنة متفجرة، ويقول آخرون بل إنها عملية تفخيخ مؤقتة، وقال آخرون إنه كان قصف بطائرة، وكل له رواية وتفسير ….ولكن لا يهمنا كيف.. لكننا نعتقد أن من واجب الحكومة أن تخبرنا من المجرم ؟ لا أن تقيد الجريمة كسابقاتها ضد مجهول ؟..

واليوم مازال السؤال المحير يكبر بدون جواب.. من الذي فخخ وفجر جسر الصرافية، وكيف إجتازت الشاحنة الضخمة المحملة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات كل هذه السيطرات المنصوبة في خطة أمن بغداد؟ أو كيف تسلل المفخخون وشدوا المتفجرات تحت جسر الذكريات؟جسر الصرافية…الشهيد

كان الصرافية ومازال معلما تاريخيا عزيزا على أهل بغداد جميعا بكل أديانهم وطوائفهم، لم يكن شيعيا ولاسنيا ولا مسيحيا ولا صابئيا.. لا عربيا ولا كرديا .. وقد إغرورقت دموعنا.. ونحن نستمع إلى حديث شيخ كرخي من العطيفية يدعى حاج أبو سعد وعمره تجاوز السبعين وهو يقول وعيناه مغرورقتان بالدموع إن عمري من عمر هذا الجسر، فمنذ ان تفتحت عيناي على الدنيا لم يفارق مشهده عيني. وأخشى ان يقتلني الحزن عليه كما دمره الانفجار الآثم .. و لاندري هل سيكتفي المجرمون بتدمير جسر الصرافية الشهيد.. أم أن مؤامرة تقسيم بغداد التي سمعنا عنها في الأعلام، ماضية… وقد نسمع يوما عن تفجير جسور أخرى؟؟؟

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة