الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
قضاء السلمان يحتضن الاحتفال الكبير تكريماً لسجناء نكرة السلمان الأبطال
الجمعة 18-04-2014
 
بغداد – طريق الشعب

يتوجه مئات العراقيين من مختلف مدن البلاد ومحافظاتها، في اليومين المقبلين، الى قضاء السلمان في محافظة المثنى، للمشاركة في الاحتفال الفريد الذي سيقام بعد غد السبت في فضاء سجن "نكرة السلمان"، احياء لذكرى الآلاف من مناضلي شعبنا، الذين تحملوا قسوة الحبس والقهر والعذاب اعواما طويلة في هذا السجن الرهيب، من اجل خير الشعب وسعادته، وحرية الوطن واستقلاله.

ذكر ذلك مصدر في لجنة احتفالات العيد الثمانين للحزب الشيوعي العراقي، واضاف في تصريح لـ "طريق الشعب" ان عشرات السجناء السياسيين السابقين في نكرة السلمان سيشاركون في الاحتفال، وان ابناء قضاء السلمان، يتقدمهم القائممقام السيد قاسم مخلف جبار، رحبوا باقامة الاحتفال ووعدوا بالاسهام الفعال في تهيئة مستلزمات إقامته ونجاحه.

وفي خصوص وقائع الاحتفال افاد المصدر انه سيتضمن كلمات بالمناسبة، وشهادات لبعض سجناء "النكرة" السابقين، وقصائد شعر، وترديد اغاني السجون التي اشتهر بها السجناء الشيوعيون، وافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية. كما سيقوم المحتفلون بجولة في ارجاء قلعة السجن القديمة وردهات السجناء.

هذا وتسلمت "طريق الشعب" نسخة من نبذة تاريخية ومعلوماتية عن السجن وسجنائه، وزعتها لجنة الاحتفال، ننشر هنا نصها.

نكرة السلمان .. سجن المناضلين ومدرسة الوطنية

كانت البداية على يد الجنرال الانكليزي السير جون باغوت غلوب باشا (1986-1897) الذي لازمه في مشرقنا العربي لقب (أبو حنيك / أبو حنيج)، في اشارة الى طول وجهه عند الحنك .

كان "ابو حنيج" قائد الفيلق الانكليزي المرابط في الأردن والعراق في اواسط عشرينات القرن الماضي. وقد اقدم حينذاك (في 1928) على بناء قلعتين: واحدة في الأردن والأخرى في العراق، في مناطق البادية باتجاه اراضي نجد والحجاز, كمخافر حدودية متقدمة لصد هجمات البدو القادمين من شمال شبه الجزيرة العربية.

لكن القلعة التي بنيت في العراق (في السلمان) سرعان ما استخدمت في غير المهمة المعلنة لها اصلا. ففي بداية الأربعينات تم تحويلها الى سجن، واستقبلت بصفتها هذه اول وجبة من "النزلاء". وقد ضمت هذه الوجبة وجوها متنوعة من نسيج المجتمع العراقي واطيافه, يمثلون مناطق الفرات الأوسط والأنبار وبغداد وكردستان. وكان بضمنهم شيوخ عشائر: سيد علوان الياسري، عجه الدلي، سوادي الحسون، فتيخان أبو ريشة، صكبان العبادي. كذلك سجنت فيها شخصيات وطنية مثل فائق السامرائي المحامي، أكرم فهمي، شناوة كرد، العقيد يحيى سعيد .

وكانت أول مجموعة من "السجناء السياسيين" بالمعنى المعروف تقريبا، مؤلفة من سبعة مواطنين, بينهم الشاعر الراحل محمد صالح بحر العلوم, الذي ضاق صدر الحكام الرجعيين بوطنيته وتمسكه بها، فارسلوه الى "النكرة" اكثر من مرة. وحين اقتيد اليها للمرة الثانية استقبله عبد الجبار أيوب مدير السجن محذرا منذرا: "ليس في هذا السجن الا الموت!". فردّ بحر العلوم: "لكن ذلك لم يمنع الأحرار من اداء رسالتهم ومواصلة كفاحهم".

ما أن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى كشرت سلطات النظام الملكي عن أنيابها, فأرسلت في العام 1946 أول وجبة من السجناء السياسيين, بلغ تعدادها 200 سجين, وكان بضمنها الشهيد سلام عادل والراحلون والشهداء زكي خيري ونافع يونس وكاظم فرهود وكامل قزانجي وعبد الوهاب الرحبي . ثم تتالت الوجبات، وتزايدت اعداد السجناء مع اشتداد النضال الوطني ضد الحكم الملكي  السعيدي، وفي مواجهة الانظمة المتعاقبة، حتى زاد عددهم في الستينات على 4000 سجين, وحتى ان قلعتي السجن القديمة والجديدة لم تستوعباهم, فنصبت لهم الخيام بينهما!

في تموز 1963 استقبل السجن ركاب "قطار الموت" الخمسمائة المناضلين، بعد أن نجوا من موت محقق أراده لهم فاشيو البعث وحرسه القومي , وكان ذلك بفضل شجاعة وشيمة سائق القطار عباس المفرجي، الذي علم متأخرا أن حمولته هم بشر اغلقت عليهم عربات حديدية مطلية بالقار، فعجل في الانطلاق نحو السماوة، بينما كانت التعليمات التي تسلمها تقضي بأن يبطئ! وهناك كان لأبناء مدينة السماوة موقفهم الغيور، حيث كسروا أبواب العربات وزودوا السجناء المشرفين على الموت عطشا بالماء المذاب فيه الملح .

وفي الثمانينات تحول السجن الى مقبرة التهمت أولا المواطنين الذين كانت السلطات تطلق عليهم " التبعية "، وثانيا عوائل الكرد المبعدين من المناطق الحدودية مع ايران. حيث ان احدا منهم لم ينج: ماتوا جوعا أو عطشا أو بسبب المرض او بالتصفية الجسدية عبر دفنهم أحياء . وقصة الطفل الكردي تيمور ذي الأعوام العشرة في حينه تشبه المعجزة، فقد خرج من بين أكوام الجثث وهو مصاب باطلاقة في كتفه, وسار في اتجاه مضارب عشيرة في بادية السلمان, حيث آووه وعالجوه وأخفوه عن العيون, مخاطرين بحياتهم .

في السجن الذي لم يستطع أحد الهرب منه, وحتى الضابط الشيوعي صلاح الدين الذي افلح في الهرب, قضى في الصحراء .. تحمل السجناء السياسيون قسوة العيش والتعامل المتعسف, بفضل تضامنهم وتعاضدهم كمناضلين وتنظيمهم شؤون حياتهم اليومية، فحولوا القاعات والقوايش الى مدارس حقيقية بمفهومها الأولي (محو الأمية وتعلم القراءة والكتابة) , وبمفهومها التثقيفي (كصفوف للفكر والسياسة والمعارف المختلفة). وكانوا يمارسون الرياضة, ويخبزون في تنانيرهم, ويستمعون للأخبار من راديو مهرب اليهم, ويجري الأطباء منهم العمليات الجراحية (بدون مخدر طبعا?وبشفرة حلاقة!). وكانوا يقرأون الكتب، ويستمعون للشعر والغناء, والمحظوظون منهم من صادف ان سجنوا مع مظفر النواب وسعدي الحديثي.

لم تكن نكرة السلمان السجن الوحيد في العراق. كان هناك ايضا سجن بغداد المركزي، وسجون بعقوبة والكوت والحلة والرمادي والعديد غيرها. وبعد العودة الثانية للبعث عام 1968, أصبح من هواياته تشييد المعتقلات والسجون تحت الأرض، وأسفل بنايات المعاهد الدراسية وكراجات النقل العام، وتحت الأسواق المركزية (النجف) وتحت المصانع والمؤسسات (معمل زجاج الرمادي مثلا), لا بل حتى تحت المواقع الأثرية (قصر العاشق في سامراء)!

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
إسرائيل: هجوم إيران تم عبر أكثر من 200 مسيرة وصاروخ وأصاب قاعدة عسكرية
فرضية الإرهاب "قائمة".. قتلى في هجوم بمركز تجاري بأستراليا
إيران تعلن الاستيلاء على "سفينة مرتبطة بإسرائيل" قرب سواحل الإمارات
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة