تدور مفاوضات تشكيل الحكومة تحت درجة عالية من السرية وبعيدا عن اي استعراض اعلامي وتصريحات وبيانات ومواقف، بالاتفاق بين الكتل السياسية، لحساسية الشروط المطروحة وتعقيدها لجهة الاصطفافات المتداخلة بين الكتل. وحتى اللحظة لم يرشح عن تلك "المفاوضات" سوى ما يعلن على لسان نواب وممثلين للكتل بالاسم الصريح، وما عداه يبقى مجرد تكهنات تدور في فلك المناورة المطلوبة في التفاوض.

ومثلما تبنى رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، الذي ما زال يصر على الظهور في "الخطاب الأربعائي" كرجل قوي يمارس كامل الصلاحيات، فكرة تشكيل "حكومة الأغلبية السياسية"، ذهب خلفه المُكلف حيدر العبادي الى طرح فكرة "الترشيق الوزاري" التي لاقت ترحيباً حماسياً، قبل أن تتحول إلى فكرة كريهة لجهة تقليص مساحة المناصب والتمثيل داخل السلطة التنفيذية للكتل والأحزاب.

واقترح المالكي، أمس الأربعاء، على العبادي ان يمضي بتشكيل حكومة أغلبية سياسية. ورأى أن  "رئيس الوزراء المكلف سيجد الكثير ممن ينضمون اليها اذا قرر تشكيلها"، مطالباً المُكلف بـ"رفض الإملاءات بشأن تشكيل الحكومة" لأنها "ستضعف العملية السياسية" و"تمديد فترة المدة الدستورية، ما يعني الحاجة إلى مُكلف جديد".

ولم يرشح من قائمة التفاوض الطويلة على المناصب، سوى ما يتردد بشأن منح رئيس "التحالف الوطني" إبراهيم الجعفري (تيار الإصلاح) منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، وأن يشغل النائب هُمام حمودي (ائتلاف المواطن) منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب.

خطة الترشيق تصطدم بعوائق دستورية لجهة دمج وزارات مع أخرى، وإلحاق هيئات مستقلة بوزارات، أو حل وزارات ومنح صلاحياتها لمجالس المحافظات.

ائتلاف دولة القانون، (103 مقاعد)، طالب الكتل السياسية بمساعدة العبادي لتمرير الحكومة المقبلة.

واعتبرت هدى سجاد، النائب عن الائتلاف، في حديث لـ"العالم الجديد"، أنه "ليس من صالح اي كتلة سياسية عرقلة تشكيل حكومة العبادي"، مبينة ان "النص الدستوري صريح وواضح، ويقضي بتقديم الكابينة الوزارية خلال مدة أقصاها 30 يوما".

ومضت 10 أيام على تكليف العبادي بتشكيل الوزارة الجديدة خلفاً للمالكي.

ونوّهت سجاد بأن توزيع الوزارات، في ظل التقاطعات بين الكتل، سيكون على أساس "تقسيمة وزارية من 3 مراحل (أ، ب، ج) تشمل السيادية والخدمية ووزارات الدولة".

وتوقع اتحاد القوى الوطنية (القوى السنية – قرابة 45 مقعدا)، أمس، الحصول على 10 وزارات على أقل تقدير (اثنان منها سيادية) في حال عدم الترشيق لكونه "يمثل مكوناً وكتلة نيابية في آن معاً".

وكشف الاتحادـ على لسان النائب عنه علي جاسم، في تصريح صحفي، أنه "لم يخض حتى اللحظة أية حوارات رسمية بشأن تشكيل الحكومة"، لافتاً إلى أن "ورقة الاتحاد التفاوضية ستنجز اليوم (أمس)".

ويرى الشركاء الكرد أن إخفاق العبادي في تشكيل وزارة تحقق التوازن في تمثيل الكتل يمثل "انتحار العراق سياسيا". واعتبر مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، أمس، أن تشكيل الحكومة "الفرصة الأخيرة لمعالجة الأزمات العميقة"، محذراً من "تكرار ذات التصرفات والاخطاء"، لكونها "ستعمق الازمات وتوسعها أكثر".

وتعليقاً على تصريحات بارزاني، قال كاوه محمد، النائب عن التحالف الكردستاني (62 مقعدا) لـ"العالم الجديد"، ما أدلى به بارزاني "يعبر عن موقف جميع الكرد"، مجددا دعوة بغداد إلى "تجاوز السياسات الخاطئة تجاه الكرد، وحل الخلافات العالقة بين حكومتي الإقليم والمركز، واخذ الضمانات الكافية".

وفيما عدّ كاوه "جميع مطالب الاقليم دستورية"، أبدى اعتقاده بان "الشراكة الوطنية ستسهم في انجاح الحكومة المقبلة".

وأوصى الرئيس فؤاد معصوم، أمس، بـ"اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة، وتمثيل مختلف أطياف المجتمع، في اختيار وزراء الحكومة المقبلة"، محذراً من أي خرق لأنه "سيستخدم كل صلاحياته الدستورية لصيانة الدستور والتدخل فورا عندما يجد خرقاً لأي بند من بنوده".

كتلة بدر النيابية، (22 مقعداً)، طالبت الكتل السياسية الممثلة نيابياً، بـ"الابتعاد عما يؤجل تشكيل الحكومة".

علي لفته المرشدي، النائب عنها، دعا، في بيان تلقته "العالم الجديد"، الجميع إلى "عدم وضع أي شروط تعجيزية من شأنها إعاقة تشكيل الحكومة المقبلة"، منبهاً إلى ضرورة ان "تؤجل الكتل مطالبها الى ما بعد تشكيل الحكومة".

غير ان بارزاني شدد، أمس، عند لقائه وزير الخارجية السويدي في أربيل، على أن "الهدف لا يجوز أن يكون تشكيل الحكومة فقط".