الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
مقابلة مع شخصية نسائية مندائية الدكتورة ليلى غضبان الرومي
الأربعاء 10-12-2014
 
مجلة الصدى

الدكتورة ليلى الرومي

عانت المرأة العراقية من ظروف قاسية بحكم مستوى تطور بلادها، وتعرضت اضافة الى عدم منحها في احيان كثيرة الحق في العمل ، الى عادات وتقاليد بالية قيدت حريتها وفرضت عليها قيودا وضعتها في موقع متخلف في الحياة ووضعت عليها اعباء مستمرة. وقد سبب التخلف الاقتصادي والاجتماعي بالارتباط مع السياسات الرجعية المتخلفة طيلة العقود الخمسة الاخيرة في تاريخ الشعب العراقي اضافة الى العادات والتقاليد البالية، في معاملة المرأة بصورة غير انسانية، ضاعفت المعوقات في طريقها للمساهمة بالحياة العامة وابقتها اسيرة نفوذ العائلة في اعمال البيت، كما ان الامية كانت عائقا جديا في تطور مستوى الوعي عند النساء العراقيات.

الا ان المرأة من الجانب الاخر ساهمت في الثورات والانتفاضات الفلاحية والمعارك العمالية والمظاهرات الوطنية. واستطاعت عبر نضال مستمر فرض جزء من تحررها واقرار بعض من حقوقها. وقد ساعد في ذلك عوامل عديدة ومن ابرزها سعة وعمق كفاح الشعب ضد قوى الظلام، وبروز قيادات نسائية عملت داخل احزاب ومنظمات نسائية قديرة وعلى راسها رابطة المرأة العراقية التي، قدمت عشرات التضحيات، ودخل العديد من كوادرها السجون والمعتقلات، بعد ان تحملت جميع نساء العراق فواجع الحرب، وفقدان المكاسب التي حصلن عليها عبر نضال مجيد.

والدكتورة ليلى الرومي واحدة من المناضلات التي وعت بان تحرر المرأة العراقية كاملا لا يتم الا في اطار تحرير المجتمع برجاله ونسائه، لان تحرر المرأة كاملا مرتبط بتحرر المجتمع. وقدمت هذه المرأة الجليلة الكثير بعد انقلاب 8 شباط الفاشي الاسود، لتصبح واحدة من الرموز النسائية المناضلة التي نضعها في قلوبنا بكل اعتزاز حتى هذا اليوم.

وفي هذه الظروف التي يمر بها وطننا تزداد مسؤولية المرأة في مجتمعنا. وكذلك تزداد اهمية مساهمتها في نضال القوى الوطنية .وموقعنا المندائي يعيد نشر هذا اللقاء المهم مع الدكتورة ليلى الرومي الذي نشرته مجلة " الصدى" التي يشرف على تحريرها زميلنا في اللجنة الثقافية الدكتور سعدي السعدي.

مقابلة مع شخصية نسائية مندائية الدكتورة ليلى غضبان الرومي

الصدى : هل للدكتورة ليلى ان تعطينا لمحة سريعة عن حياتها، المحيط العائلي الذي نشأت فيه؟

د. ليلى: ولدت في مدينة العمارة ونشأت في بيئة مندائية متفتحة ومتطلعة لكل ما هو خير في الحياة في ذلك الوقت. كان والدي مدير مدرسة ابتدائية في العمارة وهو كانسان تربوي له تطلعات ثقافية، فقد ربى فينا حب العلم والمعرفة منذ نعومة أظافرنا أولاداً وبناتاً وكان لم يفرق بين البنات والأولاد في معاملته لنا. كنا نذهب إلى قلعة صالح اثناء العطل الصيفية وهناك تعلمنا بعض تقاليدنا وعاداتنا المندائية.

دخلت المدرسة الابتدائية والثانوية في بغداد، وكانت المدرسة المركزية للبنات من اكثر المدارس دفعاً لتلميذاتها في التشجيع على الحصول على العلم والدرجات العالية التي تؤهل للدخول في الكليات. كنت من المتفوقات في الصفين الرابع والخامس الثانوي .. ولكن للاسف فصلت لأسباب سياسية لمدة سنة واحدة ، كان ذلك عام 1955 وكنت حينها طالبة في الصف الرابع الثانوي في زمن نوري السعيد وحرب السويس.

دخلت الكلية الطبية للعام الدراسي 1957 – 1958 ووصلت الى الصف السادس فيها عندما حصل انقلاب 1963 على حكومة قاسم وعندها زج في السجن اعداد كبيرة من شباب وطلاب الكليات كما وقتل البعض منهم بسبب انتمائهم الى الجمعيات الطلابية والديمقراطية. وبقيت في السجن ثلاث سنوات أي لغاية 1966 وعندما خرجت من السجن رفضت الحكومة في ذلك الوقت ارجاعي الى كلية الطب رغم كوني في السنة السادسة النهائية وكان قد تبقى لي ثلاث شهور على التخرج حينها. حاولت الحصول على قبول في جامعات وكليات طب خارج العراق ورغم كل محاولاتي إلاّ أني لم أحصل على القبول في معظم الجامعات التي قدمت لها. وأخيراً سافرت الى بولونيا حيث كان أخي موفق يدرس هناك وساعدني هو والجمعية الطلابية العراقية (اتحاد الطلبة) على الحصول على مساعدة للدراسة في بولونيا. عندها أخذت سنة لتعلم اللغة وعدت سنتين من الدراسة، وكانت اللغة البولونية لغة صعبة، ولكني توفقت في دراستي وتخرجت سنة 1969 بدلاً من 1963 ..

سافرت الى انكلترا عام 1970 وعشت هناك واشتغلت كطبيبة منذ ذلك الوقت.

الصدى: ما هي المصادر الثقافية التي كونت شخصيتك أو أثرت في تكوينك الفكري والثقافي خصوصاً في المراحل المبكرة من حياتك؟

د. ليلى : ان المجتمع الذي عشته كان مجتمع مثقف حيث كان الكثير من المندائيين معلمين ومدرسين وكان والدي من أول المعلمين المندائيين المتخرجين عام 1922 وكان يؤمن بالتعليم وكذلك الدكتور عبد الجبار عبد الله ابن عمتي والذي عيّن رئيس جامعة بغداد في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم. وكان الكثير من الشباب المندائيين متطلعين للثقافة والمعرفة. وكنا نقرأ الأدب العربي والعالمي الذي يصلنا عن طريق لبنان ومصر والترجمة العربية للكتب من الاتحاد السوفيتي، فبالاضافة الى دراستنا كانت لنا تطلعات ثقافية واسعة، وأنا لتذكر أننا كنا نقرأ كثيراً من الأدب المنشور في ذلك الوقت اثناء العطل الصيفية ومن عمر مبكر وبتشجيع من الوالد.

الصدى: منذ متى وانت في الغربة؟ هل يمكن أن تحدثيننا عن رحلة حياتك في الغربة، ابرز المحطات التي تركت بصماتها على حياتك في ابعادها التي ترغبين الحديث عنها؟

د. ليلى : تركت العراق سنة 1966 ليس رغبة مني وانما تركته متغربة لغرض إكمال دراستي. كنت قد قررت الرجوع للعراق حال اكمال دراستي ولكن كلما أطلب من الوالد ذلك كان يجيبني ان الوقت غير مناسباً، خوفاً على حياتي . فأنا كنت من المغضوب عليهم من النظام الفاشي البعثي السابق وكان رجال الأمن يفتشون عني حتى بعد تركي العراق ويأتون الى بيتنا لسؤال الوالد عني .. وهكذا اضطررت الى ان ابقى في انكلترا .. اول الأمر من أجل التخصص. وقد وجدت ان العناية بالاطفال المرضى عمل نبيل، فتخصصت في امراض الأطفال وأخذت الـ MRCP والـ FRCP من كلية الأطباء الملكية في بريطانيا بنجاح وتفوق .. وكنت دائماً أود العودة الى العراق لأخدم وطني وانتظر الفرصة للرجوع ولا أزال لحد الآن انتظر هذه الفرصة رغم كل هذه السنين.

الصدى: ما هي العبر والدروس التي يمكنك ان تزودي بها جيل الشباب الناشئ، بعد أن تربى ضمن المفاهيم الصدامية الفاشية والدكتاتورية، وبعد أن وجد نفسه تائهاً في بلدان الغربة يبحث أو لا يبحث عن هوية؟

د. ليلى : ان لكل انسان ظروفه الخاصة، ولكن المهم أن على الانسان الذي يعيش في الغربة ان يحافظ على جانبين في شخصيته .. أولاً ان يندمج ولا ينعزل عن المحيط الذي يعيش فيه وان يتعلم من هذا المحيط كل ما هو خيرّ وجميل وثقافي ليحسن من شخصيته ووضعه في هذا المجتمع الجديد .. وفي نفس الوقت أن لا ينسى ثقافته الأولى وارتباطه الاجتماعي والعاطفي بالعراق وأهل العراق، من ثقافته الأولى وارتباطه الاجتماعي والعاطفي بالعراق وأهل العراق، من ثقافة واطلاع ومعرفة ودين وعادات اجتماعية .. إن هذا الاختلاط الفريد يكوّن من شخصية الانسان شخصية فذة وناجحة، ولكن لا أن يكون واحد دون الآخر فلا تقوقع بالعراقي ولا رفض لكل ما هو عراقي وعربي ومندائي .. يجب ان نحترم ونستفاد من تراثنا وفي نفس الوقت نتعلم من المجتمع الجديد الذي نعيش فيه.

الصدى: قلنا "يبحث عن هوية"، ما هي الهوية التي تعتقدين أنه يجب على جيل الشباب البحث عنها، هل هي الوطن والوطنية، أم هي المندائية، أم هما الاثنان، هل هي الانتماء الى حضارة وتاريخ، والى اي حد يكون هذا الانتماء مفيداً للنشأ الجديد ضمن تحديات العصر الحالي والغربة والعولمة .. أم أن لك مفهوم آخر حول الهوية؟

د. ليلى : هوية الشخص العراقي تختلف من شخص الى آخر .. فهناك عراقيين تغربوا وابتعدوا عن وطنهم بالمسافة والفكر .. وهناك عراقيين تغربوا وتقدموا في مجتمعاتهم الجديدة ولكن بقوا فكرياً وعاطفياً وثقافياً محافظين على ارتباطهم بالوطن وحاولوا المساعدة بما يقدرون من الناحية العملية ومن الناحية الثقافية والعاطفية. وقد حاولوا الحفاظ على نوع الهوية identity التي هي خليط من الوطنية والمندائية والعربية ومن الفكر الغربي.

الصدى: تشكلت للطائفة تشكيلات تنظيمية ومؤسسات مختلفة منها الثقافية ومنها الاجتماعية ومنها الدينية ومنها متخصصة في الدفاع عن حقوق الانسان وغيرها .. ومن البديهي أن أي تجربة جديدة يكتنفها في بادئ الأمر صعوبات نتيجة عدم تراكم الخبر في هذا المجال، وقد يكون عدم تبلور الاهداف المتوخاة من هذه التشكيلات وقد تتداخل مهمات لا يمكن لجمعيات فتية تحمل وزرها .. ما هو برأيك الاسس الواجب اتباعها في جمعيات ومؤسسات كهذه لضمان النجاح والاستمرا ولغرض ان تكون الجمعيات فاعلة في اسناد المندائيين في بلدان الغربة؟

د. ليلى : ان قيام المندائيين بجمعيات محلية في وطنهم الجديد شئ مهم جداً لبقاء الطائفة .. وكل واحد مناّ له صفات ومميزات مختلفة عن الآخر وبامكانه المساعدة في مجال أو آخر. والاتصال بين الجمعيات يخلق جو من التعارف ويساعد على اقامة علاقات بين المندائيين في الخارج والداخل. ومن خلال الجمعيات يمكن تقديم المساعدة من نواحي عديدة، اجتماعية وعائلية واقتصادية وحقوق انسان ودينية وغيرها. النجاح يبنى على اساس احترام الافراد لبعضهم البعض وتفانيهم من اجل انجاح الجمعيات، واحترام استقلالية كل جمعية على الرغم من ارتباطها مع الجمعيات الأخرى في اعمال مشتركة.

الصدى: ما رأيك بالمؤتمر الثالث للجمعيات المندائية في بلدان المهجر، من زاويتين الأولى كمندائية مشاركة والثانية كعضوة في هيئة رئاسة المؤتمر؟

د. ليلى : ان المؤتمر كان ناجحاً من عدة نواحي .. اولاً خلق ظروف للتعارف وتعزيز العلاقة بين الاصدقاء والاقرباء وانا لم اجتمع بمثل هذا العدد من المندائيين منذ سنين طويلة ورأيت أفراداً من اقربائي لم ارهم منذ سنين .. كما أن هناك شعور بالتعاون بين الجمعيات والأخوة من كل الدول المشتركة، وقد كان واضح نجاح بعض الجمعيات مثل كندا وامريكا واستراليا والسويد في لم شمل الجالية المندائية في بلدانهم والقيام بالفعاليات الاجتماعية وكان المؤتمر يعكس هذه الروحية .. أيضاً هناك نشاطات من أجل حقوق الانسان ومساعدة الأخوة المندائيين الذين لهم مشاكل وخاصة في استراليا .. وايضاً ما قامت به جمعية نيويورك بالاتصال بالجهات الامريكية لتعريفهم على وجود المندائيين كطائفة دينية لها كيانها ووجودها في العراق منذ الاف السنين وعليه احترام حقوقهم الدينية.

من ناحية المؤتمر نفسه فقد بذل الأخوة في السويد جهودهم لانجاح المؤتمر من ناحية التنظيم وكانت جهودهم ناجحة جداً وواضحة.

من ناحية رئاسة المؤتمر فان الأخوان اعطوا وجهات نظرهم بحرية وتقبل ورحابة صدر ولكن في بعض الاحيان احتدت العواطف وكثر الكلام وصعّبت الجلسة. أنا في رأيي نحن العراقيين لحد الآن لم نتعلم ان نستمع للآخرين ولكن نحب ان نتكلم كثيراً ولا نعطي مجال للثاني ليعطي وجهة نظره وهذا نقص عند معظم العراقيين.

الصدى: يلاحظ من خلال ادارة اعمال المؤتمر ان لك خبرة في قيادة المؤتمرات، هل شاركت سابقاً في عمل كهذه، أو هل يمكن ان تحدثينا كيف اكتسبت خبرة كهذه؟

د. ليلى : من ناحية الخبرة بادارة الجلسات فهذه تجربة وليست جديدة حيث بحكم المكانة العلمية فقد ترأست الكثير من الجلسات العلمية وكثير من الجمعيات الطبية وكذلك حضرت عدد لا يحصى من الجلسات الاجتماعية والعلمية وغيرها .. والواحد مناّ يتعلم ويتطور من تجربته الخاصة. ونأمل أننا نستطيع ان نخدم الطائفة المندائية ولو قليلاً رداً للكثير من النعم والفوائد التي اعطتنا اياها وانا جداً متشرفة ان اعطوني هذه الفرصة لأقدم ولو خدمة صغيرة للطائفة واتمنى لكل الجمعيات والأخوة النجاح في جهودهم وهم مشكورين.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
اتفاقية إدارة الموارد المائية مع تركيا تثير غضب خبراء المياه في العراق
تصاعد التوتر في جامعات أميركية وسط تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين
مراسم "طواف كرجال" عند الإيزيديين في دهوك
ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
اتفاق بين العراق وتركيا.. تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود
أردوغان يعلن نقطة تحول في العلاقات مع العراق ومباحثات واتفاقات تخص العماليين والمياه
العراق وتركيا وقطر والإمارات.. توقيع مذكرة تفاهم رباعية للتعاون بـ"طريق التنمية"
زيارته الأولى منذ 13 عاما.. ماذا يحمل إردوغان في جعبته للعراق؟
الفصائل تتمرد على الحكومة وعلى تفاهمات واشنطن: يدانا ليست مكبلة بالأوامر الرسمية !
يوم الأرض العالمي، 22 نيسان 2024
شقيقة الباحثة الإسرائيلية المختطفة بالعراق "تهاجم" السوداني في واشنطن
انتصار نقابي تاريخي لموظفي فولكسفاغن في الولايات المتحدة، ونقطة تحول تزيد من رهانات الانتخابات في ألاباما
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة