الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
الإعلامية العراقية بعد 2003 : الأدوار والتحديات
الجمعة 24-04-2015
 
المدى

بدأ الاهتمام بدراسة موضوعة المرأة والإعلام منذ الربع الأخير من القرن المنصرم كنتاج وثمرة للتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدها العالم لكن هذا الاهتمام لم ينعكس على الدرس الأكاديمي إلا في وقت متأخر مقارنة بالدول العربية الأخرى مثل مصر ولبنان والمغرب العربي والأردن وفلسطين .

وبالرغم من التزام الحكومة العراقية قبل 2003 بتقديم تقاريرها الدولية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية في ما يتعلق بأوضاع النساء غير إن ذلك الالتزام لم يؤشر فلسفة أو هماً من هموم الدولة العراقية بحيث ينسحب إلى الفضاء الاجتماعي والانشغال الأكاديمي .

وربما يعود هذا إلى عدم وجود منظمات مجتمع مدني تهتم بقضايا المرأة وتقود حملات مدافعة او توعية او استطلاعات أو دراسات حول موضوعات اجتماعية لم تكن في أولويات الدرس الأكاديمي

وقضايا المرأة ليست استثناءً وان كانت هناك جهود بُذلت على مستوى دولة متمثلة باتحاد نساء العراق في التوجيه والتوعية الصحية والاجتماعية وحملات محو الأمية لكن تلك الجهود لم تخرج عن أديولوجية الحزب الحاكم وأهدافه وهو ما كانت عليه الاتحادات والنقابات والجمعيات قبل 2003 .

تقع الدراسات والبحوث التي تناولت المرأة والإعلام في أنواع ثلاثة : المرأة موضوعاً، والمرأة منتجة، والمرأة مستهلكة . يتعلق الأول بالإعلاميات منتجات الرسائل الإعلامية، والثاني بصورة المرأة في الإعلام، والثالث بالمتلقيات أو مستهلكات الرسائل الإعلامية .

وإذا كانت هناك علاقة ارتباطية بين الأنواع الثلاثة المذكورة من قبيل تأثر المضامين بمنتجها وتأثير المضامين على المستهلكة بدرجة أو بأخرى فهذا لا يعني دقة وحتمية هذه العلاقة، إذ أن الأمر أكثر تعقيداً من حصره في قالب مرسل ورسالة ومستقبل ، ومثلما يسري هذا الاستدراك او التشكيك على موضوع المرأة والإعلام فانه يشمل الإعلام بشكل عام :

المنتجة والمضامين والمتلقية

فلقد قدم الفضاء الاتصالي الإعلامي بعد عام 2003 أديولوجيات وتوجهات مختلفة ومتنوعة لكن المتابع للمشهد الإعلامي العراقي لا يجده منفتحاً بشكل كافٍ لظهور أفكار خارج القوالب الاديولوجية الشائعة.

ومثلما لم تعكس تعددية وسائل الإعلام وانتشارها بعد 2003 خروجاً عن القوالب الاجتماعية والسياسية والثقافية بحكم تبعيتها الاقتصادية/الاديولوجية إن كانت حكومية او حزبية أو أهلية فإن قبول المؤسسات الإعلامية للمرأة وارتفاع عدد المنخرطات بالإعلام المرئي والمسموع والمكتوب لا يعني عدم وجود ممارسات تمييز ضدها.

واذا كانت هناك بعض الدراسات تنطلق من فرضية مفادها: ارتفاع عدد الإعلاميات يؤدي إلى تحسن في المضامين الخاصة بالمرأة فان تطبيق مثل هذه الفرضية على مجالات اجتماعية أخرى مثل البرلمان أو أية مؤسسة أخرى من دون النظر إلى السياقات السياسية والاجتماعية والثقافية بشكل عام تقود الى نتائج مُضلـِّلة وان كانت لا تبدو كذلك على صعيد الشكل !

وبرغم عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد الإعلاميات في العراق بعد 2003 لكن المؤشرات تفيد بارتفاع العدد في العاصمة مقارنة بمحافظات العراق الأخرى وتباين في العدد واسع بين محافظات وأخرى فضلا عن انخفاض عدد الإعلاميات مقارنة بالإعلاميين .

إن الانطلاق من نتائج دراسة واسعة تناولت أوضاع المرأة الإعلامية العربية في المؤسسة الصحفية 1995-2005 لمقاربة واقع الإعلامية العراقية بعد 2003 يرشد الى نتيجة تتلخص بالآتي: برغم ان الصحفية موضوعية وملتزمة بعملها وبرغم إنها تسهم بنهضة المجتمع فهي لا تعطى الفرصة في المشاركة في صياغة المضامين الإعلامية ولا تكلف إلا بما هو ثانوي من الأعمال الصحفية إلا نادراً ، كما أن التزامها في العمل وموضوعيتها لم يفسحا لها المجال لاعتلاء مناصب قيادية فما يزال حضورها ضئيل العدد في مناصب القرار برغم إنها تمتلك ما يكفي من مؤهلات، لكن كونها أنثى ليس السبب الوحيد في عدم شغلها تلك المناصب، إذ أن ضعف أنشطتها في المجال العام وانحسار مشاركتها في الأحزاب والمنظمات والنقابات قلل من فرصها تلك وهو ما يعيدنا إلى حقيقة التعاطي مع مواقع القرار في المؤسسات الإعلامية العراقية بكونها مواقع سياسية، لذا فان العبور من السياسة إلى الإعلام محدود أمام المرأة لان ظروفها الخاصة والثقافية إجمالاً ، لا تسمح لها بممارسة النشاط السياسي .

إن نظرة علمية متفحصة لأوضاع الإعلامية في المؤسسة الصحفية تسفر عن نتائج مفادها وجود عوامل هيكلية متصلة بالظروف الاجتماعية فالإعلاميات يتنقلن من مؤسسة إلى أخرى أكثر من الرجال لظروف مهنية واجتماعية ما يحرمهن من الوصول إلى مواقع متميزة ، فالترقي بالعمل يحتاج كفاءة وأقدمية ، كما أن الإعلاميات يمارسن العمل مبكراً ويغادرنه مبكراً بسبب الزواج وظروف الخدمة المنزلية التي تُجبر المرأة على تغيير مهنتها أو تركها بعد مضي سنوات قليلة من العمل.

وإذا ما سلمنا بأن موضوع تقلـُّد المرأة الإعلامية مناصب قيادية في المؤسسات الصحفية مرتبط بعالم السياسة أكثر من ارتباطه بمعيار الكفاءة والاستحقاق فان الإعلامية بالمؤسسات تقولب ضمن فعاليات ومهام محددة . ففي الإعلام المطبوع ينحسر دورها في المواضيع التي تتناول الفضاء الداخلي" ديكور ومطبخ وأزياء وماكياج وصحة الطفل " او بما يتعلق بالـ soft news أي الأخبار المسلية كأخبار المشاهير وما إلى ذلك بينما يحتكر الرجل الإعلامي المجال العام: سياسة واقتصاد وتشريعات فهو من نصيبهم ،لأنه صنعة ذكورية!

ويُنظر إلى الإعلامية ذات العلاقات الواسعة والجيدة بمصادر الأخبار نظرة سلبية وهو ما لا يحدث مع زميلها الصحفي ، فالآخر سواء كان مراقباً لعمل هذه الإعلامية او مصدراً تستقي منه المعلومات لا ينظر إليها بوصفها تمارس مهنة، بل يرى فيها أنثى فقط ! وهو ما يفسر ارتفاع عدد مذيعات الربط وبرامج الترفيه في التلفزيون واختيارهن ضمن شروط شكلية بالدرجة الأساس ما يؤكد فرضية قبول المؤسسة المرأة الإعلامية لا يعني عدم وجود تمييز ضدها .

وتعاني الإعلامية من النظرة الاجتماعية السلبية لعملها ، إذ لا تحظى هذه المهنة بقبول اجتماعي على مستوى واسع مثل التعليم والطب فما يزال ينظر بريبة لمن تعمل في مجال غير مسيطر عليه من حيث "المكان والتوقيت" وتتواصل مع موضوعات وأناس مختلفين ومتنوعين وهي نظرة أحادية لا ترى فيها غير جسد ينبغي الحفاظ عليه ولو اضطروا إلى "حبسه" وهي نظرة لا تنحصر بمن هو خارج مهنة الإعلام ، إذ تتعرض الإعلامية داخل المؤسسة إلى ممارسات يصل بعضها الى مصاف التحرش الجنسي والابتزاز خاصة مع الإعلاميات ذات الكفاءة المحدودة او اللواتي انخرطن بالمهنة بلا تدريب وتأهيل كافيين في وسائل إعلام تفتقر إلى المعايير المهنية.

تشارك الإعلامية العراقية زميلها الإعلامي في تحديات تتمثل في التحديات الأمنية وصعوبة الوصول الى المعلومة وعدم وجود بيئة ضامنة للعمل داخل المؤسسة الإعلامية تقي التسريح من العمل تعسفياً او لأسباب تتعلق بإغلاق المؤسسة او إفلاسها .

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
الأمم المتحدة: 19 ألف طفل يتيم بغزة بعد مقتل 6 آلاف أم
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة