الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
شمران الياسري : بين صراحة ابو كَاطع .. وبلابوش دنيا ... !
الثلاثاء 14-07-2015
 
رضا حبيب الحياوي

يثير دهشتي واستغرابي . عالم لا يحتفي بمبدعيه ، ومناضليه .

عالم تحجرت عواطفه ، لا هم له سوى اللهاث وراء المادة والمصالح الشخصية ، بحيث أصبح اللصوص وقطاع الطرق والطارئون هم النخبة ، وأصحاب القدح المعلى في الساحة .. كاس الموت تَجّرعه بطيئا أصحاب المبادئ الشريفة والقيم الراقية ، أولئك الذين قضوا في بلاد الغربة لا يعرفون مجاملة السلطة الغاشمة ومسح الاكتاف !

قصدت مدينة واسط الأثرية في سفرة لا أنساها كان ذلك في ربيع عام 1972بصحبة ابن عمي الرفيق الشهيد عدنان داود حاتم ومن ثم اتجهنا في طريق ترابية صوب قرى طينية منتشرة في ريف مدينة الحي / واسط ، أشار ابن العم المرحوم أبو ثائر إلى إننا سنزور علما من أعلام الصحافة والإذاعة ( الصحفي والروائي الأديب والإذاعي المرحوم أبو جبران ، شمران الياسري ) الشخصية الرفيعة ذا الصوت الرقيق الأجش والنبرات الريفية الدافئة ، الذي استقبلنا بحفاوة بالغة وترحيب ما زال صداه في الذاكرة .. كنت حريصا في تلك الزيارة على التطلع الى ملامحه الجنوبية ، وتلقائيته ، وصراحته المتناهية ومتحفه البسيط الذي ضم بعض الأسلحة القديمة والمسبحات النادرة وقطع من السجاد الحياوي ...

رجل اخاف السلطة منذ زمن بعيد وكان فلاحا من طراز فريد..

رجل تحكم بالزمن والوقت في الذاكرة الشعبية لذلك كان الفلاحون يتزاحمون حول الراديو الخشبي ذو البطارية الكبيرة ليستمعوا الى أحاديثه الشيقة المغمسة بـ ( الحسجة ) والكوميديا الساخرة ..

كان شمران الرمز الشعبي الذي قارع السلطات التي كانت ترفض الصوت الأخر .. فكان بحق صوت الشعب المخنوق ..

بزغ نجم شمران بشكل ملحوظ بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وصدور جريدة اتحاد الشعب ومن خلال برنامجه الإذاعي الشهير ( احجيها بصراحة ابو كَاطع ) والذي كان يمثل يقين الكوميديا الشعبية ونبض الشارع العراقي ، اذ اجتذب الملايين من المستمعين .

يقول الأستاذ فلك الدين كاكائي وهو مثقف كردي بارز إن الكرد كانوا ينتظرون إذاعة برنامجه مثلما ينتظره أهل الوسط والجنوب "

عاصر شمران الجواهري والبياتي ومن في وزنهم من ألوية الفكر والثقافة القي المرحوم ( ابو كَاطع ) مع عشرات المثقفين العراقيين في السجن نتيجة الوثيقة التي وقعوها لنصرة القضية الكردية مطلع ستينات القرن الماضي ( إحلال السلم في كردستان ) واضطرت عائلته الى العودة الى الريف بانتظار إطلاق سراحه ، وقد ظل في السجن نحو من سنة وأطلق سراحه قبل انقلاب شباط الأسود بشهرين ..

واجه محنة الانقلاب الدامية التي وقعت بعد ذلك ليختبئ نحو أربعة أشهر في بيت احد أعمامه في بغداد ثم نقل بعد ذلك إلى ريف النعمانية من قبل سائق مغامر سلك طرقا معقدة ليوصله الى دار عمه السيد مالك الياسري وظل ناشطا في ريف الكوت والحي والناصرية والعمارة مع بعض الناشطين من أمثال الشهيد البطل أبو محيسن صالح احمد العبيدي والشهيد عباس ساجت ابو ماجدة و الشهيد صافي مجلي ابو فهد والشهيد سيد خضر الزاملي ابو جلال وطويل العمر كريم غويلي ابو عزيز والعديد من الأسماء التي غابت عن الذاكرة واصدر مطبوعا سريا عن محلية الحزب الشيوعي العراقي في واسط اطلق عليه اسم الحقيقة

بعد اعلان العفو عن المعتقلين السياسين نهاية عام 1968 انتقل ابو كَاطع الى بغداد وعاود برنامجه الشهير ( احجبها أبصراحة يبو كَاطع ) والكتابة في بعض الصحـــف .

عام 1972 صدرت له الرباعية الشهيرة ( الزناد ، بلابوش دنيا ، غنم الشيوخ ، فلوس حميد ) التي كتبها تحت ضوء الفانوس بعيدا عن انظار السلطة بعد انقلاب شباط 1963والتي جسدت واقع الاقطاع في تلك السنين العجاف لحين إطلالة ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام 1958 .. اشتراها الجمهور قبل صدورها ..

ظل شمران يعاني اواخر السبعينات محنة حزن جارفة انعكست على قسمات وجهه ربما لما آل اليه حال الجبهة الوطنية في العراق وفاجعة إعدام الشيوعيين العسكريين الشهيد البطل بشار رشيد ورفاقه في مايس عام 1978 .. ولعل كتاباته في طريق الشعب التي صدرت علنية منذ 16 ايلول / عام 1973 الى 5 / نيسان / 1979 اثارت تلك المقالات حفيظة النظام البعثي الحاكم الذي كان ينظر لها بعين حاقدة محاولُا تلفيق التهم ضده الأمر الذي حمل الحزب الشيوعي العراقي على الايعاز اليه بالسفر الى براغ

ترجل ابو كَاطع عن صهوة جواده وانتقل الى رحمة الله تعالى بتاريخ 17 / اب / 1981

لم يمت شمران عن مرض داء عضال بل مات في حادث سير.

رحل ( ابو كاطع ) وما زالت احاديثه وكتاباته في الوجدان ولعل المؤسف ضياع ارشيف برامجه الاذاعية الذي حوى ابداعه واحاديثه ، وما احوجنا اليوم الى عموده الصحفي الذي اتصف بالجراة والصدق والموضوعية.

المشكلة ان الصدق ضاع .. " ضاع وبعد وين الكَاه ".

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
الأمم المتحدة: 19 ألف طفل يتيم بغزة بعد مقتل 6 آلاف أم
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة