بُركة المنزل اندمجت مع موجات البحر وجدرانه متشققة وسطحه منهار ولكن قيمته التاريخية تزايدت على مر السنين. في هذا المنزل عاش واحد من أشهر الثوريين في العالم لمدة اربع سنوات حين أقدم ستالين على نفي ليون تروتسكي من الاتحاد السوفيتي في عام 1929. وأُعلن الآن عن عرض المنزل الكائن في جزيرة قرب اسطنبول للبيع مقابل 4.4 مليون دولار.

يقع المنزل في جزيرة بويوكاندا حيث السيارات ممنوعة ولكن ضجيج اسطنبول لا يبعد إلا مسافة قصيرة بالعَبَّارة. ويبدو ان هذه المسافة الفاصلة بين الجزيرة واليابسة منحت تروتسكي احساساً بالأمن من القتلة الذين كان يعرف ان ستالين أرسلهم في أثره لاغتياله. انتقل تروتسكي لاحقاً الى فرنسا ثم النرويج قبل ان يستقر في المكسيك. وهناك اغتاله احد عملاء ستالين بفأس حين كان في مكتبه.

ويقول مؤرخون ان تروتسكي في هذا البيت المنزوي في ركن من الجزيرة التركية كتب سيرته الشهيرة "حياتي" وفي حديقته أنجز "تاريخ الثورة الروسية" الذي يقع في أكثر من 1000 صفحة الى جانب أعمال أخرى. ولكن من يرغب في شراء المنزل عليه ان يتعامل مع الضغوط الشديدة التي تمارسها الحكومة المحلية وعدد من المؤرخين لتحويل الدار الى متحف. وقال اتيلا ايتاج رئيس بلدية منطقة ادالار التي تضم جزيرة بويوكاندا ان من يشتري المنزل الذي عاش فيه تروتسكي عليه ان يكون من عائلة محسنة لديها مال وفير تنفقه على رعاية الفن ليمكن ترميم المنزل وتقديمه الى محبي الثقافة.

وتقدر مصادر محلية ومكاتب عقارية ان ترميم البيت سيكلف على الأقل مليون دولار ولكن خطة أُعلنت لتطوير المنطقة اعتبرت المنزل الذي يعود تاريخ بنائه الى عام 1885 "ارضاً لاقامة مركز ثقافي عليها". ويعني هذا ان المنزل لا يمكن ان يُستخدم لأغراض خاصة. ونقلت صحيفة الغارديان عن ايتاج قوله "ان المالك اشترى البيت قبل إعداد الخطة ومن الصعب عليه الآن ان يبيع هذا البيت". ويشعر مؤرخون اتراك بالاحباط لأن مالكي البيت امضوا سنوات والكثير من المال ضد القرار القضائي الذي يمنع استخدام المبنى للأغراض الخاصة أو التجارية لكنهم في هذه الأثناء أهملوا العناية بالمبنى وتركوه يتداعي بصورة خطيرة. وقال الأكاديمي حليم بولوت اوغلو الذي اطلق "مبادرة بيت تروتسكي" مع استاذ الفلسفة سنان اوزبك انهما يريدان جمع ما يكفي من التبرعات لترميم المبنى الذي يستدرج 10 آلاف زائر على الأقل سنوياً الى الجزيرة حيث تستقبلهم بوابة مغلقة مع تحذير من الخطر المميت الذي ينتظر من يغامر بدخول المبنى الخرب. ويؤكد الناشطان ان تحويل المنزل الى متحف سيزيد عدد الزوار عشرة اضعاف. ينتمي الناشطان الى جيل أصغر من جيل تروتسكي الذي غادر الجزيرة عام 1933 ولكنهما أجريا ابحاثاً عن اقامته في الجزيرة حيث تؤكد دراساتهما انه عاش معتكفاً. ويقول الأكاديميان ان أقرب الأشخاص الى تروتسكي، الى جانب زوجته ناتاليا ونجله الأصغر، كان سكرتيره الفرنسي وطباخه اليوناني الذي كان يصطاد السمك بنفسه لطهيه. وقال البروفيسور اوزبك ان تروتسكي كان يذهب مع صديقه الصياد الى البحر في ساعة الفجر لرؤية شروق الشمس. واضاف ان العاطفة غلبت تروتسكي حين غادر جزيرة بويوكاندا.