الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
"قَلَماتْ" تجاور الذهب ولا تعرف غير "الحريج والغريج"
الأربعاء 04-11-2015
 
المدى

أكثـر من نصف قرن مر وأهالي قرية "القلمات" شرقي واسط، يعانون "الحريج والغريج" وانعدام الخدمات. وجاءت السيول الأخيرة التي قدمت من إيران، لتفاقم معاناتهم، وتذكرهم بإهمال الحكومات المتعاقبة، التي دأبت على التعكز باعذار مختلفة آخرها عدم توفر الأموال، رغم أن المنطقة محاطة بالحقول النفطية (الذهب الأسود) من جهة، والمنفذ الحدودي أو (الذهب الأحمر) كما يطلق عليهما الأهالي. سكان القرية الذين يزيد عددهم عن ألف نسمة، اعتادوا هم أيضاً على هذه التسمية، فقريتهم التي يعود تاريخ أول منزل فيها إلى عام 1955، لم تجن من الحكومات المتعاقبة، غير الحرائق والغرق، كما أنها ما تزال في قبضة الاقطاع برغم سقوطه منذ العهد الملكي.وتقع الطريق إلى القرية بين منفذ زرباطية، وحقول نفط بدرة، ولا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الحدود الإيرانية، حيث تزدحم المئات من الشاحنات التي تنقل مختلف البضائع من المنفذ الحدودي أو تلك التي تحمل النفط لضخه إلى الأسواق العالمية، بينما تعاني "قلمات" ذات البيوت المشيدة من البلوك والطين، الحرمان من مياه الشرب والشوارع النظامية والدوائر الخدمية، باستثناء مدرسة ابتدائية.

ضحية الحرائق والغرق

يقول الحاج حسون ألماني،(77 سنة)، وهو من كبار وجهاء القرية، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الأهالي اعتادوا على المعاناة بسبب الإهمال الذي طالهم منذ أن أراد لها القدر أن تكون في هذا المكان عام 1955، حيث شيّد أول منزل فيها"، مشيراً إلى أن "خطر السيول يداهم القرية كل شتاء، كما لم تسلم بساتينها خلال السنوات الأربع الأخيرة، من ظاهرة الحرائق التي ما يزال الفاعل فيها مجهولاً برغم تكرارها".ويضيف ألماني أن "الأهالي اعتادوا على القول لو حريج (حريق) لو غريج (غريق)، للدلالة على حالهم ومعاناتهم"، ويبيّن أن "أشد ما يؤلم أهالي القرية هو أن الحرائق والغرق تأتي غفلة وتسبب خسائر فادحة"، ويدلل على ذلك بـ"الحرائق التي طالت بساتين القرية في السنوات الأخيرة وقضت على غالبية أشجار النخيل الفاكهة فيها".ويوضح الوجيه القروي أن "السيول لا تقل خطراً على القرية حين تداهمها كل شتاء"، ويلفت إلى أن "خطرها يتفاقم عندما تداهم القرية ليلاً مقارنة بالنهار الذي قد يتيح للأهالي تدبر أمورهم".

مات القلم وعاشت القرية!

حسون ألماني ، الذي يتحدث بحرقة شديدة وهو يلعن كل الحكومات التي تعاقبت على البلد، كونها "أهملت المناطق الحدودية التي تدر ذهباً" ومنها قرية "قلمات" يفسر معنى اسم القرية الذي يكتنفه الغموض، قائلاً: مع "مطلع الخمسينات من القرن الماضي، نزلت بعض الأسر في هذا المكان وكان أحد الاشخاص يعرف أن الأرض خصبة ومناسبة لزراعة أشجار الفاكهة، فقام بغرس قلم من شجرة رمان جاء به من مكان آخر، وراهن على أنه سينمو سريعاً، لكنّ القلم مات لسوء حظه، ليشاع الخبر ويتناقل الناس عبارة القلم مات، القلم مات، حتى بات ذلك سمة ظلت ملازمة للقرية مع بعض التحوير إلى القلمات".

الإقطاع يعود في زمن الديمقراطية

ولعل "الحريج والغريج" ليسا وحدهما المشكلة التي تواجه سكان القرية، فهناك ما هو أكبر منهما، بحسب ما يري الأهالي وهم يتفجرون "ألماً وغضباً" ومنهم أبو ساجت.يقول أبو ساجت، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الأرض التي أقيمت عليها القرية منذ أكثر من نصف قرن، وما تزال ملكاً لأحد الاقطاعيين الكبار الذي يسكن في بغداد حالياً ويتحكم بمصائر أهاليها وأرزاقهم من بعيد".

ويوضح الشيخ القروي أن "مالك الأرض يطلب من الأهالي من حين لآخر مبالغ مالية عن أجورها بمعدل خمسة آلاف دينار عن المتر المربع الواحد للسكن، وعشرة آلاف عن المتر الواحد بالنسبة للحدائق والبساتين، ويهدد من لا يدفع بمقاضاته وطرده من منزله وأرضه".ويتساءل أبو ساجت "كيف للإقطاع أن يعود ونحن في بلد تحكمه الديمقراطية والأنظمة والقوانين، لاسيما أن المالك يدعي بأن أكثر من ثلاثة آلاف دونم في المنطقة ذاتها، تصل إلى الحدود الإيرانية، هي ملك صرف (طابو) له".

نقمة السد الغاطس

على صعيد متصل يقول عدنان عيدان، وهو من سكان قرية قلمات، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الخطر الحقيقي للسيول تزايد مع وجود السد الغاطس الذي يقع إلى الشمال الشرقي من القرية بنحو ألفي متر، والذي أقامته وزارة الموارد المائية، لخزن مياه السيول القادمة من الأراضي الإيرانية للاستفادة منها صيفاً".

ويذكر عيدان أن "السد وضمن تصاميمه يصنف ضمن السدود الصغيرة وبلغت كلفة تنفيذه عشرة مليارات دينار، لكنه يمتلئ سريعاً وتطفح المياه من جانبيه فيذهب قسم منها إلى نهر الكلال، والآخر في الجهة البعيدة عن النهر يأتي إلى القرية فيجتاحها وهو ما يحصل سنوياً منذ إقامته وحتى الآن".

ذهب أسود وآخر أحمر والمعاناة مستمرة

من جانبه يقول حسين علي، وهو أحد سكان قرية قلمات، في حديث إلى (المدى برس)، إن "موقع القرية جعلها محاطة بالثروات الطبيعية، لكنها لم تستفد سواء من الذهب الأسود أم الأحمر، فظلت مهملة تعاني الحرمان وتعيش مع الوعود والأحلام، وقدمت ما قدمت من مالها ورجالها للعراق، لاسيما أن الكثير من أبنائها يقاتلون في صفوف القوات الأمنية والحشد الشعبي".

ويضيف علي، الذي مضى عليه أكثر من عام مقاتلاً في محافظة الأنبار ضد (داعش)، ويتمتع بإجازته الاعتيادية، أن "القرية التي تحدها من الجنوب امتدادات حقول النفط، أو كما يعرف بالذهب الاسود، والمنفذ الحدودي الذي يدر أموالاً هائلة يسميها الأهالي الذهب الأحمر، لم تجن من كل الحكومات المتعاقبة، غير الوعود، سواء بتمليك الأراضي والبساتين لساكنيها أم بإيجاد موقع بديل في مكان مرتفع يخلصها من خطر السيول، أم شمولها بخدمات البنى التحتية وغيرها".

في كل أزماتها .. الجهود لـ "قلمات" لكن؟

بالمقابل ، يقول قائممقام قضاء بدرة جعفر عبد الجبار محمد إن "الحكومة المحلية في القضاء لم تبخل بجهدها على قرية قلمات، ففي كل الازمات التي تمر بها سواء كانت حرائق البساتين أم تدفق السيول تتواجد فيها وتسخر إمكانياتها للسيطرة على المشكلة الموجودة وآخرها السيول حيث وجهات عدة آليات لعمل فتحات لتمرير السيول خارج القرية وإحاطة جزء منها بالسواتر وقد تمكنا في غضون 24 ساعة من السيطرة على تلك السيول برغم الاضرار التي أصابت القرية".

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
اللجنة الثقافية في الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا تضيّف الدكتور سلام يوسف في (قراءات في ملحمة كلكامش)
نصف عام و كرسي رئيس البرلمان خالٍ.. من سيظفر بـ المطرقة ؟
بايدن يوجّه أقوى رسالة إلى إسرائيل
صحيفة إسرائيلية تصف تأخير شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل بـ"الضربة" وتؤكد: القادمة أكثر إيلاماً
الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن
خلال يوم.. 7 مجازر إسرائيلية توقع أكثر من 250 ضحية في غزة
"بحر تحت التلال".. غاز المنصورية ينتظر الاستخراج وجهات داخلية وخارجية تعرقل
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة