الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
الرمادي "حرّرت".. وأهاليها لن يعودوا الآن!
الجمعة 08-01-2016
 
عبد الاله مجيد

رغم عودة مدينة الرمادي إلى الدولة العراقية بعد تحريرها من داعش، إلا أن معظم مبانيها لم تعد صالحة للسكن، كما إن تدمير بناها التحتية باعد المسافات بين أحياء متجاورة، إلا أن أهاليها المهجرين يتشبثون بالعودة متى سمحت أدنى الظروف الاجتماعية وعاد العمران.

كانت استعادة السيطرة على مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، ضربة موجعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بإجماع المحللين والخبراء العسكريين.  

لكن الدمار الواسع، الذي لحق بالمدينة، يأتي شاهدًا على الأثمان الباهظة لطرد جماعة "جهادية" تتغلل في نسيج المجتمع الذي يقع تحت سيطرتها باحتلال البيوت وحفر الأنفاق وزرع العبوات الناسفة في كل ركن ومبنى.

شبه انقراض

كانت آثار الحرب ظاهرة في كل مكان من مدينة الرمادي، حتى إن قائدًا عسكريًا في جهاز مكافحة الإرهاب حين سُئل متى يعود الأهالي إلى بيوتهم أجاب: "أي بيوت؟، ليست هناك بيوت".

للأسف لم يترك داعش شيئًا على حاله، فشوارع المدينة مُحيت أو إختفت تحت أنقاض المباني المدمرة أو سُدت بخنادق استُخدمت في القتال. وللوصول إلى مركز قيادة العمليات في جنوب غرب المدينة، تعيّن على وحدة من القوات العراقية أن تمر عبر طريق ترابي مليء بالحفر، يخترق أحياء سكنية انهارت بيوتها، وخُرمت واجهات متاجرها بالرصاص والشظايا، وانتشرت في أزقتها حفر الماء الآسن.

وأُعلنت مناطق عديدة مناطق محظورة، لأن عملية تفتيشها وتطهيرها من العبوات والمفخخات التي تركها "الجهاديون" ما زالت مستمرة فيها. ولم يبق من سكان الرمادي، الذين كان عددهم يبلغ 400 ألف، إلا قلة من المدنيين يعيشون في مدينة بلا كهرباء ولا ماء. ويتعيّن نقل الوقود والماء في صهاريج تسبب اختناقات مرورية بينها وبين الآليات العسكرية على الطريق إلى المدينة.

قطع أوصال

كما دمّر "الجهاديون" جسور المدينة التي تربط بين أحيائها، بحيث إن ما كان يستغرق دقائق بالسيارة بين حي وآخر أصبح يتطلب الآن رحلة طويلة على الطريق الممتد جنوب المدينة للوصول إلى الجسر العائم الذي أُقيم بصورة مؤقتة.  

ويمر الطريق بجامعة الأنبار، التي تشوّهت واجهات أبنيتها بآثار الرصاص، ويؤدي إلى المجمع الحكومي، الذي ما زال مهجورًا، إلا من جنود عراقيين لا يتحركون كثيرًا، لأن مقاتلي داعش ما زالوا يقصفونه بمدافع الهاون.

تعطي جولة في أحياء المدينة فكرة عن الأساليب التي استخدمها "الجهاديون" في القتال. إذ إنهم حفروا أنفاقًا تحت الشوارع، وشقوا ممرات بين البيوت مزروعة بالفخاخ أو مموهة بألواح الخشب، لإخفاء تحركاتهم من طائرات الاستطلاع بدون طيار.

العبوات والانتحاريون

وقال قائد القوات العراقية الفريق عبد الغني الأسدي، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، إن داعش اعتمد اعتمادًا كبيرًا على العبوات، التي زرعها في الطرق والمباني لأغراض الدفاع، وعلى الانتحاريين لأغراض الهجوم.  

أضاف الأسدي إن مئات "الجهاديين" قُتلوا، وإن عددًا قليلًا منهم وقعوا في الأسر، موضحًا أنهم "لا يستسلمون، بل يفجّرون أنفسهم".

وأكد مسؤولون عراقيون وفي قوات التحالف أن داعش يتحمّل مسؤولية الدمار الشامل الذي أصاب مدينة الرمادي بتلغيمه الطرق وتفجيره بيوت كل من كان يعمل في دائرة رسمية.  

وقال الفريق الأسدي إن "الجهاديين" فجّروا الطبقة الأرضية لمستشفى الرمادي الرئيس، أكبر مستشفيات المحافظة، حين تقدمت القوى الأمنية، وإن أضرارًا كبيرة لحقت بالمبنى.

دور المؤازرة الجوية

يبدو أن الاعتماد على الإسناد الجوي أيضًا كان له دوره في التدمير. وقال الفريق الأسدي إن قوات جهاز مكافحة الإرهاب، التي يقودها، كانت لا تتقدم إلا بعد أن يمهّد القصف الجوي طريقها. ونفذت طائرات التحالف أكثر من 630 ضربة جوية في المنطقة منذ تموز/يوليو.

ويخشى أهل الرمادي ألا تتوافر الأموال المطلوبة لإعادة بناء مدينتهم المدمّرة نظرًا إلى جسامة المهمة والآثار الكارثية لهبوط أسعار النفط على الخزينة العراقية.  

وتعهد الحلفاء بتقديم 50 مليون دولار إلى صندوق تديره الأمم المتحدة لإعادة الإعمار في العراق، لكن رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت قال لصحيفة نيويورك تايمز إن إعادة بناء الرمادي تحتاج 12 مليار دولار. وحذر كرحوت قائلًا إن "الرمادي مدينة أشباح، وإذا لم تكن هناك جهود دولية جادة، لن يُعاد بناؤها".  

تهجير عائلي

وقالت خالدة علي (56 عامًا)، التي بقيت في المدينة مع أطفالها التسعة حين سيطر داعش عليها في أيار/مايو الماضي، إنها كانت لا تخرج من البيت إلا عند الضرورة، وذات مرة تعرّض لها "جهاديون" يرتدون ملابس أفغانية في السوق، لأنها لم تكن منقبة.لاحقًا اعتقل "الجهاديون" زوجها، وذبحوا شقيقه، الذي كان ضابط شرطة في الشارع. والآن تعيش خالدة مع أطفالها في مخيم في شرق الرمادي بعدما فقدت كل شيء.

وأكدت خالدة أن "الجهاديين" منعوا المدنيين من مغادرة المدينة لاستخدامهم دروعًا بشرية تثني الطائرات الحربية عن قصفهم. ولكن حين دخلت القوات العراقية إلى المدينة انضمت عائلتها إلى مجموعة هربت باتجاه خطوط الجبهة. وانفجرت بهم مفخخة أثناء هروبهم، وأسفرت العملية عن مقتل زوجة ابنها وطفلهما الرضيع.

وشددت خالدة على إصرارها على العودة، حتى إذا كان بيتها أنقاضًا. وقالت إن المدينة هي "المكان الذي ولدنا فيه، ولا يمكن أن نغادر الرمادي".

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
اللجنة الثقافية في الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا تضيّف الدكتور سلام يوسف في (قراءات في ملحمة كلكامش)
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة