كربلاء تولد من جديد بشاباتها وشبابها، بجيلها الصاعد المتمرد على المألوف الذي علا صوته فوق "أصوات النشاز"، محطمة التوابيت التي خطها لهم من أراد أن ينشئ جيلا انهزاميا وتبعيا، شبيبة أبت الا ان تقول" لا للموت نعم للحياة" كسرت القيود في مدينة فيها الخطوط الحمر تعدت كل الأعراف، واصبح أهلها مقيدون بإملاءات من لهم الحل والعقد.
ها هي اليوم رابطة اوروك الثقافية ذات العامين، وليدة كربلاء تقيم الأفراح ويعلو صوت الحياة لتنهض شبيبتها لتعلن لا للقيود، نعم لحرية الرأي، نعم لحرية التعبير، نعم لحرية التظاهر، لا للفساد، لا للحروب، لا لاستغلال الانسان، فبحضور حاشد اكتظت به قاعة قصر الثقافة والفنون وسط المدينة، انطلق مهرجانها الثقافي تحت شعار: خلف أسوار الوطن، افتتح المهرجان بمعرض للرسوم الكاريكاتيرية للفنان الكاريكاتيري سلمان عبد، فضلا عن معرض للكتاب وقال سلمان عبد في حديث لـ" طريق الشعب" ان لوحاته شخصت المعاناة اليومية للمواطن في ظل بلد وضعه الاقتصادي سيئ يصاحبه وضع سياسي متدهور حسب قوله.
وأطلق عريف الحفل أديب كامل المسعودي ايذانا ببدء الحفل اذ قال: عهدا شتائيا يتميز ببرودته ودفئه الانساني الذي يملأ قلوبنا جميعا هادرا مدويا يعلن بدء فصل من فصول المعرفة والجمال الذي تصنعه اوروك بأبطالها الاسطوريين الذين يرومون صناعة حياة يملؤها الصدق والبناء والصمود نحو افق جميل مليء بالأمل، بعدها أنشدت فرقة اوروك للوطن وللحياة وللسلام، تلاها عزف منفرد للعازف محمد جمال، اذ تم عزف مقطوعة كلاسيكية قوبلت بالتصفيق مطولا لبراعته، ومن ثم اعتلى المسرح عازفا العود منتظر المعمار وامجد كاظم ليأخذا الحضور في رحلة ممتعة مع موسيقاهما الساحرة، وقد عرض اثناء الحفل فيلم قصير حمل معان انسانية عديدة.
ثم جاءت فقرة الشعر حيث صدحت حناجر الشعراء راصدة معاناة اجيال عانت واختبرت الويلات على اثر السياسات الخاطئة للنظم الحاكمة في العراق فكان على الموعد الشاعر حسنين الانصاري والشاعر علي النواب وغيرهم.
وكان للمبدعين والقامات الادبية في كربلاء حصة فقد تم تكريمهم بشهادات تقديرية لجهودهم المبذولة اثناء الحفل، فقد تم تكريم الروائي والناقد جاسم عاصي بشهادة تقديرية في المناسبة كما تم تكريم الروائي والكاتب الصحفي احمد الجنديل وشيخ المكاريد كما يحب ان يطلق عليه الرسام الكاريكاتيري سلمان عبد ورئيس اتحاد الادباء والكتاب العراقيين فرع كربلاء الاديب والشاعر الدكتور عمار المسعودي والشاعر الشعبي نوفل الصافي وممثل الامم المتحدة في كربلاء الدكتور علي عبد الحسين كمونة.
وفي الختام تم عرض مسرحية لفرقة اوروك بعنوان مسرحية لكل الفصول، اذ اعتمدت على حركة الجسد لإيصال فكرة النص فيما لامس نص المسرحية شتى المواضيع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والانسانية معتمدة على ايماءات الممثلين برقصة متسارعة عكست الاوضاع في حركات عكست المشكلة البنيوية التي تعانيها البشرية منذ الازل، وقال مؤلف ومخرج العمل ازهر جليل سعيد في حديث لـ" طريق الشعب" ان مسرحية لكل الفصول هي رقصة وجودية تكلمت عن فصول السنة الاربع مقاربة للشخوص الحية التي تعاني الاضطهاد من خلال تجسيد الواقع الحي في رقصة وجودية واوضح سعيد انه حاول ان يسلط الضوء على طبقات المجتمع وكيفية استغلال قضية الشهيد لصالح السياسي والغني، وكيف يعزف بوتر الطبقات الكادحة، فضلا عن رجال الدين بشتى توجهاتهم الذين بفتواهم قد يتم في بعض الاحيان اذكاء الحروب وغيرها، واشار جليل ان دور المرأة في المسرحية يعد من اكبر الادوار لكونها واهبة الحياة ومن دونها تتعطل عجلة البناء والتقدم والرخاء.
وعند اسدال الستار على العرض المسرحي والمهرجان بشكل عام وقف الجمهور طويلا مصفقين بحرارة لهم وسط صيحات احترام وتقدير للمجهود الكبير الذي اخرج احتفالا كهذا في زمن فيه الممنوع هو السائد.
انطلاق فعاليات مهرجان أوروك الثقافي في كربلاء
