باتت الفلوجة "معزولة" تماماً، بعد أن قطعت القوات الأمنية الاتصالات عن المدينة منذ ليلة الأحد. واقتربت القوات بمسافة قريبة من المدينة، الخاضعة لسيطرة داعش منذ عامين، بعد تحرير أطرافها.
ومنذ يومين تتعرض أهداف داخل المدينة الى قصف مركز بالتزامن مع مشاركة الطيران العراقي والدولي في ضرب اهداف منتخبة داخل الفلوجة.
وأحاطت تشكيلات عسكرية متعددة، فجر امس، المدينة من أربعة محاور، فيما بدا داعش، بحسب مسؤولين محليين، مرتبكا ويطلب الدعم من السكان عبر نداءات متواصلة في جوامع الفلوجة من دون إجابة.
طاولة "القائد العام"
وبعد منتصف ليلة الأحد، نشر رئيس الوزراء حيدر العبادي تغريدة على "تويتر"، اعلن فيها "ساعة الصفر" لاقتحام الفلوجة. وأذاع التلفزيون الرسمي فجر الإثنين بيانا للعبادي يعلن فيه انطلاق عملية تحرير الفلوجة. وظهر "القائد العام" بعد ذلك بساعات في مقر قيادة العمليات المشتركة مرتديا البزة السوداء لقوات مكافحة الارهاب.
وعرضت صفحة رئيس الوزراء على "فيسبوك"، امس، صورا لاجتماع مزدحم عقده العبادي مع القيادات العسكرية والحشد الشعبي في مقر عمليات الفلوجة. وانتقدت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ونواب عن الانبار مشاركة بعض فصائل الحشد بالمعارك هناك.
كما أثار تداول صور لآليات عسكرية، قيل انها تابعة لإحدى الفصائل الشيعية تقوم بقصف الفلوجة، ألصقت عليها صور رجل الدين السعودي نمر النمر، الذي أُعدم مطلع العام الحالي، استياء بعض المدونين.
وأطلق الحشد الشعبي، الذي يتواجد 15 فصيلا من فصائله في محورين حول الفلوجة، اسم "معركة 15 شعبان" على عملية التحرير. فيما تعتمد الحكومة اسم "معركة كسر الإرهاب".
ويقول سعدون الشعلان، قائممقام الفلوجة، ان "الاتفاق مع الحكومة والعشائر في الفلوجة، بأنّ "الحشد الشعبي" لايدخل المدينة وانما يقوم بتطويقها فقط.
وكان زعيم منظمة بدر هادي العامري قد قال، قبل ايام، كلاما مشابها لذلك، لكن قيادات في الحشد الشعبي تركت الامر لـ"ظروف المعركة".
المياه تُفجّر العبوات!
وأعلن الحشد الشعبي، امس، انه لجأ الى "تكتيك" جديد في معركة الفلوجة، عندما تمكن من تفجير العبوات المحيطة بأطراف المدينة، بعد ان غمرها بـ"مياه دجلة"، بعد ان قام بتغيير مسار النهر.
ونشرت مواقع تابعة للحشد، تصوير لمراحل تنفيذ الخطة، وشق طريق لدجلة الى مناطق قريبة من الفلوجة.
ويقول قائممقام الفلوجة، في اتصال هاتفي مع (المدى)، ان "الحشد الشعبي متواجد في المحور الجنوبي مع الفرقة الذهبية، بالاضافة الى المحور الشمالي في الصقلاوية مع الفرقة الاولى- التدخل السريع، التابعة للجيش العراقي".
بالمقابل تحاصر قطعات اخرى من الجيش، عبر المحور الشرقي، وحشد عشائر الفلوجة وافواج شرطة الانبار من الجنوب باقي اطراف المدينة. كما يؤكد شعلان الشعلان أن "العمليات العسكرية سريعة، ووصلت الى مسافة اقل من كيلومتر واحد".
ويتجاوز عدد مقاتلي العشائر المشاركين في عملية تحرير الفلوجة، عدة آلاف اغلبهم من عشائر البو عيسى، المحامدة، وجميلة. فيما لاتوجد انباء عن مشاركة لواء "درع الفلوجة" في العمليات.
يشار الى ان "درع الفلوجة" هو لواء عسكري مكون من ابناء الفلوجة، خرّج حتى الآن فوجين من اصل 5 أفواج، لكنه يواجه مشاكل في إلحاقه رسميا بهيئة الحشد الشعبي.
الاقتراب من المداخل
في غضون ذلك: تسربت انباء، غير مؤكدة، عن قيام "الفرقة الذهبية"، بتنفيذ 3 إنزالات جوية في مناطق متعددة بالفلوجة.
وبحسب الشعلان فانه "لايمكن تأكيد الخبر، كما ان هناك انباء اخرى تشير الى دخول القوات العراقية الحي الصناعي، الواقع جنوب المدينة، والجسر القديم، القريب من وسط الفلوجة".
وأكد وزير الدفاع خالد العبيدي، امس، أن "داعش منهار في مدينة الفلوجة، ولا حاجة للقيام بعمليات إنزال جوي".
وفي تطور لاحق اعلنت، قيادة عمليات تحرير الفلوجة عن وصول القطعات الأمنية الى المدخل الشرقي للمدينة، بعد ان تمكنت من الوصول الى "جسر الموظفين".
وحررت القوات، قبل التقدم الى الجسر، بناية المستشفى الأردني على الطريق القديم الرابط بين الفلوجة ومدينة الكرمة ورفع العلم العراقي فوق بناية المستشفى. وكشفت قيادة العمليات، في بيانات صحفية، عن وصول القوات الى جسر السجر شمال الفلوجة، وتحرير طريق 10كم بين الجسر والكرمة.
وكانت القوات المشتركة، قد حررت قبل ذلك، منطقة النعيمية جنوب الفلوجة، ووصلت الى جسر التفاحة. كما تم تحرير منطقة الشهابي، وسط الكرمة.
إلى ذلك أكد مسؤولون في الانبار عن مشاركة طائرات التحالف الدولي، والعراقية في ضرب اهداف "دقيقة" داخل الفلوجة. وقال شهود عيان ان مروحيات امريكية (الاباتشي) قامت في معالجة "القناصين" والسيارات المفخخة.
الاتصالات وأوضاع السكّان
وبدأت الاتصالات، منذ ليلة أول من أمس، تصبح صعبة جدا مع الفلوجة، بعد ان قطعت الحكومة العراقية كل انواع الاتصال في داخل المدينة.
ويقول عبدالرحمن الزوبعي، رئيس مجلس عشائر الفلوجة، ان بعض المصادر من داخل الفلوجة، اكدت له ان داعش صار مرتبكا ويطلب المساعدة من السكان.
واضاف الزوبعي، في تصريح لـ(المدى)، ان "التنظيم المتطرف بدأ بإطلاق نداءات الاستعانة وتحشيد الجمهور لدعمه عبر مكبرات الصوت في الجوامع، لكن لم يستجب له احد".
وبات داعش محاصرا بشكل كامل في الفلوجة، بعد ان طوقت المدينة بشكل تام، فيما لايوجد امامهم غير منفذ وحيد عبر جزيرة الخالدية. لكن الزوبعي يقول ان "جزيرة الخالدية مطوقة ايضا، وقد لايتمكن المسلحون من الهروب".
إنسانياً، فتحت الحكومة المحلية في الانبار، ثلاثة منافذ لخروج المدنيين من الفلوجة عبر مناطق الحلابسة في الجنوب، والصقلاوية شمالا، ومنفذ شرقي الى بغداد.
ويقول عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الانبار، في اتصال مع (المدى)، ان "المجلس قد هيأ مخيمات في مناطق الحبانية، العامرية، والخالدية، لاستقبال النازحين من الفلوجة".
ويوجد في الفلوجة نحو 100 ألف نمسة، يتوقع ان يتحول نصف ذلك العدد على الاقل الى مخيمات النازحين. وطالبت لجنة الهجرة والمهجرين النيابية، امس، من اسمتهم بـ"المسؤولين عن حماية أمن المواطن"، التوجه فورا نحو نازحي الفلوجة لتهيئة كافة المستلزمات لاحتوائهم وعدم تكرار ماحدث لنازحي المحافظات الاخرى.