الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
تاريخ مدينة سوق الشيوخ
الخميس 09-06-2016
 
عبد القادر احمد العيداني

من إصدارات "نادي الكتاب" في كربلاء صدرت للدكتور عبد الحميد الفرج , هذه الصفحات عن تاريخ مدينة سوق الشيوخ. حيث اهدى كتابه الى والده الذي احسن تربيته لخدمة الشعب والوطن ودفع جراءها سبع سنوات عجاف من عمره في سجون العهد الملكي، وهي اصعب أيام العمر بالنسبة لفتى صغير في ذلك الوقت، وهو يضع قدمه على سكة النضال البطولي من اجل تحرر الشعب العراقي والقضاء على زمرة العملاء المرتبطين بأسيادهم المستعمرين.

الدكتور عبد الحميد الفرج رجل غني عن التعريف, كانت لي زيارة له في محافظة كربلاء أواسط أيلول (2015) في حي العامل، حيث لفتت انتباهي اليافطة المعلقة على واجهة عيادته والتي تعلن عن معالجة المرضى من أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي وذوي الاحتياجات الخاصة والايتام والعوائل المتعففة مجاناً. وليس ذلك فقط فهو في اغلب الأحيان يصرف مبلغ الدواء من جيبه الخاص. وقد اعلمني احد الرفاق في كربلاء أن د. عبد الحميد يحمل أدوات الفحص الطبية معه الى مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في كربلاء صباح كل جمعة لفحص ومعالجة الرفاق وعوائلهم ومتابعة حالاتهم الصحية.

ولد عبد الحميد الفرج سنة 1927 في قضاء سوق الشيوخ , تم اعتقاله عام 1948 والتقى الرفيق الخالد (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي في سجن الكوت وتنقل بين سجون الكوت ونقرة السلمان وبعقوبة واطلق سراحه عام 1954 وتقدم إلى امتحانات الإعدادية كطالب خارجي في سوق الشيوخ. كانت نتيجته النجاح في الدراسة الإعدادية , بعدها غادر الى تركيا واكمل دراسته الطب عام 1962.

انتخب عضواً في مجلس محافظة كربلاء في دورته الأولى عقب سقوط الطاغية صدام ونظامه، ممثلاً عن الحزب الشيوعي. وفي المجلس كان عنصراً فاعلاً في الدفاع عن مطالب وحقوق الناس، كما كان له العديد من الدراسات والنشاطات في العديد من المجلات والصحف العراقية.

عن سوق الشيوخ يتحدث باعتبارها مدينة الطفولة والصبا، حيث تربى وترعرع في كنف عائلة متنورة مجبولة على حب الخير والطيبة وهو ما تتسم بها عوائل سوق الشيوخ في تلك الفترة الزمنية. وكذلك تلك المدن والاقضية الجنوبية الغافية على نهر الفرات حيث شريعة النهر التي تربطها بالعالم الخارجي من خلال السفن والزوارق والماطورات النهرية، وهي مكان لشراء وبيع المنتجات الحيوانية والنباتية والسمكية صباح كل يوم، وخاصة الارتباط بمحافظة الناصرية , وهو يستعرض اهم مفاصل الحياة اليومية في مدينة سوق الشيوخ ابان ثلاثينيات و اربعينيات القرن الماضي، وكذلك يتحدث عن المطبخ في المدينة واشهر الاكلات، وعن المهن والحرف اليدوية، والكثير من النشاطات الأدبية والسياسية لأدباء ومثقفي مدينة سوق الشيوخ.

بعد ذلك يتحدث عن بواكير وعيه السياسي خلال وبعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945) والتي انتهت بانتصار الحلفاء على المحور النازي الذي كانت تقوده المانيا. وكان انتصار الجيش الأحمر السوفييتي حافزاً ومنطلقاً للتبشير بالافكار الشيوعية من خلال الشعور بالوعي الوطني الذي استقبلته شريحة الشباب وخاصة في المجال الطلابي والجماهيري. وأول نشاطات عبد الحميد الفرج انه كان ضمن وفد أهالي الناصرية الذي توجه الى مقر الحكومة في القشلة ببغداد للمطالبة بتوفير القوت للشعب.

تم اعتقاله في 29 نيسان 1948 من قبل الشرطة المحلية عند اقتحامها القسم الداخلي للطلبة في الناصرية مع مجموعة من الطلبة المناضلين من اجل حرية واستقلال الشعب العراقي.

وتم الحكم عليه من قبل المجلس العرفي العسكري في الناصرية بالسجن مدة أربعة سنوات وتم ارساله مع مجموعة من المحكومين السياسيين الى سجن الموصل، ثم الى سجن الكوت وكان في استقبالهم ممثل السجناء الشهيد زكي محمد بسيم عضو المكتب السياسي للحزب.

وبعد ان تم توزيع السجناء على الردهات انتمى عبد الحميد الفرج الى دورة الاقتصاد السياسي باشراف الرفيق الشهيد محمد حسين أبو العيس. والتقى في سجن الكوت بقادة الحزب الشيوعي العراقي يتقدمهم فهد وحازم وصارم والكثير من كوادر الحزب, وتم بعد ذلك الحكم عليه مدة سنة تنفذ بالتعاقب بسبب الرسائل التي كان يتبادلها مع اصدقائه خارج السجن. وقد أنبه الرفيق فهد على هذا التصرف.

يتحدث بشكل مسهب عن الرفيق فهد، عن صفاته واخلاقه وعمله الحثيث من اجل تنظيم الحياة السجنية، حتى أصبحت تعليماته يتبعها كافة السجناء في الكثير من السجون، وعلى مدى العهد الملكي والجمهوري ايضاً. وقد التقى الدكتور عبد الحميد الفرج بالكثير من السجناء الشيوعيين ويقول ان الرفيق (فهد) كان دائم الحضور في المناسبات التي تنظمها وترعاها اللجنة التنظيمية للسجن في المناسبات والاعياد الوطنية، وكان يجيد اللغة الإنكليزية بطلاقة وكانت آراؤه صائبة في الرد على تساؤلات واستفسارات السجناء من خلال مؤهلاته القيادية وثقافته الواسعة. ويتطرق الى اللحظات الحرجة عند استدعاء الرفاق فهد وحازم وصارم لتنفيذ حكم الإعدام بهم، حيث اقترح بعض السجناء اعلان العصيان وعدم تسليمهم للسلطات المجرمة. الا ان الرفيق فهد صارحهم بان عدم التسليم يجعل من السجن بحراً من الدماء. فودعهم مع رفاقه بالهتاف بالنصر للشعب والحزب على المجرمين الطغاة.

وعندما ضاق السجن بعد وثبة 1948 ومع بروز الإضرابات العمالية والانتفاضات الفلاحية تم نقل د. عبد الحميد مع مجموعة من السجناء الى سجن نقرة السلمان , حيث استقبلهم المجرم عبد الجبار أيوب مدير السجن آنذاك بالتعذيب الوحشي. وكانت حصة الرفيق عبد الحميد شقاً كبيراً في فروة الرأس وتخسفاً في الجمجمة من الأعلى، لا زالت اثاره باقية الى اليوم.

ومن المفارقات المضحكة انه تم تقديمه مرة ثالثة الى المجلس العرفي العسكري بتهمة قراءة الأناشيد الوطنية ومقاومة سلطة السجن, وصدر عليه الحكم لمدة سنتين اضافيتين لأحكامه السابقة وتنفذ بالتعاقب. ويتطرق بشكل مفصل الى الحياة السجنية في نقرة السلمان حيث اقتدت المنظمة بتوجيهات الرفيق الخالد (فهد). وبسبب النضالات الجماهيرية وتظاهرات عوائل السجناء مطالبين بنقل ابنائهم الى سجون قريبة من المدن لتسهيل مواجهتهم فقد تم نقله الى سجن بعقوبة بعد ان قضى أربع سنوات في نقرة السلمان. ويتحدث السجين عن سجن بعقوبة وعلاقة السجناء الحميمية بينهم ضد سلطة السجن بشكل مفصل. ويشير الى انه تم اطلاق سراحه يوم 16/12/1954 بعد ان قضى سبع سنين عجاف في سجون الطغاة ابان العهد الملكي.

يقول الرفيق الفرج: خرجت من السجن ولم اكن شيوعياُ بالمعنى الرسمي المتعارف عليه، اذ لم احصل على بطاقة العضوية في الحزب ولم ادفع الاشتراك المقرر. كما لم التحق بأية خلية تنظيمية في السجن. لكنه يقول مضيفاً: توسعت ثقافتي السياسية وانظممت الى معسكر الفقراء وتشربت بالافكار الديمقراطية اليسارية. ويذكر كيف استقبله أهالي سوق الشيوخ حين اطلق سراحه.

وعند اجتيازه الامتحانات العامة للاعدادية ونجاحه ذهب الى تركيا بالتحديد الى إسطنبول حيث عاش حياته الاكاديمية في كلية الطب. وعندما انفجرت ثورة 14تموز 1958 كان لا يزال طالباً في كلية الطب بأسطنبول وبقي هناك الى ان انهى تخرجه في يوم 3/9/1962.

الى هنا تنتهي هذه الرحلة في عالم الدكتور عبد الحميد الفرج. لكننا نطلب المزيد منه ونتمنى ان يتحفنا بما لديه من ذكريات بعد ذلك حتى استقراره في مدينة كربلاء وحتى هذه اللحظة. انه سفر نضالي جدير بالقراءة والاستفادة عبره.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
رصد طائرات استمطار.. هل تسبب تلقيح السحب بفيضانات الإمارات؟
الأمم المتحدة: 19 ألف طفل يتيم بغزة بعد مقتل 6 آلاف أم
واشنطن وبغداد.. مواصلة البحث بشأن إنهاء مهمة قوات التحالف
على الرغم من الدعوات الدولية إلى ضبط النفس، إسرائيل تواصل التهديد وإيران تحذّر
السوداني يلتقي بايدن في البيت الأبيض
تقرير أميركي: 5 صواريخ إيرانية أصابت قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية
التحالف الدولي أسقط 30 صاروخاً ومسيرة إيرانية في الأجواء العراقية
بعد الهجوم الإيراني.. مساع أميركية لاحتواء الرد الإسرائيلي
بينها عربية.. دول أقرت بالتصدي للهجوم الإيراني ضد "إسرائيل"
معضلة المياه مستمرة والموارد تحضر مذكرة تفاهم مع تركيا لحلها
الحرس الثوري يعلن قصف "اهداف مهمة للجيش الإسرائيلي"
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة