في مدينة الطين القديمة التي اشعلت نار مغامرة العقل الاولى، وارشدت العالم بالواح من ماء وتراب، في الجليلة التي أهدت البشرية خطوطاً أولية بسيطة لتستحيل فيما بعد الى اكثر من ألفي لغة. ذي قار الأنيقة بمناظرها والصارخة من عذاباتها، جمعت ثلاثة فنانين خرجوا من أزقتها القديمة والتمسوا أعذار حزنها وتجولوا في حوافها فرسموا، وتفحصوا اطلالها فعرضوا لوحاتهم فيها.
في حادثة غريبة على الفن العربي والعالمي، أقدم ثلاثة فنانين تشكيليين من محافظة ذي قار على اقامة معرض للوحاتهم، مقتبسين بذلك طريقة جلجامش، حيث اختاروا العراء واطلال قديمة لبيوت وهياكل اكل الزمان عليها وشرب.
واختار الفنانون "حسين الركابي وأسعد الشطري وسؤدد الرماحي"، اسم "مكسر جراديغ"، لينطلقوا بزائري المعرض برحلة سريعة الى الماضي.
وقال اسعد الشطري، لـ"عين العراق نيوز"، ان "الغاية الفنية من اقامة معرض رسم تشكيلي هي العودة الى العصور القديمة"، مشيرا الى ان "حي النصر شمالي محافظة ذي قار، يتمتع بفضاء واسع، وبالفعل فقد اضاف تفاصيل رائعة لأعمالنا الفنية".
واضاف ان "اختيارنا لمنطقة نائية تقع على اطراف المدينة، وتحديدا اطلال البيوت والهياكل القديمة، كان مقصودا ايضا لأننا احتجنا ان يتمتع الزائر بمنظر الطرق والبساتين على الطريق، بالإضافة الى ايصال رسالة مفادها بأن الفن الجيد لابد ان يسير الانسان للوصول اليه".
ولفت الى ان "الحضور كان جيدا، على الرغم من عدم استطاعة عدد من الفنانين المجيء"، مبينا ان "فنانين مخضرمين اعتبروا المعرض حركة قوية ومثيرة في مسيرة الفن العراقي منذ عقود".
واوضح الشطري، ان "اللوحات تضمنت مناظر طبيعية عن الاهوار والاكواخ والمفردات الجنوبية".