الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
جواد الأسدي يحقق حلمه في تأسيس مسرح «بابل»
الأربعاء 31-12-1969
 
يريده في بيروت فسحة ثقافية عربية وعراقية وعالمية ...
بيروت – فاطمة رضا      الحياة     
رست منصة المخرج العراقي جواد الأسدي في العاصمة اللبنانية بيروت بعد أعوام من التنقل بين مسارح العالم، منصة طالما أرادها الأسدي، محاطة بالناس، ومرتكزة داخل مجتمع ديموقراطي يتميز بتعددية ثقافية استثنائية. فها هو يستأجر صالة مسرح مارينيان في شارع الحمراء محولاً اياه «مسرح بابل».
عادت بيروت محطة اللمخرج العراقي بعدما شعر أن تأسيسها في موطنه بات مستحيلاً. فالعراق، الذي كان بحسب الأسدي «يتمتع بمناخات متعددة الألوان والأشكال»، بدأت ألوانه تخبو وتكاد «تختفي لتُختصر في لون واحد، هو إمّا لون طائفي أو لون قبلي وثأري وسلطوي».
خطوة هروب إلى الأمام، يخطوها جواد الأسدي في سبيل تتويج حياته المهنية وتحقيق الخطوة «الأهم في حياته»، بحيث يحقق حلمه بأن «يكون لدي مكان أمارس فيه جنون أفكاري، وأكون حراً في تقديم أعمال من دون رقابة وشروط ومؤسسة تضع القيود لمستقبلي الفني».اختار الاسدي، «بابل» اسماً لمسرحه في شارع الحمراء، «شارع الثقافة»، على حدّ تعبيره، لأنه «مسرح يؤسس نوعاً من الارتباط بين الإرث اللبناني الثقافي من جهة، والإرث الثقافي العراقي من جهة ثانية». ويعتبر الأسدي أن «بابل» تختصر تراكماً ثقافياً عراقياً من الأساطير البابلية مثل «جلجامش» و «أنكيدو القصـــيدة»، إلى التــنظير للجانب المدني للقوانين القديمة والأساطير. فـ «بابل»، بحسب قوله، تختصر الكثير من الإشارات، في اتجاه بناء مجتمع مدني، حضاري وانساني.يرغب الأسدي عبر اختياره بيروت، في اقتسام «الرغيف المسرحي»، مع اللبنانيين، من خلال بناء جسر الثقافة بينه وبين أناس، يعلمون ما معنى أن «يمضغوا الثقافة». ويرى أن بيروت تحفظ له سقفاً عالياً من الحرية، حيث «أستطيع أن احمي نفسي فكرياً وثقافياً وإبداعياً».لن يحمل مسرح «بابل» استثناء، من الناحية الهندسية أو التقنية للمسارح، لكنّ تميّزه سيكون من خلال هدفه الأساسي الذي يتمحور حول «إعادة تربية الممثل في طريقة جديدة وحديثة». فإلى جانب المسرح الكلاسيكي، سيتشكل محترفات تهدف إلى جذب الشباب في الدرجة الأولى: محترف مسرحي موجّه للشباب، والى جانبه محترف للرقص «لاطلاق جسد جديد ومختلف، جسد يكسر التابو، والخوف، وينجذب نحو لغة إشارية وجسدية، ونحو لغة شعرية». إضافة إلى محترف موسيقي «يتكامل مع التمثيل والرقص».مغامرة خاصة، يقودها جواد الأسدي في لبنان، متحدياً الظروف السياسية الصعبة التي يمر فيها البلد والمنطقة. مغامرة تحمل معاني خاصة في مفهوم المخرج العراقي الذي «حسم فكرة الانتماء إلى بيروت في شكل قاطع»، ويقول: «سأقدم لهذه المدينة كل ما عندي، وإذا مشت نحو الحرب أو الانكسار، سأكون فيها. وإذا نفضت عن كتفها الغبار، وتخلّصت من رائحة الموت الكريهة ومشت إلى ثقافة الحياة، سأكون مشاركاً أساسياً في هذه الثقافة. وسأعمل على رفع المدينة إلى مستوى الثقافة العالية والقادرة».يسعى الاسدي وراء النقاش الثقافي الحار، والبعيد من البرودة، مدفوعاً في نمط خاص به، ونابع من حساسيته الثقافية واللغوية، ومن علاقة خاصة مع المجتمع العربي، بكل ما يحمل من تناقضات واختلافات، «مسرحي يزهر هنا أكثر من أي مكان آخر. أنا إنسان حرّ بأفكاري وبإخراجي، وهنا المكان الأمثل الذي تدور فيه الحوارات الشيّقة». ولا يشكل إقبال الجمهور على المسرح، قلقاً عند الأسدي، فـ «جمهور المسرح هو مَن لديه فضول للتعرف الى شيء آخر»، ويؤكد أنّ كلما ازدحمت المدينة بالمسارح المختلفة، يزدهر فن الفرجة أكثر.ويعمل الأسدي على تركيز برنامج حافل لمسرحه، الذي سيتم افتتاحه في أيلول (سبتمبر) المقبل، وعلى تكريس مكان للثقافة العراقية، في محاولة للاستيعاض عن «الجنة التي خسرها، بسبب الأوضاع السياسية». ويأمل في أن يستطيع حفظ مكان الثقافة العراقية، من خلال مسرحة قصائد لكبار الشعراء العراقيين، مثل «أنشودة المطر»، «الأسلحة والأطفال» وسواهما لبدر شاكر السياب. الأعمال المسرحية التي يفكر الأسدي بتقديمها على مسرحه، لا سيما القصائد منها، ستقترن بعروض موسيقية وجسدية تبرز معانيها. ويقول: «أرغب، أيضاً في تكوين عمل عن الشاعر العراقي، مظفر النواب، على أن يكون عملاً درامياً، بالعامية العراقية، مع موسيقيين ومغنيين وممثلين عراقيين». ومن الأسماء التي ستشارك الأسدي تحقيق «ثورته الفكرية» المغنية جاهدة وهبي، والموسيقي العراقي رعد خلف صاحب فرقة «زرياب للفنون الموسيقية»، الذي سيعمل على تلحين القصائد.المكانة التي يسعى الأسدي إلى حفظها لثقافة بلده الأم، لن تحتل وحدها مسرح «بابل»، فالثقافة الأوروبية حاضرة في مخططات جواد الأسدي: «أفكر في كولتيز، الكاتب الفرنسي الذي اعتبره من أهم كتاب النص المسرحي الحديث، وبجان جنيه من خلال تقديم «الخادمتان» و «البرافنات»، وإنني أسعى إلى الانشغال به كقيمة وجمالية. وهكذا إلى المسرح العبثي من ادوارد بوند إلى بيكيت فالمسرح الروسي، واستعارة بعض العروض أو النصوص الأوروبية ذات القيمة التجريبية في منطق جديد في الكتابة». ويسعى الأسدي الى جذب فرق رقص فرنسية، وعروض ذات قيمة جسدية عالية، تؤسس ثقافة ذات سقف عالٍ». ويضيف: «هناك بعض الشباب الذين أسعى إلى صيدهم وتقديمهم من هنا من بيروت، ومنهم من يقدمون عملاً جسدياً رائعاً، وبعض المخرجين الشباب وغير الشباب وفي المسرح التونسي. وحتى المسرح الخليجي الذي يظن البعض أنه خالٍ من الطاقات، ولكن أسعى الآن من أجل التعامل مع بعض الأسماء، وان يخرجوا إلى منطقة جديدة من العمل. وهذا المسرح يرتب أيضاً علاقات مع أوروبا الشرقية، اوكرانيا أو موسكو أو هنغاريا، لتقديم مستويات من الأعمال المسرحية التي بيروت في حاجة ماسة إلى رؤيتها».العروض الأدبية التي يحضّر لها الأسدي ستشكل يوميات مسرح يسعى صاحبه إلى أن يكون مسرحاً يستقطب الأعمال العربية والعالمية على السواء. وقد اختار الاسدي لافتتاح مسرحه، تقديم رواية من روايتي الكاتبة اللبنانية علوية صبح، وهي «على الأرجح رواية مريم الحكايا، وسأسعى من خلال الإخراج إلى نبش أهمية هذا النص وتقديمه بطريقة مختلفة».ويؤكد الأسدي أن «بابل» موجود ليكمل الفكرة الثقافية في لبنان، وليكمل مع المسارح الأخرى رسم مســــتقبل لمجتمع أكثر مدنيّة وانفتاحاً. ويرفض الأسدي وصفه مخرجاً عراقياً يعمل على افتتاح مسرح في لبنان، لأن «بيروت ليست لبنانية، وانما هي منصة جمالية، للفنانين على اختلاف هوياتهم».

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
في اربعينية كوكب 12 ايار/مايس هذا النص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة