الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
حمامات الحي
الأربعاء 31-12-1969
 
  قصه قصيره / حسن شاكر
كان الضجيج في الصالة لا يطاقُ والعرق ينز من المسامات في هذه الظهيرة اللاهبة من صيف بغداد الكل يتحدث و ينظر بين الفينة والأخرى للساعة المعلقة على الجدار  بانتظار عودة الكهرباء. المكان يبدو لسلمان مألوفا بعض الشيء فلم يتغير شيئا به منذ أن تركه قبل حوالي ربع قرن من الزمن  .
كانت الفرحة الممزوجة بالضيق من الحر ترتسم على وجوه الحاضرين وكان سلمان مازال يفكر بصبر المحجبات اللواتي يجلسن في الصالة .لازال الحاضرون يمطروه بسيل من الأسئلة التي كانت تتكرر بين الحين والآخر .والأطفال يتسابقون للجلوس بالقرب منه وهو يحاول جاهدا   مسايرة الجميع. حول عينيه نحو الساعة وكانت تشير إلى الثالثة ظهرا حين قالـــ متى تعود الكهرباء ؟ ـــ الساعة الرابعة.أجابه عدد من الحاضرين وأنظارهم  تتجه نحو الساعة . انسل سلمان من بين الحاضرين وتوجه نحو الممر ومنه إلى سطح الدار صاعداً السلم بطفرات متلاحقة وصار يلهث بشده حين وصل السطح . توقف عند الجدار وهم بتفحص المكان ,ذهبت عيناه نحو برميل الماء العالي , ثم راح ينظر للشوارع وبيوت الجيران. كانت الشمس تملاْ الكون و السماء خالية من الطيور والعصافير . خلع سلمان القميص وكوره بالأرض ثم جلس عليه . تطلع لبرميل الماء وتمنى لو انه يستطيع السباحة به مثلما كان يفعل عندما كان صغيراً. توجه نحو الجدار وصار يتلصص على سطوح الجيران الخالية من كل شيء. حين مر بالشارع لأول مره لم يشعر أحداً بوجوده سوى بعض النظرات التي كانت مملوءة بالشك من الواقفين في الشارع هناك .لقد عرف سلمان البيوت ولكنه لم يعرف نظرات الشك في العيون . اقترب من برميل الماء العالي وتفحص الظل الأزلي الذي كان تحت البرميل .شعر سلمان انه يعرف هذا الظل بل أن هذا الظل هو جزء منه .     تسمرت أقدامه في هذا المكان عندما حطت حمامة فوق البرميل , دارت الحمامة حول نفسها دورتين ثم طارت من فوق البرميل وحطت على الأرض ومن ثم توجهت نحو الظل الأزلي الموجود تحت البرميل وصارت تنظر له بتمعن . أخذت الحمامة تتفحصه بعيونها , لا يبدو عليها الخوف منه كانت نظراتها تشير بأنها تعرفه أو إنها تعرفت عليه .كان سلمان لا يزال متسمراً في مكانه وهو يتطلع للحمامة . كان يريد أن يُحدثها , ان يقترب منها , أن يُمسد لها ريشها, أن يحضنها . طارت الحمامة نحو بيت الجيران وهي لا تزال تنظر باتجاه سلمان الذي لبس قميصه ونزل إلى الصالة .

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة