السليمانية - الملف برس: تطورت الحالات الفردية لقتل النساء او الاعتداء عليهن في اقليم كردستان ، خلال الاشهر القلية الماضية لتغدو ظاهرة اجتماعية سلبية وخطيرة تهدد ركائز واركان المجتمع الكردستاني الذي يتجه بخطى متثاقلة  نحو التحول الى مجتمع مدني متحضر .

ففي محافظة السليمانية وحدها سجلت اكثر من ( 5 ) حالات قتل للنساء خلال شهر آيار الماضي فقط ، معظمها ارتكب تحت ذريعة غسل العار او الدفاع عن الشرف ، لعل ابرزها حادث مقتل سيدة تدعى ( شوبو علي ) طعنا بالسكاكين ورمي جثتها على قارعة الطريق الخارجي بين مدينتي ( كويه ورانية ) بتاريخ  13 / 5 / 2007 .وهي قضية اثارت  تساؤلات كثيرة في الاوساط الاعلامية والمؤسسات المسؤولة عن الامن في الاقليم ، التي القت القبض على ( 3 ) اشخاص من اصل ( 8 ) متهمين بارتكاب تلك الجريمة، التي ظل المطلوبان الرئيسيان فيها، هاربين من قبضة العدالة، وهما الشقيقان ( امير و هيمن مولود ) المقيمان حاليا في بريطانيا، ما دعا وزارة الداخلية في الاقليم الى مطالبة القنصلية البريطانية في اربيل الى العمل من خلال الشرطة البريطانية للقبض على المتهمين المذكورين وتسليمهما الى القضاء في الاقليم.وطبقا لأحصائية رسمية اجرتها مؤسسة ( العش الآمن ) التابعة لمنظمة ( سايه ) المعنية بشؤون المرأة في كردستان ، فان عدد النساء والفتيات اللائي يواجهن تهديدات بالقتل من قبل ذويهن واسرهن آخذ في الازدياد المضطرد ، اذ انهن يلجأن في الغالب الى المنظمة المذكورة للأحتماء بها من مخاطر اهلهن .واكدت مديرة المؤسسة ( ليلى كمال  ) في تصريح لوسائل الاعلام المحلية ان مؤسستها سجلت ( 23 ) حالة ، لنساء وفتيات تعرضن لتهديدات بالقتل من قبل اهلهن خلال الفترة من 1 / 1 / ولغاية 20 / 5 / 2007 ، واشارت الى ان المؤسسة تمكنت من معالجة ( 22 ) حالة منها.فيما اوضحت ( كلاويز محمد ) العضوة في منظمة ( سايه ) النسوية ان المنظمة تسجل في بعض الاشهر نحو ( 50 ) حالة مختلفة تتراوح بين القتل والاعتداء بالضرب والتهديد بالقتل بحق نساء وفتيات من مختلف الاعمار . وعزت اسباب الزيادة اللافتة في عدد تلك الحالات التي تتجه نحو التحول الى ظاهرة اجتماعية منبوذة من قبل الغالبية ، الى ما اسمته بالقرارات الخاطئة التي يتخذها الشباب من كلا الجنسين للأقتران المبكر دون دراسة وقناعة مسبقة بين الطرفين.فيما اوضحت ( خانم رحيم ) مسؤولة منظمة ( ئاسودة – الاستقرار) بان حالات الاعتداء على النساء في اقليم كردستان سجلت زيادة لافتة منذ مطلع العام الحالي .وفي ضوء ذلك بادرت لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في البرلمان الكردستاني الى عقد اجتماع عاجل بداية الشهر الحالي حضرته وزيرة الاقليم لشؤون المرأة وممثلين عن لجان حقوق المراة والشؤون الاجتماعية والقانونية وباحثون في مجالات العمل النسوي ، وجرى في الاجتماع بحث ودراسة اسباب هذه الزيادة الخطيرة في حالات قتل النساء والاعتداء عليهن بذريعة غسل العار او الدفاع عن الشرف ، في مجتمع يراد له ان يكون القانون والعدل هما الحاكمان فيه .وطالبت اللجنة السلطات المحلية بالعمل الجاد لوضع حد لمثل تلك الحالات والممارسات التي تتنافى وطبيعة واعراف المجتمع المدني المنشود في اقليم كردستان .وتبع الاجتماع سلسلة من الندوات الفكرية والاجتماعات الجماهيرية في مختلف مدن وقصبات الاقليم ، القى خلالها باحثون ومختصون في الشؤون الاجتماعية وقضايا شؤون المراة ، محاضرات فكرية حول تلك الظاهرة ومخاطرها وافرازاتها  الاجتماعية السلبية عبر الاشارة الى الى حادث مقتل الفتاة الايزيدية ( دعاء ) في قصبة شيخان بمحافظة دهوك قبل ثلاثة اشهر ، من قبل ذويها وبني جلدتها الذين هشموا راسها في الشارع بالاحجار وكتل البناء ونشروا صور الحادث ،  في معظم المواقع الالكترونية ، بذريعة انزال القصاص بها ، كونها احبت شابا مسلما ، واعتنقت الاسلام من اجل الزواج به ، وبحجة غسل العار  رغم ان الفحوصات الطبية التي اجريت للفتاة المغدورة بعد قتلها اظهرت عذريتها .وعلى الصعيد الاجتماعي ادانت نخبة كبيرة من النساء من مختلف الشرائح في السليمانية  خلال لقاءات مع وكالة (  الملف برس  ) ظاهرة الاعتداء على النساء ، حيث قالت السيدة ( بيمان عباس محمد ) ( 33 ) عاما ،و تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية ، ان اعتداء الرجل على المراة امر مرفوض في عصرنا الراهن الذي يجب ان تتمتع فيه المرأة بكامل حقوقها المشروعة وفقا للشرع والقانون ، وان على السلطات المختصة العمل لسن قوانين تضمن للمراة حقها في اختيار شريك حياتها وممارسة العمل اللائق بها بمحض ارداتها وفرض عقوبات صارمة على الذين يريديون ان يعيدوا المرأة الكردية الناهضة الى القرون الوسطى .بينما اكدت السيدة ( كويستان كمال ) ( 36 ) عاما ،  الموظفة في احدى الدوائر الرسمية ان المرأة الكردية تتحمل جزء من تبعات تعرضها للأهانة والاعتداء ، كونها تنصاع بسهولة لأرادة الرجل ورغباته ، واضافت  ان على المرأة الكردية ان تستثمر اجواء الحرية النسبية المتاحة امامها الان في كردستان ، لتحقيق المزيد من المكاسب لها عبر العمل لسن قوانين تضمن حقوقها المدنية بعيدا عن التقاليد والاعراف البالية التي تكبل المرأة .فيما قالت السيدة  ( اقبال علي ) ربة بيت ( 64 ) عاما ، ان غالبية حالات الاعتداء على المرأة تنبع من التقاليد الاجتماعية البالية التي مازالت طاغية على عقول واذهان الكثير من الرجال المتخلفين الذين يرفضون ان يفهموا بأن عصر استعباد المرأة قد ولى .ولم تتوقف المشكلة عند ذلك الحد بل اثارت الانتباه في اعلى مستويات المسؤولية في اقليم كردستان ، حيث اكد رئيس الجمهورية جلال الطالباني في اجتماع مع اعضاء حزبه يوم الاسبوع الماضي في قصبة قلاجولان بمدينة السليمانية ، بان الاعتداء على النساء في كردستان امر مرفوض ، تماما وان السلطات المختصة في الاقليم ستتخذ اقسى العقوبات الممكنة بحق المخالفين والمنتهكين لحقوق المرأة في الاقليم  ،  مشيرا الى القرارات التي اتخذتها حكومة الاقليم – ادارة السليمانية – اواخر التسعينات والتي تقضي بمنع تعدد الزوجات ، وانزال عقوبة الاعدام بحق قتلة النساء تحت اي ذريعة كانت .وقال ان الاتحاد الوطني الكردستاني سيطرد اي عضو من اعضائه بغض النظر عن موقعه ودرجته الحزبية ، اذا تورط في جريمة الاعتداء على النساء .وبشكل عام يكمن الجزم بان الغالبية العظمى من المثقفين والمتنورين في كردستان تدين ظاهرة قتل النساء او الاعتداء عليهن ، لكن التقاليد البالية التي تخص المرأة وحقوقها وحرياتها الشخصية ، ما برحت هي الحاكمة والطاغية على افكار وعقول الكثيرين من الرجال في المجتمع الكردستاني ذي الطابع الاسلامي المحافظ ، وهو ما يتطلب حسب آراء معظم من التقيناهم ، اصدار قوانين عاجلة وحكيمة تضمن للمرأة حقها في الحياة وتحصنها ضد استأساد وطغيان الرجال .