حسين ابو سعود
الي الغالية فلانة
سؤالي الوحيد عن صحتكم وطيب خاطركم واعتدال اوقاتكم، وان تفضلتم بنوع من السؤال عنا فنحن والحمدلله في اتم الصحة والعافية ولا يهمنا سوي الم الفراق عنكم وبعد:

من ومض الليمون نزَ حليب احمر بلل ارجل الليل فغارت نجمة عمياء، تمسحت باهداب فراشة كانت تسير بمفردها في صحراء القيامة، وانا امسح حروف الاخبار وحبك ينعي دفء المراعي عند ولادة الاعشاب علي اسرة الهواء، يتكئ حزني مع فرحي علي غصن يتدلي من رحم الحقول الناعسة ويختال الاسي امام الدكاكين وهو يرجم الذاكرة بكرات الفجيعة فتتسلل المسرات من افواه الحكايات، والنوارس صارت تبني قصورا لها في اعماق المحيطات وتبكي البكاء هناك امام مجمرة التمني، وحبك صار كينبوع يصدر المسامير الي التضاريس والمواعيد تنتحب والنجوم تشكو الياسمين الصيفي، وصارت المياه الاسنة تاتي بالبريد المثقل بالمناديل، وصار الكلام اشجارا لا تعطي سوي المفاتيح للطرق الفسيحة، وللصدي وخز جارف يداعب مؤخرة الريح دونما موعد واحرث الحريق الباكي لا ستنبات الجواهر الصدئة في دروبك الحالكة.لقد نسجت لك من بقايا دمعي ساعة تؤخر الوقت الهزيل بمعزل عن الجدران المتحركة في نهر الشوق الذي يطير في باطن الارض كسيحا، وتعالي من داخلي صمت حزين ظل يثرثر حتي مغادرة الصباح باب المدينة، ولكي تهدأ الجراح احرقت انين الفلاسفة في قدر من زجاج طيني المزاج عصبي الانثناء، وظللت اتقافز في محراب الظلمة كقبرة ملساء تبحث عن حزمة من نور خافت، كيف افعل بحبك الذي صار كصوت المومياء يداعب جفون الحوت ويتبع القمر في انفاق الرمان، وظفائرك تتدلي من كهف المساء تدخن خارطة فرعون وتسكب في طريق الصالحين زيتا لا يضئ، ترتفعين علي ظهر حصان طائر يرفع معه كل فواكه الارض الي مآدب النائمين علي الشهب،والقارات تسير للاحتفاء بموت القطب الشمالي في فنجان قهوة، وهناك بوذي مخمور يبكي في حضرة الارق بلغة تفهمها العناكب الذهبية المعششة علي اسلحة التتار، وتضئ للمراثي وتمضي نحو نهر جيحون لتغتسل هناك الغسل الاخير، وتختفي في حقيبة امراة صنع نهداها من خشب الصاج المعطر، وعلي ارصفة الذاكرة اضع اجزاء صوتك المعجون بالنحيب الضاحك المحلي بشيخوخة الشباب العذب، وتنبت من الاسي شامة علي شعرك المصبوغ بلون المتاحف. حبيبتي اتمني لك السلامة من ثورة النيران في عشق الخاصرة المضمرة من هول المنعطفات والرمال تكسوني كالهدهد الضال وهو ينوح علي خبز يصرخ من لفح التنور في نهار الصيف، يشرح طقوس القيظ بغيظ ظاهر، لقد تعبت كما تعب جنود الروسنطوريس من السير علي الماء وهم يحملون اردية الاشباح علي زجاج ظهورهم المدببة، عيناك سيدتي مثل جمال الكون عندما يستطيل علي حقول اليانسون ويرضع مرتزقة الامبراطور تحت ظلال المعابد.اشتهي صوتك الذي ينبعث من بين الصخور كموسيقي دامسة تنفر الوحوش عن الغزلان و تتمايل علي اسدية الزهور ،وعندما اصحو عند كل خاطرة انثر رغبات الاطفال علي هموم المطر، واسافر مع الفجر الي الضفة الاخري اجمع هواجس التاريخ وبعض الالوان من اجل الحلم الوسط واضرب خساراتي بسوط الملوك.الضوء فيك فقد ملامحه وقبعتي ما زالت تشكو الظمأ وتتصلب قشرة الموز حتي لا يفتضه احد واظل في صلاتك مذبوحا اكتم انفاسي كي لا تجرفني اسماك الساقية ، وفي الختام اهديك اغنية: اراك عصي الدمع شيمتك الصبر لام كلثوم. وقد وضعت علي رسالتي عطرا لا لون له ولا رائحة امعانا في السوريالية ظنا مني بانها ستعجب من قدرتي علي التخيل مثل سلفادور دالي وتزداد بي هياما، غير اني استلمت في اليوم التالي كيسا فيه ساعة منزوعة العقارب كنت قد اهديتها لها في مناسبة سابقة مع رسالة مكتوبة علي ورق جدران هذا نصها: حبيبي السابق: لقد اغرقت في السريالية واغرقتني معك، وانا بعد اليوم في حل من البيعة، وابحث لك عن امراة ميتافيزيقية لا تمت الي الواقع بصلة يداها تحل محل الرجلين وتبصر باذنها صمت الصوت وتسمع بعينها الوحيدة دقات المطر في ساعات الضجر، واما انا فاقول وداعا الي الابد لاني اريد ان اعيش حياة طبيعية ولاني لا اناسبك وانت لا تناسبني ودمت للابداع.