الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
يوميات غياب الندى كلوم الذاكــرة المستديمة
الأربعاء 31-12-1969
 
                                                                              وائل المرعب
 في روايته ( يوميات غياب الندى ) عمد الروائي ( اسعد الهلالي ) وبقصدية
نابهة الى تمرير أستذكاراته وهي أسقاطات للماضي القريب على حاضره المثقل بالأوجاع من خلال يوميات غياب حبيبته المفترضة ( ندى ) التي أرتأت تركه والسفر الى مدينة بعيدة ربما الى أهلها ..
لذا بدا نمط كتابة الرواية مبتكرا وينتمي الى الأنماط المعاصرة من حيث تجنب الأستسلام الى السرد المتواصل الطويل وأعتماد المشاهد المتنقـّلة بين قساوات الماضي وشهواته المفعمة بالأثارة وبين أرهاصات الحاضر المغترب وأستقرار نزواته وركونه الى أصطفاء ( ندى ) كحبيبة وحضن دافيء للخلاص , وبذلك يكون قد لعب لعبته الجريئة في أستخدام الزمن بعدا رابعا يراوح به بين مشهد وآخر وأعتماده أداة فاعلة في مجرى الأحداث ليشكـّل مع أدواته الأخرى  هيكل البناء العام للرواية .  أن عيون الراوي مدربّة على أقتناص اللحظات النادرة والسريعة وخاصة في المواقف المشحونة بالعنف التي شهدت شبح الموت أكثر من مرّة , أو في المشاهد الناقعة بالدم والمأزومة حد الكفر , كما أن سخائم الحروب رسمت في مخياله هالة سوداوية تفضي الى لا جدوى الوجود , وطبعت في عقله السلبي فوضى الحياة وعبثيتها .  أن خلفية  ( الهلالي ) السينمائية تؤكد حضورها المتميّز بأستعراض بانورامي للقطة ( الصدمة ) في أكثر من مشهد خلال سرد اليوميات , وجعلتني أشعر وكأنني أمام فيلم ل ( يوسف شاهين ) وأؤمن وبيقين تــــامبأن الكاتب لو أتيحت له فرصة تحويل رواياته الى أفلام يتولـّى أخراجها بنفسه , ستكون أفلاما تشكـّل نقلة نوعية في مسيرة السينما لدينا .  كل من يقرأ ل ( الهلالي ) يكتشف أن له عينا مثقفة تدرك ماذا تريد أن تقدّم , وعقلا له القدرة في أستحضار المشهد ودراسة علاقاته والخروج بأستنتاجات محكمة بالمنطق والدراية , كما أنه لا يكتب بطريقة السرد المباشر لأستعراض المألوف من الوقائع كما أسلفنا , كما لا يكتب بالأسلوب المجرّد والمضبب والغارق في المعميات الذي يلجأ اليه البعض ظنــّا منهمأنهم يكتبون لنخب النخب !!  أنه يكتب بطريقة سحب القاريء الى موقع الحدث , ودفعه بأتجاه تحريك ذهنه وفتح مضمار خياله لخلق حالة من المشاركة الأيجابية بين الأثنين , وهي معادلة شائكة يسعى الى تحقيقها أغلبالمبدعين سواء كانوا روائيون أو شعراء أو تشكيليون أو حتى موسيقيون ,فملحمة ( نصب الحرية ) للخالد جواد سليم  مثلا هي آيقونة للأعمال النحتيةالتي حققت هذه المعادلة والتي لا زال بريقها ودويّها يملأ الأرجاء وسيظليتصاعد بوتائر أكبر ما دام النصب قائما دون أن تنل منه يد جاهلة وعابثة .  ( يوميات غياب الندى ) رواية ادانة لحقبة طويلة وقاسية من الزمن مّر بهاالعراق , وكان بطل الرواية واحد من ملايين الشباب المتعلـّم الذي سحقته حروب هذه الفترة والأساليب القمعية والوحشية لأزلام النظام أذ لوثــّت برائته وغيبّت طمأنينته حتى عّد نفسه من واحدا من الضحايا وهو لا زال حيّا ..لقد وجد في ( ندى ) الحبيبة التي كان يفترض أن يضع راحلته عندها وأن يخلع في مخدعها أزاره المعفــّر بتراب المعارك والمتهّرأة أذياله لفرط ما خاضت قدماه وحول الرعب المبثوثة على طول خط الألتحام والمواجهة لحرب بليدة ظنهّا لا تنتهي أبدا , الاّ أنها غادرته وتركته صريع  ذكرياته الجارحة .  أن تكرار محاولاته الضغط على مفاتيح جهازها النقــّال بين فصل وآخر وأستماعه ل ( الهاتف خارج نطاق التغطية ) يشير بوضوح الى تكرار خيباته التي عالجها بطريقة غرائبية هي الوقوف أمام كل رقم وأعتباره دالــّة على حدث ما .   ( يوميات غياب الندى ) مانشيت لفلم أبطاله نجوا بشطارة من السقوط فـــيدائرة التخريب , وأستطاعوا أجتياز الدهاليز المظلمة والشعاب الوعرة للوصول الى حافة الضوء ... أنها رواية تضيق بها مساحة الزمن القادم لتتوزع على يوميات الغياب وتتمطــّى فيها مساحته حتى تملأ شاشة العمر عندما تكون حبيسة أستذكارات الوطن .تشكيلي واديب عراقي

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
في اربعينية كوكب 12 ايار/مايس هذا النص
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
كفة رئيس البرلمان تنحرف داخل الإطار لصالح مرشح المالكي محمود المشهداني
بيئة كوردستان: انبعاثات "النشاطات البشرية" أكبر عوامل التغير المناخي
"ليس هناك خطأ".. منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة
أخطر مهربي البشر.. سلطات كردستان تعلن اعتقال "العقرب"
تعليق أمريكي على تخريب "مساعدات غزة"
مصر تلغي اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين اسرائيليين
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة