نظم اصدقاء الكاتبة والصحفية والتشكيلية الفقيدة تحرير السماوي، أمسية في الاول من أذار الحالي في المركز البولوني في غرب لندن لاستذكار الراحلة بمناسبة مرور اربعين يوما على رحيلها المؤلم بعد صراع طويل مع السرطان. ومعروف ان الراحلة عملت في مجال الصحافة والترجمة طويلا، حيث ابتدأت مشوارها في بيروت في عام 1979 مع مركز الأبحاث الفلسطينية، ثم انتقلت بعد الغزو الإسرائيلي للبنان إلى قبرص، حيث عملت في مجلة «الأفق» الفلسطينية، كذلك ترجمت عن الألمانية عدة كتب، من بينها كتاب «سيكولوجية المنفى والمهجر» للكاتبين الألمانيين ليون وربيكا غرينبرغ،. وهي ابنه الشاعر كاظم السماوي شيخ المغتربين، وقد عانت من فقدان اهلها واحدا بعد الاخر، اذ اغتيل اخوها نصير على يد المخابرات العراقية في الصين في بداية التسعينيات، وأغتالت هذه الفجيعة أمها، كما اغتال مرض السرطان ايضا اخاها رياض في ايران. وسبق ان هذا المرض الخبيث ان اغتال زوجها السابق الشاعر شريف الربيعي.
وفي تقديمه قال الشاعر فلاح هاشم ان الفقيدة كانت تحب الحياة، وكم رفضت الاستسلام لخاطفها. كانت عصية على قبول النهاية الى درجة جعلت أكثر اصدقائها محبة لها يتمنى ان تخصر طريق الالام الذي دخلته في ايامها الاخيرة. مؤكدا انها انسانة الاتنسى (ليس فقط لانها ترجمت كتبا ذكية في انتقاء موضوعاتها. أو ان لها في الكثير من بيوت الاصدقاء لوحة ما فرت من المعرض الذي اقامته قبل اسابيع قليلة من توديع الأهل والأحبة..ومشاوير البحث عن المسرة في حياة عراقية تبقي عراقية النهكهة في اكثر الاماكن بهجة، اوفر الأوقات سعادة).
و قرأ الفنان يوسف الناصركلمة مؤثرة لوالد الفقيدة الشاعر كاظم المساوي الذي تعذر حضور بسبب المرض، وكذلك قرأ قصيدة له في رثائها جاء فيها:
يا من ألوذ بها في كل نازلة في من ألوذ اذا حمت بي النزل
وطرقت موحشة الدروب غريبة حيث النجوم الزهر ليل أليل
أطوي الحياة على وعيد نهاية بين المقابر ، تستريب وتجهل
لا الدمع يرويها ولا مزن السما ولا زهور عطشى تجف وتذبل
أنا يا فداك العمر، فدية عمرها أمن العدالة أن أظل وترحل؟!
وتحدثت الفنانة أناهيت سركيس عن ذكرياتها مع الفقيدة منذ ايام اكاديمية الفنون الجميلة الى محطات الغربة العديدة ، مؤكدة ان تحرير ( استطاعت تحرير ان تنتقي أجمل ما اقترحه الانسان من وسائل ,ادوات لمواجهة قسوة حياة الشتات واضطرابها، وان تسترد معنى حياتها كمحور يحتفي بالانغمار والتحليق في مديات فضائه! الخزف،السراميك، الرسم، النثر، كتابة النص، والمذكرات وثم الانجذاب لعدوى المعرفة بما انتقته وترجمته من كتب نوعية، وبالصداقة ايضا فهي عند تحرير كانت بمثابة عزاء في مواجهة قلق الحياة واسئلة الوجود وهي أيضا تعويض للفقدان والخسارات الكثيرة التي ألمت بها).
وقرأت الفنانة المسرحية روناك شوقي مقالا للفقيدة تتحدث فيه عن مشاعرها في رحلتها نحو الوطن بعد 26 عاما من المنفى. كما قرأت الشاعرة ايليان داود بعض الخواطر التي كتبتها الراحلة.
وتوقف الفنان كاظم خليفة على ابداع تحرير التشيكلي، مؤكدا انها لم تعرف في وسطها الاجتماعي والثقافي بالفنانة المعنية بهم الرسم لهذا السبب و تواضعا تخشى كنية (الفنانة)، فيما بينها وبين الفن كما تقول ( مسافة قصية لم انجز من مداها سوى خطوات كنوايا مشفعة بلأمل والترجي، اما هذا وكل ما فعلت فلا يتعدى من مفاده حال السلوى ازاء وحدتي ووحشتي في الحياة.. الفن سفر طويل ينذر له كل العمر بامنتان) هذا موقفها ورؤياها من طبيعته، ومادته.
و ألقى الشاعر عواد ناصر قصيدته ( حسب توقيت بغداد) التي سبق وان اهداها الى تحرير السماوي جاء فيها:
وهناك في البحر/ في عتمة البحر/ تسقط أولى الحقائب/ ان المريض العراقي مات/في صخب التوريات/ بينما يعبر البحر بعض القطار/ يتحول شك القطارات عين اليقين/ نحن لاندعي أننا نعرف البحر يوما/ ولكننا نعرف الغارقين....
كما ألقى الشاعر فلاح هاشم قصيدة( الريشة) في مرثية الفقيدة جاء فيها:
الريشة تلعق ألوانا/ تبحث عن لوحتها/ الريشة غضت بالالوان وما من لوحة/ والفكرة فرت من وجع الأوهام/ هل نشرب نخبك ثانية ونشاكس ضيم الأيام؟ يبدوأنا لن نفرغ كأسك من جذل/ فالسكر مساررة/ والسكر مساورة/والسكر غرام/أهلا/ أهلا بالآتين..انكسر المجذاف ولم/ تخب الأشواق لحانتنا/ مادام على النخلة عذق من بلح الأحلام..
وتخللت الاربعينية عرضا للوحات الفقيدة وصورا عن زوار معرضها الاول والاخير في كاليري أرت الذي اقامته في بداية هذا العام وهي على فراش المرض. ورافق العرض موسيقى للفنان الشاب خيام اللامي. كما قدم الفنان احسان الامام عزفا على العود و والفنانة تارا الجاف عزفا على ألة القيثارة السومرية.
كتب بتأريخ : الجمعة 06-03-2009
عدد القراء : 5672
عدد التعليقات : 0