اقترح عالم الإيثولوجيا والبيولوجيا التطورية البريطاني كلينتون ريتشارد دوكينز وضع كل منجزات العصر الحديث من أدب وموسيقى وفنون في ما يشبه (الكبسولة الكونية) وإرسالها إلى الفضاء، حتى تستطيع الكائنات الفضائية أن تتعرف إلى الحضارة الإنسانية بعد انقراض البشر.
إلى جانب أعماله في البيولوجيا التطورية، يقدم دوكينز نفسه على أنه ملحد ومشكك، وعقلاني علمي، معروف بآرائه في الإلحاد ونظرية التطور، كما إنه من أبرز منتقدي نظرية الخلق ونظرية التصميم الذكي. لكن الرجل المثير للجدل تحدث في مناقشة مع عالم الفيزياء البروفيسور لورانس كراوس مساء الخميس في لندن، استضافتها مجلة "سكبتيك"، أي (المشككين)، مشيرًا إلى ضرورة إنشاء "علامة كونية"، تتضمن أعظم الإنجازات البشرية، لتكون شاهدة على حياة البشرية بعد أن تنقرض.
الموسيقى أولًا
في الآتي ما ورد على لسان دوكينز خلال اللقاء: "أعتقد أنه يجب إرسال ما يمكن أن نسميه (علامة كونية) إلى الفضاء، لأن الجنس البشري سينقرض في نهاية المطاف، وسيكون من الجميل أن نضمن أن شكسبير وباخ وداروين وآينشتاين - والإنجازات البشرية العظيمة على مر التاريخ - لن تموت معنا. نستطيع إرسال هذه العلامة الكونية على أمل أن تلتقطها الكائنات الخارقة للطبيعة يومًا ما. أعتقد أن هذه فكرة جيدة".
بغضّ النظر عن مدى صحة هذا الاقتراح ومنطقيته، لكن ما الذي يمكن إدراجه في هذه الكبسولة الكونية عندما ينقرض البشر؟. دوكينز لا يقدم قدرًا كبيرًا من التفاصيل، لكنه كتب على حسابه الخاص في "تويتر" أنه سيختار أعمالًا لشكسبير، وشوبارت، وداروين وآينشتاين، لتكون على قائمة الإنجازات التي سترسل إلى الفضاء.
وقال: "ربما الشيء الأكثر أمانًا للقيام في البداية، إذا سمحت التكنولوجيا، هو أن نرسل الأعمال الموسيقية، لأنها ستكون أفضل ما لدينا لشرح هويتنا وأسلوب حياتنا للكائنات الخارقة. أنا أختار كل أعمال باخ، ليتم إرسالها إلى الفضاء مرارًا وتكرارًا".
يقول البعض إن الكبسولة يجب أن تتضمن إنجازات أخرى، مثل نظرية داروين للانتقاء الطبيعي أو الهيكل الحلزوني المزدوج للحمض النووي، جنبًا إلى جنب مع النموذج القياسي للفيزياء (على الرغم من أنه غير مكتمل)، إضافة إلى الرياضيات، لأنها لغة عالمية تفهمها كل كائنات المجرة.
تشكيل.. ترفيه ورياضة
البعض الآخر اختار فنون أخرى، غير الموسيقى، مثل لوحات بيكاسو ودا فينشي وسلفادور دالي، إضافة إلى قواعد ألعاب الترفيه، مثل لعبة الكريكيت وكرة الشبكة، والبوكر، والشطرنج وكرة القدم، لأنها تتيح الفرصة للكائنات الفضائية على التعرف إلى الحياة البشرية بكل جوانبها.
ومن ثم هناك الإنجازات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية البشرية، إذ اعتبر البعض أن الكبسولة الكونية يجب أن تشمل نسخة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، جنبًا إلى جنب مع تشريعات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وقانون الوحدة القمرية لأبولو وخطط تيم بيرنرز لي لشبكة الإنترنت.
أخيرًا اقترح المطلعين على هذه الفكرة إرسال صور إلى الكائنات الفضائية تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية، والتي تغطي كل سنتيمتر مربع من الأرض، لتساعدهم على فهم حياة البشر بشكل تفصيلي ودقيق.