يحاول البعض أن يوهم الناس البسطاء، بأن معركتهم الحقيقية ليست مع سراق المال العام، ومروجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست السعي إلى تقسيم البلاد لدويلات طائفية.. وإنما أزمتنا الحقيقية هي مع فعاليات غنائية او رياضية ، تجرأ فيها البعض وقرر اقامتها في واحدة من المدن العراقية ، فالمطلوب أن نقيم مهرجاناً لخطب سياسيينا التي يريد لها، البعض، أن تصبح جزءاً من طقوسنا اليومية..
في جزء من خطبته، يوم الجمعة، وصف السيد صدر الدين القبانجي ماراثون رياضي دولي اقيم في محافظة البصرة بانه: "مخطط لإفساد ومسخ هوية الشعب ضمن حرب ثقافية ناعمة الهدف منها تغيير هوية البصرة الدينية". وقدم القبانجي الشكر لشيوخ العشائر الذين رفضوا هذا المهرجان الرياضي، تخيل جنابك حدث رياضي تشارك به 44 دولة وأكثر من 140 عداء دولي يتحول حسب رأي السيد القبانجي الى مؤامرة ضد مدينة البصرة "المقدسة"، ولا اعرف ما حكاية المدن العراقية التي تحولت جميعها الى مدن مقدسة لا يجوز فيها الغناء ولا الفعاليات الرياضية. السيد القبانجي وهو ينفعل ضد فعالية رياضية، متوهماً أن العراق يعيش في عصور الجاهلية!!، لم اشاهده يوما ينفعل ضد سرقة اموال الشعب، ولا غضب ضد سوء الخدمات وانتشار المخدرات وارتفاع معدلات البطالة، ولم يحتج عندما اطلق الرصاص على المتظاهرين الشباب، لم اسمع له يوما خطابا يدعو الى الوحدة الوطنية والتفاني في حب العراق، ربما سمعت له اكثر من مرة اشادة بالجمهورية الاسلامية في ايران.. لكن الحديث عن تطور العراق ومكانته حرام شرعاً في نظر السيد القبانجي .
في كل مرة يخرج علينا السيد القبانجي ليذكرنا بأننا دولة إسلامية، وأتذكر في تظاهرات تشرين وبعد مقتل 700 متظاهر ، ثار القبانجي وأرعد وأزبد، ليس دفاعاً عن دماء الذين قتلوا ، وإنما مطالباً الشعب العراقي بأن لا يشارك في هذه الاحتجاجات، لأنها ترفع شعارات "نريد وطن"، فمثل هذه الشعارات حسب رأيه ليست مطالب خدمية أو إصلاحية، وإنما شعارات تريد العودة بنا إلى الحكم "اللاديني".
إن حديث السيد القبانجي عن استهداف الدين يعني بشكل واضح أن الذين شاركوا في هذا الماراثون الرياضي يعادون الدين، وهو حديث للأسف يفضح كل ما كان مخفياً من شعارات عن الديمقراطية وحق المواطن العراقي بالحرية الشخصية.
والغريب أن خطيب جمعة النجف، يريد أن يختطف القضية بعيداً عن جوهرها الحقيقي، ويعيد تسويقها للناس على أنها معركة إسلام ضد علمانية، أو، وفقاً لحالة الغضب التى ظهر عليها، أنها معركة بين مؤمنين وكفار، كما أن الرجل لم يتمالك نفسه فاعتبر أن العراق أصبح بلده لوحده ، وعلى الآخرين أن يبحثوا عن تأشيرة هجرة إلى بلاد الكفار، إذا لم تعجبخم فرمانات القبانجي .