أغلق البرلمان أبوابه وغاب نوابه في وقت تمر فيه المنطقة بأحداث مصيرية، فقد اخبرتنا الانباء الواردة من قبة مجلس النواب العراقي عن غياب ما يقارب المئتين نائب عن جلسة كان يفترض ان تناقش تداعيات الحرب الدائرة من حولنا . فشل برلماننا العتيد في جمع اعضائه الذين قرروا ان يرفعوا شعار "لا نرى.. لا نسمع.. لا نتكلم".
نواب ظلوا يملأون احياتنا بلافتات وشعارات عن الإصلاح وبناء الدولة في عبارات فقدت صلاحيتها منذ أن خرج علينا إبراهيم الجعفري بمصطلح "القمقم"، وأوهمنا صالح المطلك أن نواب البرلمان يسعون لبناء العراق، فاكتشفنا أنهم يبنون أرصدة ومشاريع خارج البلاد. نواب دخلوا في غفلة من الزمن إلى القبة السحرية وفاحت لهم ابواب مغارة علي بابا، ونجدهم يتبارون في خطابات نارية دائماً ما تساعد على انتشار فايروس جديد في الجو اسمه الاحتباس السياسي وهو أخطر بكثير من الاحتباس الحراري الذي تعاني منه البشرية. ولعل المواطن وهو ينتظر اجتماع البرلمان ا يتساءل: ماذا سيقول النواب الذين قرروا ان يواصلوا النوم؟ حتماً سيملأون الفضاء بخطب وكلام معاد إلى درجة الملل لتكون النتيجة في النهاية صفراً في كل الاتجاهات. المواطن المغلوب على أمره يدرك جيداً أن أعضاء البرلمان لن يختلفوا فهم سيتفقون على شيء واحد مهم وهو الحفاظ على المنصب. ولهذا أعتقد بأن البرلمان يضع على جدول أعماله فقرة واحدة هي كيف الحفاظ على المكاسب والمناصب.
منذ سنوات وهذه البلاد تنظر بأمل إلى قبة البرلمان، فيما السادة النواب يترددون في خطواتهم، لأنّهم يرون في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا نشبت حرب في المنطقة ؟، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح لنواب لم يجلسوا تحت قبة البرلمان بأن يستلموا رواتب شهرية بالملايين وتحيط بهم الحمايات والسيارات المصفحة ويتجولون في بلدان العالم على نفقة برلمان معطل لمجلس النواب.. وتسمح لـ"الشيخ" يزن مشعان الجبوري ان ترافقه حمايات عسكرية تُدفع اموالها من حزينة الدولة.
ماذا فعلت السرعة بنا؟، جعلتنا نتخلّى عن عقلية "تكنوقراطيّة" بوزن عتاب الدوري ، للاسف توهمت الناس وهي تذهب للاستفتاء عليه عام 2005 أنه سيساعد البلاد في التطلع إلى المستقبل وينهي عهد الحزب الواحد والنظام الواحد، فإذا به وبفضل عبقرية صالح المطلك وابتسامات عالية نصيف و"حنكة" همام حمودي، يعمق هذه المشكلات والانقسامات، وليكتشف المواطن أنه يعيش مع دستور كُتب وصمم لمصالح الأحزاب والكيانات السياسية.
22 عاما من الطائفية والمحسوبية والانتهازية السياسية وما رافقتها من مآسي يمكن أن يختصر في معارك من أجل برلمان انتفض من اجل قانون يهين المرأة ويحط من مكانتها في المجتمع، ولم ينتفض للطائرات والصواريخ التي تنتهك سيادته.