الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ذكرى ثورة 14 تموز 1958 في العراق

تمر الذكرى ال 67 لثورة 14 تموز التي قادها مجموعة من الضباط الكبار وفي مقدمتهم قائد الثورة الشهيد عبد الكريم قاسم والتي أسقطت الحكم الملكي في العام 1958. وأسست للحقبة الجمهورية. ويتفهم القارئ او المحلل السياسي جوهر التقييمات المختلفة للحقب التاريخية في العراق وخاصة في حقبتي الملكية والجمهورية الأولى وتداعيات كل منهما على الآخر وقد عبر هذا الحدث المفصلي في تاريخ العراق عن نضوج العوامل الذاتية والموضوعية في أحداثه إلا أن نقل الثورة إلى مسارات مستقرة بما يفضي إلى نظام حكم ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة سلميا و ديمقراطيا قد تعثر وفشل بسبب القصور الفكري والسياسي لبعض من قيادات الثورة وتكالب الأعداء عليها في الداخل والخارج مما سهل عملية الانفراد في الحكم وانحراف مسار الثورة لاحقا.

قراءة الثورة اليوم تختلف عن قراءتها قبل 67 عاما

بفعل تراكم المعارف النظرية والممارسات والخبرات العملية في التغير السياسي وجوهره والكيفية التي يتم بها حل أزمة الحكم والنظام السياسي، حيث ان القراءة الفردية بعيدا عن تأثيرات العقل الجمعي او الهبات السيكولوجية الجماهيرية يضفي بعدا منصفا عادلا لثورة تموز بعيدا عن المزاج المضر والمنحاز، الأمر الذي يحرم تقييم تلك الحقبة بديناميات العقل غير المتحيز والمتأثر " بسيكولوجيا الجماهير ".

الهبات الجماهيرية الفاقدة للتفرد والعقلانية هي من أفسد مسارات الثورة وحراكها المشروع صوب التغيير المنتظر للخلاص من نظام قوامه الإقطاعية والقبلية والطائفية في نظام يقف على قمته ملك ليس عراقيا، فكان الشارع العراقي لا ينصاع إلا بتوجيهات من الراعي السياسي او الديني لأحداث خراب في مختلف الاتجاهات وكانت الاندفاعات الضارة ليست دفاعا عن الثورة بل من حيث لا يعلم الجمهور هو حفر في العمق لتسهيل سقوطها بيد اعدائها.

وللأسف ان الحقبة آنذاك هي حقبة سايكوـ جماهيرية قوامها العزف على الانفعالات بعيدا عن التأثر الحقيقي بالفكر التقدمي ومشروعه الكبير في تحقيق العدالة الاجتماعية وطموحاته في تحقيق السعادة المجتمعية للخلاص من الفقر والبطالة والفاقة وتحرير العراق وثرواته من السيطرة الاستعمارية. قيادة الثورة بفعل محدودية تفكيرها وهذا ليست عيبا فيها بل بانتمائها العسكري المعروف الذي من الصعب عليه ان استلم السلطة بواسطة الدبابة ان يسلمها لاحقا الى القوى المدنية, وكانت قوى قيادة الثورة وخاصة جناحها العسكري مغرمة بالخطابات الرنانة التي تتدغدغ العواطف وتقصي العقل من دائرة الفعل, وكان الانفراد وعدم الأصغاء من قبل القيادة العسكرية للقوى المحركة للثورة بل العداء لها هنا وهناك احد اسباب انحرافها وفشلها لاحقا, فالزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم في لحظات كثيرة لم يفرق بين خصومه وانصاره فكان بالنسبة له الجميع سواسية وكان اخترها تحت شعار " عفا الله عما سلف " الذي اودى بحياة الزعيم النزيه وكان خاتمتها الانقلاب الدموي في 8 شباط عام 1963عند استلام البعث للسلطة.

نظام الحكم اليوم في العراق وفق الدستور ما بعد الاحتلال هو جمهوري أي يفترض ان يكون امتدادا طبيعيا للجمهورية الأولى ولا يفهم من نظام المحاصصة كيف يتم اغفال ولادة الجمهورية الأولى في العام 1958 او تهميش ذكراها باختلاف الرؤى والتقييمات لها حيث يفترض ان يجري التركيز عليها في إطار شكل الحكم وليست تفاصيل الأحداث التي قد نتفق او نختلف معها بعيدا عن ارضاء بعض قيادات الأحزاب الطائفية السياسية والصفقات المشبوهة التي تستهدف تزوير التاريخ واحتكار الحقائق وتوظيفها لخدمة مصالح ضيقة فالعراق جمهوريا شئنا أم أبينا ويفترض ان يكون الدستور هو وثيقة العقد الاجتماعي التي أتفق عليها لا مزاج العداوة والكراهية.

د. عامرولتكن ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز درسا في قيمة التداول السلمي للسلطة واحترام ارادة الشعب العراقي في اختيار ممثليه عبر ممارسة ديمقراطية نزيه لا يكون فيها للسلاح مكانا في أكراه الشعب على الاختيار.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 14-07-2025     عدد القراء :  15       عدد التعليقات : 0