الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إكرام المجلس دفنه

الحل الأسهل، في مأساة هذه البلاد التي سرق منها " الأخضر واليابس "، هو إشغال الناس بمعارك جانبية، ففي الوقت الذي تعاني فيه العاصمة من غياب الخدمات، وانتشار العشوائيات،، وجدنا مجلس محافظة بغداد يخصص وقته " الثمين " لمعركة منصب المحافظ. قبل ما يقارب الشهر اجتمع المجلس وقرر إقالة المحافظ عبد المطلب العلوي، وانتخب حيدر موحان محافظا جديدا،. وعندما تسأل ما السبب، يقولون لك انها مناصب سياسية يجب ان توزع بالعدالة المحاصصية، ولم تمض على قرار إقالة المحافظ 24 ساعة حتى اعيد الى منصبه وباجماع اعضاء المجلس ايضاً. هل انتهى الامر عند قرار العودة ؟، لا ياسادة فقد اجتمع المجلس من جديد ليقرر اقالة المحافظ مرة ثانية وبالاجماع أيضاً.

اقالة ثم اعادة، ومعارك صارخة داخل مجلس المحافظة، والنتيجة ان هذا المجلس يصبح في عداد الأموات حين تضع المنظمات الدولية مدينة بغداد في قائمة أسوأ المدن في التصنيف العالمي.

قبل أعوام أصدر المهندس المعماري موفق الطائي كتاباً بعنوان "بغداد جنة.. مع وقف التنفيذ"، ولو لو كنت مثل المهندس الطائي وعرفت بغداد طفلا وشابا، عرفت حدائقها الصغيرة، والبيوت الهادئة، وتنعمت بمشاهد شوارعها في الستينيات، ومررت من أمام مقهى البرازيلية،أو وقفت تتفرج على ما يعرضه حسو إخوان، لو كنت مثله بالتاكيد سوف تعتبر أن بغداد أجمل مدن الارض.

في كتابه يوجه موفق الطائي نداءً صادقاً "حافظوا على بغداد" حيث يطلب منا أن لا ننسى وصية معلمه محمد مكية التي كتبها قبل وفاته بأيام "استمعوا إلى بغداد.. أصغوا إلى صوتها كثيراً.. ستكتشفونه في حركة الشجر والنخيل.. في دفق ماء النهر.. في الضحكات الصافية.. تأملوا لونها.. تجدونه في الطابوق.. في الخشب.. في زرقة الماء.. في سمرة الأهل".

اليوم ونحن نيد الاستماع الى صرخة موفق الطائي، ننظر إلى بغداد وهي تنزلق، نحو عصور الفشل والعتمة!، المسؤول فيها لا يسمع سوى صوته.

وانا اقرأ اخبار مجلس محافظة بغداد تذكرت ما كتبه شاعر العراق الرصافي:

ويلٌ لبغدادَ ممّا سوف تذكرهُ عنّي

وعنها الليالي في الدواوينِ

لقد سقيتُ بفيضِ الدمعِ أربعها

على جوانبِ وادٍ ليس يسقيني

أفي المروءةِ أن يعتزّ جاهلها

وأن أكونَ بها في قبضةِ الهَونِ!

وأن يعيش بها الطرطورُ ذا شَممٍ

.. وأن أُسامَ بعيشي جدع عرنيني!

ما هو تعريف الطرطور؟ اتركه لجنابك او اتمنى عليك ان تتذكر قصيدة الجواهري الكبير وهو يخاطب الطراطير: " أي طرطرا تطرطري تقدمي تأخري تشيعي، تسنني "، ونضيف لها تحزبي.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-07-2025     عدد القراء :  9       عدد التعليقات : 0