أكد مستشار المنتخب الوطني الأسبق د.حارس محمد أن إقالة مدرب المنتخب راضي شنيشل وما يتعرّض له اتحاد كرة القدم من تظاهرات احتجاجية ضد سياسة عمله هو أمر متوقع منذ فترة طويلة نظراً لتراجع مستوى اللعبة وإنعدام أملها بإمكانية تغيير تلك السياسة في ضوء تكرار ذات الاسماء في مجلس الإدارة بسبب قصور فاضح لدور الجمعية العمومية. وقال حارس في حديث لـ(المدى) : سبق أن وصفتُ عمل اتحاد كرة القدم أنه لا يرتقي الى مستوى التخطيط في الفرق الشعبية ، وصراحة لم يكن تصريحي بدافع التقليل من شأن العاملين في الاتحاد كما حاول أحدهم إساءة الفهم وخلط الأوراق لأنني كنت اتحدث عن حالة فنية ، بل لأن العمل في الفرق الشعبية يخلو من الكراهية بعكس الحال في الاتحاد ، والدليل أن رئيس لجنة المنتخبات فالح موسى ذكر في لقاء تلفازي انه يحتفظ بتصريح حارس محمد في وحدة تخزين الكتروني ( فلاش ميموري ) كي لا ينساه، وهذه فرصة لأعتذر من الفرق الشعبية لأنها لا تستحق أن نقارن أفكار الاتحاد الحالي بها كونها مفعمة بالمحبة، بينما أجواء الاتحاد تمتلئ بالحقد.
خطوة غير نافعة
وأضاف أن قرارات الاتحاد باستحداث لجنة تشرف على العمل وتخطط بحلول علمية للمرحلة المقبلة ، هي خطوة غير نافعة حتى لو أتت بمدربين من مقام مورينيو أو غوارديولا ، فنهر الكرة العراقية الجاري منذ سبعينيات القرن الماضي أغلق بصخرة كبيرة تمنع جريانه ولا حل إلا إلا بإزاحة الاتحاد الحالي من طريق الكرة لتواصل تطوير المواهب وتصنع منتخبات قوية ، عندذاك يصل خيرها لجميع المساحات المثمرة بالموهوبين. واستدرك - كانت كرتنا في أسوأ حال عام 2007 بسبب الاحتقان الطائفي الذي اجتاح العراق بفعل تدبير أعداءه ، لكنه توقف بتأثير 450غم من الجلد ، فسحر الكرة هو من وحّد العراقيين بعد فوز منتخبنا بكأس آسيا ، وللأسف اقول لأعضاء الاتحاد انتم لا تجيدون فن التعامل مع الكرة ، وليست لديكم القدرة على توحيد العراقيين ، انتم تبعدوننا ولا تجمعوننا وأوصلتم كرتنا الى نفق مظلم متمثلاً بأكبر عدد من الخسارات في تاريخها عدا إضراركم بالفئات العمرية التي دمّرت اجيالاً كاملة.وأوضح أن هناك تراكمات كثيرة خلفتها إدارة الاتحاد الحالي من إقصاء الكفاءات وما أسفر عنه من نتائج مخجلة أنهت الجيل الثاني الذي يمثله علي عدنان وضرغام أسماعيل بعد جيل يونس محمود وهوار ملا محمد وغيرهم ، وتفاقَم العجز لدى الاتحاد بعدم قدرتنا على اللعب في ( الفيفا دي ) لانهم لا يستطيعون تأمين مباراة دولية ودية ولا التواصل مع العالم الخارجي ، الاتحاد يعمل بتخطيط يومي وليس مستقبلي ، منذ أن جاءوا بالمدرب زيكو لم ينجحوا بإجراء مباراة ذات قيمة عالية حتى سئِم الجمهور وأيقن أنهم غير قادرين على الاستمرار وعليهم أن يبتعدوا ، أما قيامهم بتسمية ثلة من الخبراء والأكاديميين في اللجنتين الفنية والمنتخبات فلا يضحكوا علينا لأننا نعرف كيف تدار هاتين اللجنتين ولا تستطيعان العمل من دون أوامر الاتحاد.
مفارقة مبكية
وتساءل حارس : كيف نأمل رُقي اللعبة واستقرار شأنها الإداري ولم يزل اتحاد الكرة يدفع الشرط الجزائي للمدربين الأجانب ، ولا يَعرف تنظيم شروط التعاقد معهم ؟ أي منطق هذا يَقصون المدرب أكرم سلمان من مباراة واحدة بينما يبرمون عقداً مع راضي شنيشل لمدة ثلاث سنوات تأسيساً على تجربته في أمم آسيا 2015 ، والمفارقة المبكية لمن يعتصره قلبه على سمعة اللعبة أن الكابتن أكرم فاز على الكونغو الديمقراطية وحسّنَ تصنيفنا وصعد ببلدنا الى المستوى الأول في قرعة المونديال 2018 وتم مكافأته بتجريده من منصبه بعد خسارته من اليابان ودياً ، بينما راضي سجّل أكبر خسائر في تاريخ كرتنا وأبقى الاتحاد عليه حتى انتهاء لقاء السعودية في جدة محققاً فوزاً يتيماً وتعادلاً مع خمس خسارات!
وأكد حارس انه من الخطأ تقييم مدى أهلية راضي شنيشل لتولي مهمة المنتخب استناداً لعمله في أمم آسيا 2015 لوجود ملاك فني بصفة مستشار برفقته وهما يحيى علوان ونزار اشرف ، وهي مسألة طبيعية لا تثير حساسية المدربين في الخارج ، فمدربين من طراز مورينيو وكونتي يستمدان قوتهما من قوة الطاقم الفني المساعد ، راضي أصرّ هذه المرة أن يعمل وحده ، وسبق أن نصحته قبل بدء التصفيات أن ملاكه المساعد ضعيف ولا يقوى على تقديم المشورة الصحيحة وأنه يحتاج الى مستشار أجنبي ، كما حذّرته من أن نتائج عمله ستظهر لنا جيلاً فنياً ضعيفاً ، ولم يأبه لا للنصيحة ولا التحذير!!
واستشهد حارس بطلب مدرب المنتخب الإيراني البرتغالي كارلوس كيروش من الاتحاد الايراني لكرة القدم الاستعانة بمواطنه نيلو فينغادا قبل مباراة كوريا الجنوبية الحاسمة في طهران ضمن تصفيات كأس العالم 2014 ، وبالفعل حقق له الاتحاد رغبته وعملا سوية وفازت إيران بهدف يوم 18 حزيران 2013 وأمّنتْ النقطة 16 بفارق نقطتين عن كوريا الجنوبية وتأهلت الى المونديال وعندما سألوه في المؤتمر الصحفي عن صاحب الفضل في التأهل قال بتواضع : أنه استاذي فينغادا.
مهمتا الشرطة والمنتخب
وعن مدى جدوى معايير اتحاد الكرة في اختيار المدربين للمنتخب الوطني وهل أحسنَ في تسمية راضي للتصفيات ؟ قال: شخصياً أعد راضي أخفق في مهمته ولم يفشل لأن هناك من يشاطره المسؤولية ، والاتحاد يتحمّل جزءاً كبيراً من ذلك بحكم معاييره العائمة أثناء المفاضلة في الاختيار، لاحظوا أن راضي رجع من قطر وتسلم تدريب فريق الشرطة ولم يوفق معه لأنه مسك مهمتين مرة واحدة وهو خطأ فادح ، وكان المفروض بالاتحاد أن يفرّغه من الالتزام مع الشرطة لأنه سلاح ذو حدين ، أولاً كونه لم ينجح مع الشرطة وخسر من رصيده كثيراً ، وثانياً عندما اتجه الاتحاد نحو المنتخب الأولمبي كانت تنتظره فاصلة مهمة هي من قصمت ظهر الوطني إذ أخفق الاتحاد في عدم جمع المدربَين بواجب الأولمبي ، فأنفرد راضي بتشكيلة جلّها من الدوري وخسر مع اندية خارجية بصورة قلّلت من رصيد الكرة العراقية ، ولما حانت اللحظة لمواجهة استراليا في أول تحدي له في التصفيات برهنت المباراة أن راضي ليس لديه خبرة المباريات الدولية !
وتابع : لم ننقطع عن تحذير راضي عن أخطائه منذ الاستوديو التحليلي الأول أمام استراليا في بيرث ، قلنا يجب أن يخوض المباراة باللاعبين أنفسهم الذين استمر معهم زميله شهد في ريو ، وخاصة خط الدفاع الرباعي ، أي 9 لاعبين أساسيين ويضيف لهم جيستن ميرام واحمد ياسين وبمرور الأيام يغيّر ما يشاء ، بينما راضي عمل العكس ، قام بتغيير الدفاع حيث جاء بضرغام اسماعيل من ظهير يسار وثبّته كمتوسط دفاع ، في حين لديه سامال سعيد وسعد ناطق بالمركز نفسه ، وهذا إجراء غير صحيح ولا أعرف كيف بادر به في مباراة صعبة خارج ارضه وتشكيله كان غريباً ولم يحسب أنه معرّض للخطأ أمام بطل آسيا المتسلح بجمهوره !
وكشف مستشار المنتخب الأسبق أن راضي شنيشل زجّ بـ 28 لاعباً في ست مباريات ( استراليا والسعودية واليابان وتايلاند والإمارات ثم استراليا ) حيث بدوا فاقدي الثقة بأنفسهم نتيجة عدم حفظ الواجبات لتكرار تغييرها - تصوّروا حتى في الثمانينيات لم نلعب هكذا تشكيلة ، بل كنا 11 لاعباً اساسياً نجتمع ونتمرن لمدة سنتين لكي نحفظ الواجبات وفي الأوقات الإضطرارية كان عمو بابا أو غيره يجري عملية استدعاء لاعب أو لاعبين للمنتخب فقط حسب حاجته - أما في مباراته السابعة مع السعودية في جدّة استجاب الى حديثنا الذي قلناه في الاستوديو الأول وأشرك 9 لاعبين اساسيين ومعهم أحمد ياسين ، ولو سمع الكلام أول مرة لما لعب بالاسلوب والتشكيل المرتبكين.
التنظيم الدفاعي
ولفت حارس الى أن مستويات فرق مجموعتنا الثانية في تصفيات روسيا المونديالية كانت متقاربة مع بعضها ومن الممكن أن يبرز لاعبونا في ربع الساعة الأول في أية مباراة ، لكن الدقائق التسعين تحتاج الى ثبات في التشكيل وتعزيز الثقة وأساليب متنوّعة ممكن أن تلعب 20 دقيقة بأجادة تامة أمام اليابان وشوط واحد مع السعودية ونصف ساعة مع استراليا ويظهر الفريق بصورة رائعة ، لكن كل مبارياتنا خسرناها في الشوط الثاني بسبب عدم الاستقرار وعدم تنظيم وثبات دفاعنا، ويحضرني هنا درس للمدرب الهولندي رود غوليت عندما تسلّم فريق تشيلسي (95 - 98) قال " لن أغيّر في الخط الخلفي حتى لو تأتي النتائج بغير ما نطمح اليه ، لكن بمرور الأيام ممكن أن أغيّر من الهجوم نحو الدفاع" ، بينما راضي غيّر في خط الدفاع من أول مباراة وهذا خطأ كبير، وأتمنى أن يستفيد مدربونا من هذا الدرس. وأشكَل حارس على منتخبنا الوطني افتقاده الشخصية الهجومية ، وقال : يفترض لدينا لاعبون يصنعون الهجمة من الخلف ، لكن عندما يتغيّر التشكيل في الوسط يصبح الأمر صعباً إذ لم يبق لاعب إلا وجرّبه ، وهنا يفترض بالمهاجمين أن يستقرّوا لا أن يزجّهم باساليب مختلفة ( 4-4-2 و 4-2-3-1 ) والمشكلة أن راضي لم يجد صانع ألعاب من الخلف يهيئ الكرات السهلة لمهند عبدالرحيم وعلاء عبدالزهرة داخل منطقة الجزاء كما لم يقم أي لاعب بالتسديد من خارج منطقة الجزاء طوال التصفيات ، وربما سعد عبدالامير حاول أكثر من مرة لكن كراته لم تكن مؤثرة.وبالنسبة للملاحظات الفنية التي شخّصها في الجولة السابعة مع الفريق السعودي قال : للاسف فوّتنا فرصة العودة من خلال هذه المباراة ، فقد ظهر السعودي أسوأ منتخب منذ أول مرة بزغت فيه كرته مطلع حقبة الثمانينيات حتى الآن ، وكانت هنالك أخطاء دفاعية في فريقهم لم نستغلها ، حيث كنا نلعب 4-4-2 ولا نوصل الكرة الى الحالة الهجومية ولعب منتخبنا بطريقة تجنّبه الهزيمة بعدد كبير من الاهداف ، لعب منتخبنا بعشوائية برغم أنه حصل على فرص سهلة لكون خطوطه متباعدة ، أربعة لاعبين في الخلف ومثلهم في الأمام ولم يقدم أي لاعب الكرة الى مهند وحمادي ، وثمة ملاحظة مهمة أنه في كرة القدم لا يجوز أن تبدّل لاعباً بآخر وتغيّر مراكز ثلاثة لاعبين في آن واحد، عندما لعب احمد ياسين رجع علي عدنان محل ضرغام اسماعيل والأخير لعب محل علي بهجت ، وهذا لا يمكن لأنك عندما تبدّل يجب أن يحصل التغيير بأقل الخسائر، واتذكر انه في أول ثلاث مباريات مع استراليا والسعودية واليابان بدّلنا مراكز لاعبين واستبدلنا آخرين بكثرة، ما أظهر منتخبنا بصورة تدلل على خبرة قليلة ولم يتعامل راضي لصالح المجموع حتى تبديلاته انصبّت في الحالة الدفاعية برغم حاجتنا للهجوم . وصلنا الى قناعة بعد كل هذه الملاحظات أن الاتحاد كان يهدف من عقد راضي لثلاث سنوات مقابل أكبر عدد من الهزائم أنه يهيئ مدرباً لكأس العالم 2022 وليس فريقاً لمونديال 2018 أي أهتمَّ به كمدرب للمستقبل ، قبل ان يعي الحقيقة ويقيله بواقعية تشفع لها نتائجه.
جيل المستقبل
وأبدى حارس تحفظه من اطلاق مشروع بناء منتخب المستقبل على جيلي المدربين حكيم شاكر وجيل راضي شنيشل كما يسميان ، وأوضح : أن معدل الأعمار في منتخب العراق اليوم وصل 26 و27 و28 عاماً وهذه لا تصلح لبناء لاعبين للمستقبل لأنه العمل الصحيح يبدأ مع أعمار 18 و19 عاماً كي نصل الى مونديال 2022 ، فالتأسيس السليم للمستقبل لا يكون على يد راضي لأنه مشرف على فريق أول ، بل بيد مدربي الناشئين والشباب ، ومن يتكلم عن صناعة جيل يجب أن يكون كلامه علمي ، لا يمكن لأصغر لاعب مثل علاء مهاوي وضرغام اسماعيل اللذين يبلغ عمرهما 26 سنة أن يكونا ضمن مشروع صناعة منتخب للمستقبل إذ سيصبحا في سن 30 لعام 2022 ، محمّلاً الاتحاد خطأ إبرام عقود غير مكتملة مع المدربين وتنتهي بشرط جزائي كما حصل مع أولسن وفييرا وزيكو وكان حكيم شاكر يطالب ايضاً به ، أنها أموال الشعب العراقي الذي يتوسم ان يفرح من خلال كرة القدم وليس أموال الاتحاد لكي يهبها كغرامات للمدربين.ووجه حارس كلامه لاعضاء الاتحاد : كيف تسعون للتأهل الى كأس العالم ومنتخبنا آخر منتخب في الخليج ؟ لقد حصلنا في المجموعة الثانية لدورة الرياض 22 عام 2014 على نقطة وهدف واحد سجّله ياسر قاسم في مرمى عُمان بينما منتخب اليمن في المجموعة الأولى حصل على نقطتين ؟ لهذا اطالبكم أن تفوزوا أولاً بدورة الخليج ثم فكّروا بالصعود الى المونديال.