بعثت "الفصائل" رسائل توضح فيها كيف ستتصرف هذه الجماعات المسلحة في المرحلة المقبلة في ظل استمرار التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل.

ويجري في بغداد دعم شعبي وسياسي لطهران بعد دعوة الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يمسك بالسلطة منذ أكثر من عامين، إلى تنظيم تظاهرات لمساندة الجمهورية الإسلامية.

ومطلع الأسبوع الحالي، هاجمت 3 مسيّرات قاعدة عين الأسد، غربي العراق، التي تضم القوات الأمريكية، في أول حادث من نوعه منذ 7 أشهر.

وانخرطت "الفصائل" في العراق في "هدنة" مع القوات الأمريكية، تزامنت مع وقف الحرب في جنوبي لبنان في تشرين الأول 2024، ولكن هذه "الهدنة" معرضة حاليًا للانهيار.

يقول عباس العرداوي، وهو مقرّب من الفصائل، إن "الخطة وُضعت ورُسمت من قبل غرفة العمليات المشتركة للمقاومة العراقية" بخصوص التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل.

والمقصود بـ"المقاومة العراقية"؛ الجماعات المسلحة الأربعة: "كتائب حزب الله"، "كتائب سيد الشهداء"، "حركة حزب الله النجباء"، و"أنصار الله الأوفياء".

وبحسب العرداوي، فإن تلك الجماعات "قررت وخططت فعليًا ماذا ستفعل في حال تدخلت أمريكا لصالح إسرائيل ضد الجمهورية الإسلامية".

وحتى الآن تنفي واشنطن التدخل في الأحداث، إلا أن مراقبين يعتقدون أن إسرائيل تحاول بشتى الطرق جر أمريكا إلى الحرب.

تهديدات ضد سفارة خالية!

حذر الناطق العسكري لعصائب أهل الحق، جواد الطليباوي، الولايات المتحدة الأمريكية من المشاركة في أي "عدوان" إلى جانب إسرائيل ضد إيران، أو استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي.

وقال الطليباوي في بيان: "نُحذّر الإدارة الأمريكية من تبعات أي مشاركة عسكرية إلى جانب حليفها الإسرائيلي في استهداف إيران الإسلامية"، مضيفًا أن "الحقائق قد انجلت ولم يعد هناك مجال للتراجع".

وتابع: "نُحذر الولايات المتحدة الأمريكية من مغبة مشاركتها العدوان مع حليفها الصهيوني في استهداف إيران الإسلام".

وأصدرت السفارة الأمريكية في بغداد تنبيهًا أمنيًا حذّرت فيه المواطنين الأمريكيين من تزايد احتمالات وقوع أعمال عنف أو هجمات ضد مصالحها في العراق.

ودعت السفارة، في بيان، جميع المواطنين الأمريكيين الموجودين في العراق إلى تجنب الأماكن التي يرتادها الأجانب، إضافة إلى تجنب التجمعات والحشود الكبيرة.

كذلك كانت قد هدّدت كتائب حزب الله باستهداف المصالح والقواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة في حال تدخلت واشنطن عسكريًا في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل.

وشهدت الأيام الماضية إغلاقًا وانتشارًا أمنيًا غير مسبوق في المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأمريكية وسط بغداد، فيما توقعت نائبة أن السفارة "فارغة".

وقالت عضو مجلس النواب مهدية اللامي إن غلق المنطقة الخضراء جاء ضمن "الاحترازات الأمنية"، مرجحةً أن "السفارة الأمريكية الآن ربما فارغة، وأي استهداف لها قد يكون رسالة غير جيدة".

وفي ظل هذا التصعيد، أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، سحب موظفين غير أساسيين من سفارتها في بغداد، لأسباب أمنية.

وشهدت بغداد يومي الجمعة والسبت تظاهرات لأنصار الفصائل المسلحة احتجاجًا على القصف الإيراني.

وأعربت الولايات المتحدة الأميركية، وفقًا لمسؤولين غربيين، عن "قلقها" على سلامة موظفيها في العراق، في ظل التصعيد والتوتر في منطقة الشرق الأوسط.

وقال مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية، في تصريحات نقلتها شبكة "CNN"، إن "الولايات المتحدة تراقب الأحداث في العراق، وهناك قلق خاص بشأن سلامة قواتنا وموظفينا".

وكانت إيران قد هدّدت في وقت سابق باستهداف القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط إذا ما فشلت مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف من امتداد الصراع إلى العراق، الذي يستضيف نحو 2500 جندي أمريكي ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، إضافة إلى نحو 900 جندي في سوريا المجاورة.

"الإطار" تحدث بعد صمت!

في غضون ذلك، اتخذ التحالف الشيعي الذي يدير الحكومة منذ نهاية 2022 موقفًا رسميًا مؤيدًا لطهران لأول مرة منذ اندلاع الحرب الأسبوع الماضي.

وقال "الإطار التنسيقي" في بيان إنه بحث في اجتماع بمكتب رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقادة التحالف، "تطورات الأحداث في المنطقة".

وأعرب قادة الإطار، وفق البيان، عن "إدانتهم واستنكارهم للسلوك العدواني المستمر لهذا الكيان"، داعين "أبناء شعبنا، بجميع عناوينه الاجتماعية والسياسية والثقافية، إلى الخروج بتظاهرات منددة بالعدوان وداعمة لصمود وثبات الجمهورية الإسلامية في مواجهته".

وانتظر "الإطار" عدة أيام قبل اتخاذ هذا الموقف، كما صمت زعماء التحالف عن التصريح بشأن الأحداث حتى وقت قريب.

وطالب نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، المؤسسات الدولية بالوقوف إلى جانب إيران.

وقال المالكي خلال احتفالية جرت في بغداد: "نحن في العراق، صحيح أن المعركة ليست على حدودنا، لكن على كل الأمة الإسلامية الوقوف إلى جانب إيران وتأييدها وإسنادها".

وأضاف: "الحرب ليست نزهة، وعلى المؤسسات الدولية الوقوف إلى جانب الحق".

الأجواء العراقية

ويعتقد مراقبون أنه من الصعوبة فصل العراق عما يجري في إيران، سواء في حال اندلاع حرب أو في حال تغيير النظام في طهران، بحسب بعض التوقعات.

وسُمع أمس دوي انفجار في مدينة أربيل، عقب تحطم طائرة مسيّرة يُشتبه بأنها أُسقطت بواسطة منظومة الدفاع الجوي التابعة لمجمّع القنصلية الأميركية الجديدة.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات في إقليم كردستان أو من القنصلية الأميركية في أربيل بشأن الحادث.

وفي وقت سابق، أسقطت قوات التحالف الدولي المتمركزة في غربي العراق طائرتين مسيّرتين "إيرانيتين" كانتا متجهتين إلى إسرائيل، حسبما قال مسؤولان عسكريان عراقيان لوكالة فرانس برس.

وخلال اليومين الماضيين، سقطت صواريخ ومسيّرات في الأراضي العراقية، معظمها في مناطق صحراوية، ولم تتسبب بأضرار بشرية.

ويوم الأحد الماضي، كشف قائد الدفاع الجوي العراقي مهند غالب الأسدي عن نشر منظومات الدفاع الجوي العراقية.

وقال الأسدي في تصريحات صحفية إن "تحريك منظومات الدفاع الجوي يتم بين فترة وأخرى ضمن الإجراءات الطبيعية والروتينية لحماية جميع الأهداف الحيوية في العراق".

وأضاف أن "القوات العراقية المسلحة بشكل عام، ومنظومات الدفاع الجوي خصوصًا، تمارس دورها الطبيعي لحماية الأجواء والأهداف الحيوية تحسبًا لأي طارئ".

وكانت بغداد قد طلبت من الولايات المتحدة "تحمّل مسؤوليتها في منع الطائرات الإسرائيلية من تكرار اختراق الأجواء العراقية"، بحسب بيان لمكتب السوداني.