في دراسة لها حول تقييم احتياجات عوائل نازحة في العراق بسبب تبعات التغير المناخي، أشارت منظمة الهجرة الدولية (IOM) إلى أنه منذ تشرين الأول 2024 ولحد الآن، ما تزال هناك أكثر من 28 ألف عائلة نازحة في 12 محافظة وسط وجنوبي العراق، 50% منهم من محافظة ذي قار، وكذلك من ميسان والديوانية، حيث برزت تحديات فرص العمل والسكن والوصول إلى الخدمات من أهم الاحتياجات التي يفتقرون إليها، في وقت أظهر فيه 10% منهم فقط نية للعودة إلى مناطقهم الأصلية.
وتشير المنظمة الدولية في دراستها إلى أنه على الرغم من أنه تم تسجيل 473 موقعًا للنزوح حتى تشرين الأول 2024، إلا أن تدفقات النزوح تتركز في عدد محدود من الأقضية في محافظات ذي قار وميسان والنجف. ومن حيث مناطق المنشأ، فإن نصف النازحين ينحدرون من ثلاثة أقضية في ذي قار، وقضاء في محافظة ميسان، في حين تستقبل خمسة أقضية فقط 60% من إجمالي تدفقات النزوح، وهي: العمارة في محافظة ميسان بنسبة 13%، وأكثر من 40% من الناصرية والشطرة والجبايش في محافظة ذي قار، والنجف بنسبة 11%.
ومع تزايد أعداد الأسر العراقية الريفية الزراعية التي تُقدِم على النزوح بسبب تبعات التغير المناخي من أجل الوصول إلى مواقع حضرية وريفية أخرى للظفر بفرص عيش أفضل وموارد بيئية أكثر وفرة، فقد سجل مرصد تتبع حركة النزوح (DTM) التابع لمنظمة الهجرة الدولية، ومنذ تشرين الأول 2024، بقاء نزوح 28,116 عائلة، ما يعادل 168,696 فردًا، نازحين من 12 محافظة وسط وجنوب العراق، نصفهم تقريبًا من محافظة ذي قار.
وتشير البيانات إلى أن معظم العائلات النازحة بسبب التغير المناخي لم تعد إلى مناطقها الأصلية خلال الموسم الزراعي الأخير، وذلك بسبب المخاطر البيئية المرتبطة بالزراعة. ومع ذلك، سُجلت بعض حالات العودة لأغراض الحصاد في وسط العراق. وإن أكثر الاحتياجات التي تعاني منها تلك العوائل هو البحث عن سبل عيش، مع الافتقار إلى مأوى مناسب وقلة الخدمات. وسجلت محافظات الديوانية وذي قار والمثنى النسبة الأكبر من الحاجة إلى مأوى وسبل العيش. أما في مناطق وسط العراق، فكانت الحاجة إلى المساعدات غير الغذائية والتسجيل الرسمي كنازحين من أبرز التحديات.
في نحو نصف المواقع، أشار مخبرون رئيسيون إلى أن النازحين بسبب التغير المناخي ينوون البقاء في أماكنهم الحالية. علاوة على ذلك، وفي ما يقارب من ثلث المواقع، لا يزال النازحون بسبب التغير المناخي مترددين أو لا يعرفون خططهم المستقبلية. ومن الجدير بالذكر أن نوايا العودة سُجلت فقط في 10% من المواقع، وفقًا للمخبرين. مع ذلك، يبدو أن النازحين بسبب التغير المناخي في المناطق الحضرية هم أكثر ميلاً للعودة مقارنة بنظرائهم في المناطق الريفية أو شبه الحضرية.
وأظهرت الدراسة أنه في بعض المواقع، كان النازحون بسبب التغير المناخي قد انتقلوا بالفعل إلى أماكن أخرى داخل العراق، وتشتمل المناطق الرئيسية التي نزح منها هؤلاء الأشخاص للمرة الثانية أقضية عفك والديوانية والحمزة في محافظة الديوانية، ومدينة الناصرية في محافظة ذي قار. وتُظهر النتائج تنوع احتياجات النازحين وتفاوتها عبر المحافظات والمناطق الجغرافية. وتُعد محافظتا ذي قار وميسان من أبرز المحافظات كمناطق تدفق للنازحين بسبب التغير المناخي، حيث تُسجَّل الضائقة المالية والاقتصادية وتأمين الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى من أكثر متطلبات العوائل النازحة بسبب المناخ في محافظات ذي قار وميسان والبصرة وديالى والديوانية وصلاح الدين.
ويشهد العراق حالتين من تأثيرات تغيرات مناخية وظواهر جوية متطرفة، متمثلة في درجات الحرارة، وأنماط هطول الأمطار، وجفاف متزايد الشدة والطول، فضلًا عن عواصف رملية وترابية متكررة، وفيضانات شديدة، وزيادة نسبة الملوحة في التربة والمياه، وتدهور الأراضي والتصحر. وإلى جانب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أدت ممارسات أخرى متعلقة بإجراءات توزيع الحصص المائية واستخدامها في العراق والدول المجاورة إلى انخفاض نسب تدفق ووفرة المياه، لاسيما في المناطق الواقعة أسفل مجرى نهري دجلة والفرات. وقد أدت هذه التغيرات البيئية إلى تدهور الظروف المعيشية، وأثرت على صحة العراقيين، وجعلت ممارسة سبل العيش المتأثرة بالمناخ، مثل الزراعة وتربية المواشي، أمرًا غير مستدام وصعب الممارسة على نحو متزايد.
ونتيجة لذلك، يغادر عدد متزايد من العراقيين من المجتمعات الريفية مناطقهم تجاه مواقع حضرية وريفية أخرى ذات فرص عيش وموارد بيئية أكبر. ومنذ حزيران 2018، يتابع مرصد حركة النازحين عدد العوائل الريفية النازحة بسبب المناخ والعوامل البيئية الصعبة. مع ذلك، لا تزال الاحتياجات ونقاط الضعف لدى أولئك الذين نزحوا بعد مغادرتهم مناطقهم الأصلية غير معروفة بشكل كاف، وغالبًا ما يواجهون بعد الانتقال صعوبات في الحصول على وظائف منتظمة وذات دخل جيد. علاوة على ذلك، كان السكان في الأحياء ذات الكثافة العالية من المهاجرين أكثر عرضة للعيش في ملاجئ حرجة أو بدائية تقع على أراضٍ عامة دون موافقات رسمية، مما يعرضهم لخطر الإخلاء.
وتتلخص الدراسة في أن هناك ثلاثة احتياجات رئيسية للنازحين بسبب المناخ، وهي: الحصول على فرصة عمل وسبل عيش جديدة، وتشكل هذه الحاجة النسبة الأكبر من المطالب وتبلغ 85%، تليها الحاجة إلى سكن ومأوى بنسبة 51%، ثم الحاجة إلى الخدمات وتوفير بنى تحتية تساعدهم في مواصلة العيش، وتبلغ نسبة هذه الحاجة 40% من مطالب النازحين.
• عن موقع ريليف ويب الدولي