يبدأ أبناء الصابئة المندائيون، يوم غد الثلاثاء، طقوس عيد "الكرصة"، وهو العيد الكبير، لكنه يتزامن هذا العام مع شهر محرم وما يتضمنه من مناسبات حزينة لدى المكون الشيعي، ما دفع برئاسة الديانة إلى إلغاء الاحتفالات بالعيد، والاقتصار فقط على الطقوس الدينية.
وتتناول وكالة شفق نيوز، الطقوس الدينية لهذا المناسبة لديانة الصابئة، التي تعد من أقدم الديانات وتعود جذورها إلى نبي الله إبراهيم ومن ثم نبي الله يحيى بن زكريا، الذي وضع تعاليمها.
وحول هذا العيد، يقول رئيس الصابئة المندائيين في العراق والعالم، الشيخ ستار جبار الحلو، لوكالة شفق نيوز، إن "هذا العيد يمثل رأس السنة المندائية، فهو يمثل تأسيس العالم المادي".
ويضيف أنه "في هذا العيد، تكونت النجوم والكواكب السبعة، وفيه زرعت الأسرار التي انبثقت منها العوالم كافة"، موضحاً "يمتد العيد لسبعة أيام، وتكون منها 36 ساعة اعتكاف في المنازل".
ويتابع "ونظراً لحلول شهر محرم الحرام واستشهاد الامام الحسين عليه السلام، وتزامن هذه الذكرى مع العيد، فقد تقرر منع الاحتفال بالعيد في العراق والعالم والاقتصار على الأدعية والصلوات فقط".
ومن شروط الـ36 ساعة، التي يعتكف فيها الصابئة، هي منع أي تواصل مع العالم الخارجي ومنعهم من استخدام الماء الجاري، ما يدفعهم إلى ملء الأواني بالمياه لغرض استخدامها خلال مدة وجودهم في المنازل، فضلاً عن منعهم من استخدام أدوات الحلاقة وغيرها من أمور الزينة، وعليهم أيضا أن يحافظوا على أنفسهم من التعرض لأي جرح، لأن خروج الدم من الممنوعات أيضاً، وتشمل هذه الطقوس الصغار والكبار على حد سواء.
وموطن أبناء الديانة في العراق هو جنوبه، إذ تمركزوا قرب الأنهار والأهوار، نظراً لعلاقتهم الوثيقة مع الماء، فأغلب طقوسهم يجب أن تجرى بالماء الجاري وليس الساكن مثل الأحواض.
ويعد التعميد بمياه النهر، من أهم وأبرز طقوس المندائيين في هذا العيد، حيث يؤكد الحلو أن "المندائي ينزل لمياه النهر باشراف رجل دين من الطائفة وصفته (الترميذا)، حيث يتم ارتداء ملابس قطنية بيضاء، سواء للرجال أو النساء أو الأطفال، على حد سواء، تعرف بـ(الرستة)، مع قراءة أجزاء من كتاب كنزا ربا، وهو الكتاب المقدس لدى الطائفة".
وتعرض أبناء الديانة في العراق، إلى الكثير من التحديات التي دفعت أغلبهم إلى الهجرة لخارج العراق أو ترك مدن الجنوب والتوجه لإقليم كوردستان، حيث استقبلت أربيل الآلاف من أبناء الديانة وفتح لهم معبداً هناك، ليمارسوا طقوسهم فيه، فضلاً عن احتضانها المئات من صاغة الذهب، وهي المهنة الأساسية لأبناء الديانة.
إلى ذلك، تؤكد المندائية أطياف عادل، وهي من سكنة محافظة ذي قار، أن "عيد رأس السنة المندائية هو من الأعياد المهمة في ديانتا، لأنه يرتبط بخلق العالم المادي".
وتشير لوكالة شفق نيوز، "نقوم بهذا العيد بالتعميد في الماء الجاري بحضور رجل دين يشرف على التعميد".
وتضيف "يذهب المندائيون في هذا العيد الى المندي (المعبد) لأداء الصلاة والدعاء، بينما تتزاور العائلات المندائية فيما بينها لتقديم تهاني العيد بعد انقضاء ساعات الاعتكاف".
وتشير إلى أن "الاعتكاف يبدأ من اليوم الأول من أيام العيد ويستمر مدة 36 ساعة، نمتنع خلالها عن الخروج من المنازل وننفصل تماماً عن العالم الخارجي".
وينتشر أبناء الديانة، وبسبب موجات الهجرة التي بدأت منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، في دول مثل السويد وألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة، وهناك بنوا معابدهم "المندي" وحصلوا على رخصة رسمية لممارسة طقوسهم وتلبية احتياجاتهم كافة من قبل تلك الدول.
وللصابئة مقعد واحد في مجلس النواب العراقي، ضمن "الكوتا" التي تمنح للأقليات، وغالباً يتنافس أكثر من شخص على هذا المقعد في كل انتخابات تشريعية.