كتل انتخابية تزعم أنها ضمن شروط الصدر

تتوالى منذ أيام رسائل إلى «الحنانة»، مقر إقامة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في النجف، من أطراف شيعية تدّعي أنها «الكتلة المختارة».

ويجري التداول مع الصدر، في نقاشات يُفترض أنها مستمرة منذ أسبوع، حول إمكانية وجود جهة قد تحظى بدعم الجمهور الصدري في الانتخابات المقبلة، بحسب مقرّب من زعيم التيار.

ولا توجد حتى الآن إجابة حاسمة من الصدر، الذي لا يزال يشعر بـ«الخذلان»، وفق تعبير نائب صدري سابق، نتيجة تنصّل شركاء سياسيين عن تنفيذ تعهدات قديمة.

وبحسب معلومات حصلت عليها (المدى)، فإن «أطرافاً شيعية بدأت في الأيام الأخيرة إرسال رسائل مكثفة إلى الصدر، عبر وسطاء، لإقناعه بأنها تنطبق عليها شروطه الخاصة بالانتخابات المقبلة».

مليونية الصدر!

تشير المعلومات إلى أن أغلب القوى الشيعية «التقليدية» هي من تسعى حالياً إلى «استرضاء الصدر»، طمعاً بنحو مليون ناخب صدري شاركوا في انتخابات 2021.

وتؤكد المصادر أن «الرسائل الشيعية لم تنقطع عن الصدر» منذ إعلان اعتزاله العمل السياسي في صيف 2022، لكنها تكثّفت مؤخراً، بعد ما كُشف في «نقاشات الحنانة» الأخيرة.

وقبل يومين، كتب زعيم التيار الصدري بخط يده، في تدوينة على منصة إكس: (مصباح الهدى ننتخب، وسفينة النجاة نركب).

وقد سخر جمهور الصدر من خصومه التقليديين في «الإطار التنسيقي»، بالإشارة إلى تسابقهم حالياً لتشكيل كتلة انتخابية تحت اسم «سفينة النجاة».

التراجع عن التعهدات

يقول نائب صدري سابق إن زعيم التيار «لا يمكن أن يشترك أو يدعم صعود كتلة فاسدة إلى الانتخابات»، تعليقاً على ما يجري في النجف.

وقبل أسبوع، كشف «وزير القائد»، المقرّب من الصدر، عن اجتماع «مستمر» في الحنانة، للسؤال عن وجود كتلة انتخابية تستوفي «شروط الصدر».

ويعتقد النائب السابق أن «الكتلة المطلوبة غير موجودة حتى الآن.. والزعيم لن يكرر تجربة الاتفاق مع طرف سياسي ثم يُخذل كما جرى سابقاً».

وكتب «وزير القائد»، في حسابه على منصات التواصل، نقلاً عن الصدر: «يسألنا: مَن من الكتل المرشحة للانتخابات برأيكم يمكن أن يكون برنامجها: الاستقلال بلا تبعية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقوية الجيش والشرطة، وحلّ الميليشيات، ودمج الحشد الشعبي في القوات الأمنية أو تنظيمه، والتمسك بحب الوطن، وكشف الفاسدين، والسعي للإصلاح؟»

وتابع الصدر بحسب «وزير القائد»: «ما هي الضمانات التي يمكن أن تؤخذ منها مقابل إعطائها أصوات الشرفاء؟»

ويربك ما يقوم به الصدر خصومه في لحظة حرجة قبيل الانتخابات المقرّرة قبل نهاية العام، علماً أنه كرر مراراً عزمه مقاطعة الاقتراع.

«تعرية سياسية»

ويرى الباحث والأكاديمي إحسان الشمري أن ما تم الكشف عنه في «اجتماع الحنانة» الأخير يبدو بمثابة «تعرية سياسية»، ويؤكد أن الصدر «لن يعود للمشاركة في الانتخابات».

وكان الصدر قد أعلن التبرّؤ من 31 عضواً في التيار، قبل ساعات من الكشف عن اجتماعات الحنانة، بسبب ترشّحهم ضمن قوائم انتخابية، أغلبها تابعة لـ«فصائل».

ويقول الشمري لـ(المدى): «لا أتصور أن الصدر سيمضي في دعم أو إسناد أي كتلة انتخابية حالياً. جميع القوى السياسية هي ذاتها؛ لم يعتذر أحد عن الفساد أو سوء الخدمات، ولم يتبنَّ مشروعاً إصلاحياً حقيقياً. هي ذات العقول وذات الأداء».

ويضيف حول نقاشات «الحنانة» الأخيرة: «الصدر يحاول أن يوضح لجمهوره أنه لا توجد كتلة تستحق الدعم، وكذلك رسالة للمترددين بأنه لا يمكن الوثوق بالبرامج الانتخابية المطروحة».

ويتابع الشمري، الذي يرأس مركز التفكير السياسي، أن الصدر «لا يريد أن يتحمّل مسؤولية دعم كتلة سياسية تدّعي أن لديها برنامجاً قريباً من توجهاته، لأن القوى السياسية قد تخلّت سابقاً عن تعهداتها مع زعيم التيار، ولا يمكن توقّع أن يكرّر الصدر التجربة. هذه مخاطرة سياسية سيدفع الصدر ثمنها غالياً، وهو لا يتحمّل إلا مسؤولية تياره».

وكان «وزير القائد» قد نشر في وقت سابق وثائق سياسية نادرة، قال إنها وُقعت قبل أكثر من شهرين من انتخابات 2021، تضمّنت اتفاقاً من 16 بنداً، أبرزها «حصر السلاح»، ووقّع عليه ستة من كبار الزعامات السياسية في البلاد.

«لا كتلة بديلة»

وعن احتمالات ظهور «كتلة بديلة» تلتزم بـ«شروط الصدر»، يرى الشمري أن ذلك «أمر بعيد عن الواقع».

ويقول: «من الصعب جداً أن تغيّر القوى التقليدية من نهجها، ويبدو تشكيل كتلة جديدة أمراً خارج المنطق».

وأضاف: «هذه القوى لا تزال تسعى للوصول إلى السلطة تحت يافطة مشروع الصدر أو إصلاح العملية السياسية، لكنها في أقصى الأحوال ستعيد تقسيم المناصب بعد ظهور نتائج الانتخابات، لا تصحيح المسار».