تعيش كربلاء "أسوأ أيامها" بحسب تعبير النائب عن المحافظة جواد اليساري، بسبب النقص الحاد في المياه وتراجع تجهيز الكهرباء الوطنية.
وتتزامن هذه الأزمة في الخدمات الأساسية، مع الاستعدادات التي تجريها كربلاء لزيارة الأربعين يوم 20 صفر المصادف (الجمعة 15 آب/ أغسطس المقبل)، التي تستقبل فيها المحافظة الملايين من الزائرين لمرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس.
ويقول اليساري لوكالة شفق نيوز، إن "كربلاء تعيش أسوأ أيامها وحالاتها جراء النقص في الكهرباء وشح المياه، ورغم تشكيل لجنة برلمانية لتوفير خدمات إضافية لكربلاء وتسهيل مهمة الزوار، إلا أن أي تحسن ملموس لم يطرأ حتى الآن".
ويعزو نائب رئيس لجنة الأقاليم النيابية، أسباب أزمة المياه في كربلاء إلى "صيانة المشروع الكبير بسبب عطل مفاجئ في أحد أنابيبه الناقلة، فضلاً عن قلة المياه من مصادرها التي تصل إلى المجمعات بنهر الحسينية الذي تعتمد عليه المحافظة، وكذلك من نهر الفرات الذي انخفض أيضاً، تزامناً مع ارتفاع معدلات التبخر وكثرة استهلاكات المياه في فصل الصيف".
ويؤكد، أن "هناك حاجة إلى تنظيم مياه نهر الحسينية على قلته، من خلال تنظيم جدول للمراشنة بين الأنهر، في ظل شح حاد تعاني منه المحافظة، ففي قضاء الحر على سبيل المثال، هناك شح شديد في الأنهر ومياه الشرب".
ويتابع "كما ينبغي أن تستعد كربلاء بشكل كامل، سواء من خلال الحكومة المحلية ممثلة بالمحافظ، أو عبر مجلس المحافظة والدوائر الخدمية، لمعالجة هذا النقص، خصوصاً مع اقتراب زيارة الأربعين".
بدوره، يوضح النائب عن كربلاء، زهير الفتلاوي، أن "قلة تجهيز الكهرباء لا تقتصر على المحافظة، بل هي أزمة في أغلب المحافظات العراقية، بسبب نقص الإمدادات من الجانب الإيراني، بالإضافة إلى زيادة الأحمال بسبب حرارة الأجواء".
ويضيف الفتلاوي لوكالة شفق نيوز، أن "في كربلاء، هناك أعمال للمديرية العامة للتوزيع في الفرات الأوسط، لربط خطوط إمداد لمحافظة كربلاء لغرض زيادة الأحمال تحضيراً للزيارة المليونية".
وعن شح المياه، يشير إلى أنها "أزمة على مستوى العراق أيضاً، حيث إن الخزين المائي في تدهور ووصل إلى 90 مليار متر مكعب بعدما كان يتجاوز 350 مليار متر مكعب في الماضي، ورغم ذلك تُصرف كميات كبيرة للمياه، إذ تطلق الموارد المائية بحدود 740 متراً مكعباً في الثانية، بينما تستقبل أقل من 300 متر مكعب في الثانية".
ويبين، أن "إطلاقات المياه من إيران انتهت، أما من تركيا وسوريا فهي قليلة، ورغم أن أغلب الإطلاقات الحالية تأتي من تركيا، إلا أن كميتها لا تكفي، في ظل غياب مفاوض عراقي قوي يضع الحلول لمعالجة شح المياه القاتل والذي هو في تدهور مستمر، وقد يضطر العراق مستقبلاً إلى مبدأ النفط مقابل المياه".
وفي ظل هذا الوضع المتدهور، تشكو المواطنة أم علي من سكان إحدى نواحي قضاء كربلاء، من انقطاع حاد في الخدمات الأساسية، على رأسها مياه الشرب والكهرباء، معتبرة أن الأقضية والنواحي "مظلومة ومهمشة" من قبل الحكومة المحلية.
وتقول السيدة لوكالة شفق نيوز، إن منطقتها تعاني منذ يومين من انقطاع تام لمياه الشرب، فضلاً عن الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، مشيرة إلى أن الأهالي اضطروا للاعتماد على شراء المياه في ظل درجات الحرارة المرتفعة.
وتضيف، أن "الحكومة المحلية غائبة عن المشهد ولا تتابع شكاوى المواطنين، رغم الوعود المتكررة بتحسين واقع الخدمات"، مؤكدة أن "الأقضية والنواحي لا تنال نصيبها من الاهتمام والدعم مقارنة بمركز المدينة".
وتطالب المواطنة الكربلائية الجهات المعنية بـ"التدخل الفوري" لإعادة المياه والكهرباء، محذرة من أن استمرار الأزمة قد يدفع السكان إلى تنظيم احتجاجات شعبية للضغط على الجهات المسؤولة.
يأتي هذا فيما يعرب المزارع علي كريم (55 عاماً)، من منطقة السنية في محافظة كربلاء، عن معاناته من أزمة شح المياه التي أدت إلى جفاف الأنهار، وتسببت بعطش المواشي وتدهور الزراعة، وسط غياب الدعم الحكومي.
ويقول كريم، الذي يعتمد على الزراعة وتربية المواشي كمصدر رزق، لوكالة شفق نيوز، إن "شح المياه تسبب بجفاف المحاصيل وعطش المواشي، وكلاهما يمثل مصدر رزقنا الوحيد".
ويشير إلى أن "عشرات العائلات في المنطقة تعتمد بشكل أساسي على الموارد المائية التي أصبحت شبه معدومة"، مؤكداً أن "الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، ولا توجد أي حلول من الجهات المختصة".
بالمقابل، يطمئن عضو مجلس محافظة كربلاء، محمد المسعودي، أن "قطع الكهرباء في المحافظة هو لفترة محدودة لا تتجاوز 10 أيام لحين إكمال المشاريع التي سوف ترفع من إنتاج الكهرباء استعداداً لزيارة الأربعين".
أما بخصوص شح المياه، يضيف المسعودي لوكالة شفق نيوز، أنه "تم توجيه كتاب إلى وزير الموارد المائية بضرورة زيادة الإطلاقات المائية لمحافظة كربلاء لكثرة أعداد الزائرين المتوقعة خلال الأيام المقبلة".
ونتيجة لذلك، يؤكد المسعودي أنه "تمت زيادة الإطلاقات المائية منذ يوم أمس، ومن المتوقع أن تزداد تدريجياً اعتباراً من يوم 1 صفر (الأحد 27 تموز/يوليو الجاري) إلى أن تصل إلى الذروة يوم 7 صفر (السبت 2 آب/ أغسطس المقبل)، حيث ستكون الإطلاقات جيدة جداً، ولن يحدث شح في المياه خلال الزيارة الأربعينية".
هذا ويحيي المسلمون الشيعة ذكرى الزيارة الأربعينية بعد أربعين يوماً على "يوم عاشوراء" ذكرى مقتل الإمام الحسين مع أهل بيته وأصحابه في واقعة الطف على أيدي جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية في سنة 61 للهجرة الموافق 680 ميلادي.